ترامب بعد اقتحام الكونغرس: المتاهة والبلاهة وسقوط حلم "المزرعة"!

ترامب بعد اقتحام الكونغرس: المتاهة والبلاهة وسقوط حلم "المزرعة"!
لأن الاختيار حق في أمريكا.. أعطي ترامب فرصة ليدخل التاريخ وتوضع صورته إلى جانب جورج واشنطن وفرانكلين ولنكولن و روزفلت.. 

حملَتْهُ الديمقراطية إلى قمة العالم..فخسف بمكانة أمريكا الأرض وأصبح البيت الأبيض بيت العائلة.. وقوانين هذا البيت لم تعد هي القوانين التي يجري تطبيقها في مؤسسة الرئاسة.. بل جرى تحويل كل شيء في هذه المؤسسة إلى ثقافة الصفقة ومفاهيمها..نسي ترامب أن القوانين والحالة المؤسساتية في أمريكا هي حالة راسخة لايمكن أن تشبه بحال من الأحوال لا خيمة القذافي ولا مزرعة الأسد .. 

ليلة الأربعاء..الثالث من نوفمبر تشرين الثاني من العام المنصرم..وعلى اختلاف المواقيت والساعات.. وفي جميع الدول والقارات، الناس أبقوا قنواتهم مفتوحة لا ليعرفوا نتائج الانتخابات...بل ليعرفوا نتيجة ترامب.. خسر أم ربح.. وما الذي سيفعله هذا الرجل في كلتا الحالتين؟ 

فالأسلوب هو الرجل.. هكذا يقول الفرنسيون، وترامب تجاوز الأساليب كلها، والتقاليد كلها وتعاطى السياسة الأمريكية كما لو أنها لعبة غولف في نادي فلوريدا.. 

وما يكشفه جون بولتون في كتابه "الغرفة حيث وقع الحدث" ليست طباع ترامب بل طريقته في الحكم وما فعله في أمريكا.. وكيف سحبها من مواقعها الاستراتيجية، وكيف رفض في البداية عقد قمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي لاعتقاده أن الأخيرة تابعة لروسيا.. وكيف حوّل نظام العمل من الـ8 صباحا إلى الـ11 وبدل الاستماع إلى تقرير يومي من المخابرات اكتفى بتقريرين في الأسبوع ..  

رفض مصافحة سلفه أوباما في حفل التنصيب، وجعل من ابنته إيفانكا مستشارة له ومن صهره كوشنر كبير المستشارين وسلمه أهم قضية صراع موضوعة على طاولة الأمم المتحدة، وصار على العالم كي يفهم سياسة واشنطن أن يتابع حساب الرئيس الأمريكي على تويتر، ليضيع بين تغريدة وأخرى تناقضها.

لايطيق الإصغاء بحسب بولتون .. و لا يسأل أحدا فيما يفعل..ولا أحد يمكن أن يتوقع ما سيقول وما سيفعل..  لم يترك صديقا من حوله.. ولم يترك موظفا إلا وأقاله.. ولم يترك موضوعا إلا وتحدث فيه.. من الطب إلى الجراثيم والأوبئة والعلوم كلها.. لا يعرف أين يتوقف.. ولم يعرف أن السياسي له حدود.. دمر  علاقات أمريكا مع حلفائها وذهب إلى ألد أعدائها  في كوريا الشمالية وجعل من روسيا صديقة وأطلق يدها في سوريا بمثل مافعل سلفه أوباما الذي كان ينتقده بشدة.. أعلن الحرب الاقتصادية على الصين.. ووجه الإهانات إلى ألمانيا وفرنسا والناتو. وخاطب منافسه بسوقية.. وأبلغ الأمريكيين بأنه لن يخلي البيت الأبيض.. ووصل به الأمر لتحريض أنصاره المتطرفين على اقتحام المؤسسة التشريعية التي تمثل الأمريكيين وجوهر ديمقراطيتهم وتحول إلى عاصفة جنون يسوّل لنفسه أن يشعل النار في ثوب أمريكا الاجتماعي.. وكانت المشاهد التي رآها العالم بالأمس مذهولاً لا يصدق ما ترى عيناه. 

المشهد في واشنطن بالأمس لم يكن يليق بدولة تقود العالم الحر.. بل أشبه ما يكون بدولة من العالم الثالث. 

وهكذا فإن الظواهر الشعبوية تمر بالدول مرور الأعاصير.. تقتلع كل شيء.. وفي نهاية الأمر تقتلع صاحبها.. إلا أن آثار الدمار والخراب تبقى إلى ما بعد رحيله بوقت طويل..  ولايبقى من ولايته إلا ذكرها كمضرب للأمثال في الجعجعة والصراخ وكثرة الكلام وقلة العمل والإنجاز.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات