قيمتها أقل من دولارين: فئة الخمسة آلاف ليرة قريباً قيد التداول: ضرر أم ضرورة؟

قيمتها أقل من دولارين: فئة الخمسة آلاف ليرة قريباً قيد التداول: ضرر أم ضرورة؟
بعد نفي جذري لما قيل إنها شائعات حول نية البنك المركزي السوري طرح عملة نقدية جديدة من فئة الـ5 آلاف في الربع الثاني من العام 2018، خرج مدير هيئة الأوراق المالية في البنك المركزي في حكومة أسد عابد فضلية مؤكداً أن القرار بصدد الإعلان عنه.

وصرّح فضلية في مقابلة له عبر  إذاعة "المدينة إف إم" الموالية الخميس الماضي أن الموضوع "ليس بالجديد"، إذ سبق وأن طرح على طاولة المركزي منذ  9 سنوات لكنه أُرجئ بسبب ما أسماه بـ"تخوفات السوريين غير المبررة من انخفاض قيمة الليرة السورية"، مضيفاً أنه لا معلومات لديه حول توقيت طرح الفئة النقدية الجديدة. 

واعتبر فضلية طرح فئة نقدية جديدة "مسألة عادية" يجري اتباعها في كل دول العالم، ولا علاقة لها بقيمة العملة، إنما "الوضع الراهن للاقتصاد السوري يتطلب ذلك فهو في حالة توزان"، فالأمر لا يتطلب حذف أصفار كما فعلت دول أخرى كتركيا وإيران، بحسب تعبيره.

 وبرر فضلية طرح فئة الـ5 آلاف ليرة بتسهيلها التعامل مع الفئات النقدية الأخرى وتسريعها من عملية العد، داعياً إلى طرح عملة نقدية أخرى من فئة الـ10 آلاف.

 على المقلب الآخر، أكد مدير هيئة الأوراق المالية أن العملة السورية لن تعود كما كانت عليه من قبل، كما الدولار، ودعا إلى ضرورة إعادة النظر في الرواتب والأجور للعاملين، بحسب وصفه. 

"إشاعة وتشويش" 

في 9 من أيار عام 2018 أصدر مجلس الشعب في حكومة أسد مشروع قانون ينص على تعديل المادة 16 من قانون المصرف المركزي، والذي يسمح بموجبه للبنك بإصدار الأوراق النقدية من فئة الليرة وحتى خمسة آلاف ليرة. 

لكن مشروع القانون ورغم إصداره كان في منظور حاكم مصرف سوريا المركزي دريد درغام "مجرد إشاعة تأتي في إطار حملة التشويش على مكتسبات الاقتصاد السوري والسياسة النقدية السورية"، بحسب ما نقلته وكالة أنباء أسد عن درغام حينها. 

واكتفى المصرف المركزي السوري حينها بدعوة المواطنين في 2018 إلى استبدال الأوراق النقدية التالفة من فئة 50 أو 100 أو 200 للحصول على نقود "بحالة جيدة". 

وأكد درغام عبر صفحته في “فيس بوك” أن طرح الفئة الجديدة يتطلب زمناً طويلًا للتصميم والتعاقد، والتوقيت الملائم خلال السنوات المقبلة لطرحها على ضوء تطور النشاط الاقتصادي، وبما يضمن مصلحة مختلف شرائح المتعاملين بالليرة. 

وقال درغام، إن "سوريا إذا كانت مقبلة على رواج نشاط اقتصادي كبير خلال السنوات المقبلة، فلا بد من التحضير منذ الآن لحلول جذرية سواء على مستوى الدفع الإلكتروني أو على مستوى طباعة فئات نقدية تلائم المراحل المقبلة، التي يجب أن تكون بها الكتلة النقدية معادلة دوماً للكتلة السلعية وبما لا يحرض ارتفاعات غير مقبولة في الأسعار”. 

بداعي التلف أو العجز

وتدور إشارات استفهام حول أسباب طرح العملة، إذ تعمل الحكومات في جُل دول العالم على طرح فئات نقدية جديدة في حالتين، الأولى في حال نقص الأوراق النقدية بسبب اهترائها وتلفها ما يجعلها غير صالحة للتداول بين الناس، ويدفع بالحكومات إلى استبدالها بطباعة أوراق نقدية جديدة.

 في حين تتمحور الحالة الثانية حول تمويل الموازنة العامة للحكومة بالعجز، ويعني استدانة الحكومة من بنكها المركزي لسد العجز الحاصل في ميزانية الدولة، ما يسبب آثاراً سلبية منها التضخم وطباعة عملة دون رصيد يقابلها.

 الأثر نفسي؟ 

من جهته توقع الدكتور السوري في الاقتصاد والباحث في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن كرم شعار في حديثه لأورينت نت عدم سحب للعملة النقدية القديمة ذات الفئات الأقل من 500 ليرة في حال طرح حكومة أسد لعملة جديدة، معتبراً أن أن قرار طرح فئة 5 آلاف ليرة ذو بعد نفسي، فبمجرد الإعلان عن طرح فئة نقدية جديدة كـ5 آلاف سيشعر الناس أن هناك تضخما، وسيسارعون إلى استبدال العملة السورية بالدولار وهو ما قد يسبب في حدوث تضخم حقيقي. 

وتعقيباً على تصريح مدير هيئة الأوراق المالية في البنك المركزي السوري، قال كرم شعار إن فضلية ليس مخوّلاً للحديث عن طرح فئة نقدية جديدة، إنما هذا من صلاحيات البنك المركزي فقط. 

وأوضح شعار أن المحدد الاقتصادي للتضخم هو كمية النقد الموجودة في السوق وليس وحدته، فطرح المركزي لفئة الـ5آلاف ليرة مثلًا يجب أن يقابله سحب خمسة أوراق من فئة 1000 أو ما يكافئها من الوحدات النقدية الأخرى لتجنب حدوث تضخم.

وبحسب الأرقام المعلنة، فإن عجز الموازنة لعام 2021 بلغ 2.5 تريليون ليرة (30% من قيمة الموازنة) سيتم تمويل معظمها من خلال طباعة النقد بسبب إحجام البنوك الخاصة والأفراد عن إقراض الحكومة من خلال القروض والسندات، بحسب تعبيره، كما أن موازنة سوريا لعام 2021 سيتم تمويلها بالدين لطالما أن الحكومة غير قادرة على الاقتراض، بحسب تعبيره.

ويعرف عجز الموازنة بأنه الحالة التي تتجاوز فيها النفقات حجم الإيرادات خلال فترة زمنية محددة، بحيث يكون إنفاق الفرد أو الحكومة أكثر من الإيرادات المتاحة. 

وحول هذه النقطة أوضح الباحث والخبير في الشأن الاقتصادي، مهند علوان في حديثه لأورينت أن الدول ذات معدلات التضخم المرتفع تلجأ عادة إلى معالجة عجزها النقدي إما برفع أسعار الفائدة وتشجيع المواطن على الإدخار أو بالإصدار النقدي الجديد.

 وأكد علوان أن الإصدار النقدي لفئات نقدية من ذات القيمة واستبدالها بفئات أقل لايؤثر على الاقتصاد أو الأجور أو الأسعار، لكن في الحالة السورية هناك مشكلة، فحجم الإصدار النقدي مبهم، ولا أرقام حقيقية عن حجم الإصدار الفعلي، كما أن الرقابة على الإصدار النقدي في سوريا غير موجودة، وما يتم طباعته في روسيا لا تتم تغطيته بسلة نقدية، وفق تعبيره.

ويتفق الباحث مهند علوان مع د.كرم شعار حول الهدف من إصدار فئة الخمسة آلاف ليرة، فهي لزيادة الإصدار النقدي لا لاستبدالها بالفئات النقدية ذات القيمة الأقل.

وحول حقيقة ارتفاع الأسعار، طمأن علوان بأن الإصدار النقدي الجديد لايؤثر في سعر الدولار لكن المواطن السوري ليس لديه ثقة بنظام أسد، فبمجرد التصريح أو إشاعة خبر عن إصدار فئة نقدية جديدة، تتجه الناس إلى شراء الدولار الأمر الذي يسبب لاحقاً في ارتفاع الأسعار، بحسب رأيه.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات