حريق المنية ليس الأول.. السوريون في لبنان يتحدّون محاولات إعادتهم إلى أسد

حريق المنية ليس الأول.. السوريون في لبنان يتحدّون محاولات إعادتهم إلى أسد
في 26 كانون الأول (ديسمبر)، اندلع شجار بين لاجئين سوريين وسكان بلدة بحنين اللبنانية شمال طرابلس. في تلك الليلة تحول الخلاف المزعوم حول "الأجور غير المدفوعة" إلى فعل قبيح، إذ تم إطلاق النار، ثم أشعل مسلحون النار في خيام اللاجئين، ما دفعهم إلى الفرار والنوم في ظروف قاسية في الحقول المجاورة، وعندما عادوا في صباح اليوم التالي، لم يكن مخيمهم المؤقت أكثر من بقعة من الأنقاض المتفحمة.

كانت السنة الماضية صعبة على الجميع في لبنان، عانت البلاد من فيروس كورونا وانهارت عملتها وحدث انفجار هائل بميناء بيروت في شهر أغسطس، لكن عواقب كل هذا كانت قاتمة بشكل خاص بالنسبة لـ 884 ألف لاجئ سوري يعيشون هناك، إذ تقدر الأمم المتحدة أن 89% منهم يعيشون في فقر مدقع (ارتفاعا بنسبة 55% في عام 2019) وهذا يعني أنهم يجنون أقل من 309 ألف ليرة لبنانية شهريا - وهو مبلغ يقل عن نصف الحد الأدنى للأجور ويبلغ 36 دولاراً فقط بأسعار الصرف غير الرسمية.

أثار بعض السياسيين اللبنانيين، بمن فيهم وزير الخارجية الأسبق جبران باسيل، الغضب الشعبي تجاه اللاجئين، وألقوا باللوم عليهم في الانهيار الاقتصادي في لبنان. لم يكن الغضب في بحنين حادثة منعزلة، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد أن قَتلَ لاجئ سوري رجلاً لبنانياً في بلدة بشري الشمالية، فر مئات السوريين وسط دعوات لطردهم.

ورغم كل الصعوبات التي يواجهونها، لا يطالب السوريون في لبنان بالعودة إلى ديارهم، حيث انخفض عدد اللاجئين المسجلين (للعودة) بنسبة 23% من ذروته البالغة 1.1 مليون في عام 2014، بانخفاض قدره 263 ألف شخص، ومع ذلك عاد 55 ألف فقط من هؤلاء إلى سوريا. وبمتوسط وتيرة على مدى السنوات الخمس الماضية، سيستغرق الأمر حتى عام 2041 حتى يغادر آخر لاجئ سوري لبنان.

حرصا منها على تسريع نزوحهم، زادت الحكومة اللبنانية الضغط على اللاجئين، وصعّدت من عمليات الترحيل والقيود، ففي تشرين الثاني (نوفمبر)، عندما استضاف نظام بشار أسد في سوريا مؤتمراً حث فيه اللاجئين على العودة إلى بلده الممزق، كان لبنان الدولة العربية الوحيدة التي أرسلت وفداً.

ويجادل باحثون من مركز سياسة الهجرة بجامعة ستانفورد وجامعة eth Zurich السويسرية، بأن مثل هذه الإجراءات ستفشل، وبحسب ورقة عمل وجدوا أن 63% من اللاجئين السوريين في لبنان يأملون في العودة إلى ديارهم يوماً ما. ومع ذلك توقع 5% فقط القيام بذلك في غضون العام المقبل، وهو ما يمثل فجوة كبيرة بين ما ينوي اللاجئون القيام به وما يستعدون للقيام به بنشاط، علاوة على ذلك، لم يجد الباحثون أي علاقة بين رفاه اللاجئين في لبنان ورغبتهم في العودة إلى ديارهم.

ويؤكد اللاجئون أن ما يهم هو أن الظروف ليست في لبنان؛ بل في سوريا - وهذه الظروف تزداد سوءاً،  حيث يبدأ الابتزاز عند الحدود عندما تطلب حكومة أسد من كل مواطن عائد إلى الوطن تصريف 100 دولار إلى العملة المحلية المتداعية بمجرد دخولهم.

ويواجه السوريون طوابير ينتظر فيها الناس لساعات وأحيانًا لأيام للحصول على الضروريات مثل الخبز والوقود، علاوة عن ذلك يواجه العائدون خطر التجنيد الإجباري من قبل نظام يفتقر إلى القوى البشرية، والاعتقال التعسفي من قبل نظام متعطش للمال.

وكانت مجموعة حقوقية سورية، أسسها سجين سابق في سجن صيدنايا سيئ السمعة، أكدت أن حكومة أسد حصدت 900 مليون دولار كرشاوى من عائلات المحتجزين في سجونها منذ بدء الحرب.

الاتجاه مماثل في مصر والأردن وتركيا، التي تستضيف مجتمعة ثلثي اللاجئين (6.6 مليون لاجئ سوري مسجل). كانت تركيا الأكثر كرما، حيث توفر الوصول إلى الخدمات التعليمية والاجتماعية، على الرغم من تصاعد العداء الرسمي والعام. 

وكانت مصر والأردن أقل سخاء، لكنهما ما زالا يقدمان دعما أكبر من لبنان. وبغض النظر عن الظروف، فإن النتائج هي نفسها: في البلدان الثلاثة، ظل عدد اللاجئين المسجلين على حاله تقريبا منذ عام 2017. 

وبدون تغيير حقيقي في سوريا، فمن المحتمل أن يبقى اللاجئون المنتشرون في جميع أنحاء المنطقة (وفي أوروبا) في أماكنهم. وطالما ظل الأسد في السلطة، فلا يتوقع حدوث تغيير حقيقي.

التعليقات (1)

    الأسد داعسكن

    ·منذ 3 سنوات شهرين
    لـXXX هيك لبيخون بلدو وبيرتمي بأحضان الغير عالجهنم ونار جهنم
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات