سوريا ولبنان تستسلمان لزيادة "متزامنة" في أسعار المحروقات

سوريا ولبنان تستسلمان لزيادة "متزامنة" في أسعار المحروقات
في سابقة من نوعها، أعلنت حكومة أسد عن تعديل  جديد في أسعار المحروقات لتكون الزيادة الأولى في العام الحالي، سرعان مالبثت أن تواردت أنباء رسمية تتحدث عن زيادة أسعار المحروقات في لبنان في وقت يعيش فيه البلدان أسوأ كارثة اقتصادية منذ عقود.

حيث أعلنت "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك" في وقت متأخر الثلاثاء الماضي عن بدء البيع وفق التسعيرة الجديدة، والتي حددتها الوزارة بـ475 ليرة لسعر البنزين المدعوم (أوكتان 90) بزيادة 25 ليرة عن التسعيرة السابقة، و.1 300 ليرة لسعر لتر البنزين غير المدعوم (أوكتان 95) بزيادة 250 ليرة عن السعر المعمول به من قبل.

وبعيد ساعات، أصدرت الحكومة اللبنانية نشرتها الجديدة والتي تقرر على ضوئها تسعير ليتر بنزين أوكتان 95 ب 28100 ليرة لبنانية، وبنزين 98 أوكتان 29000 ليرة، وتثمين سعر لتر المازوت إلى 19700 ليرة، والغاز 24000 ليرة لبنانية.

والملفت أن الإعلان عن التعديلات السعرية في كلا البلدين جاء بعد مضي أقل من 24 ساعة على نشر مدرعات بريطانية على الحدود مع سوريا "للحد من التهريب وقطع سبل المتسللين من سوريا إلى لبنان خلسة، بحسب بيان السفارة البريطانية في بيروت الثلاثاء الماضي.

 ضربة استباقية بذريعة "مؤقت"

لم تكن قرارات الزيادة مفاجئة فتنظيم داعش وجّه صفعة جديدة لنظام أسد مطلع العام الحالي باستهداف ليس بالجديد لصهاريج القاطرجي التي تقل حمولات نفطية من مناطق قسد في 5 من الشهر الحالي في بادية حماة، وتبنى التنظيم لاحقاً العملية بإعلان عبر معرّفاته الرسمية.

ورغم تشرذم هجمات داعش على حاملات القاطرجي إلا أنها سرّعت من تأزم اقتصاد النظام الذي بات معلقاً بواردات شحيحة قادمة من إيران، ودفعه لمعايشة تبعات العقوبات الغربية عليه عن قرب.

فبعد خمسة أيام على الهجوم، استبق نظام أسد قراره بالزيادة عبر إعلانه عما أسماه بـ "تخفيض مؤقت" لكميات البنزين الموزعة على المدن في 10 من الشهر الحالي بنسبة 17% والمازوت بنسبة 24%، معللاً ذلك بـ"تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها بذريعة الحصار الأمريكي".

مالبثت أن عادت طوابير السيارات المكتظة أمام محطات الوقود في العديد من المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة أسد إلى واجهة المشهد فضلاً عن تأخير ملحوظ في استلام السوريين لمخصصاتهم من أسطوانات الغاز يصل إلى 60 يوماً، بحسب ما قالته مصادر محلية لأورينت.

حيث وثقت صفحات محلية عبر تسجيلات مصورة طوابير السيارات، بينها حافلات النقل العام.

العقوبات "بريئة"

تأزم المشهد الخدمي في سوريا لم يكن في منظور الاقتصاديين مرتبط بالعقوبات الغربية على سوريا، إنما نظام أسد لم يعد يملك مبالغ كافية للاستيراد، بحسب رأي الباحث السوري في الاقتصاد في معهد الشرق الأوسط بواشنطن د.كرم شعار.

وفي حديث سابق مع أورينت، اعتبر شعار أن إيران حالياً تسعى إلى انتزاع المزيد من المكاسب من نظام أسد، حسب قوله. فالأخيرة ورغم العقوبات، تواظب  على إرسال شحنات نفطية عبر ناقلاتها البحرية إلى ميناء طرطوس.

وعلى هامش الداخل السوري، انتشرت صور ومقاطع فيديو تظهر طوابير بشرية وسيارات وعربات نقل تصطف هي الأخرى أمام محطات بيع الوقود في عدد من المدن والبلدات اللبنانية طلباً للحصول على مخصصاتهم من المحروقات بسعر مدعوم.

في حين انتشرت صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعود لمواطنين لبنانيين يتهمون البائعين بالغش والتقليل من مخصصاتهم من البنزين المدعوم، والتلاعب بالمشتقات النفطية وخلطها بالماء، مطالبين الحكومة بالكشف عن سبب الأزمة المتفاقمة في البلاد والمحاسبة وتفعيل الأمن الذي تسيطر عليه ميليشيا حزب الله.

وفي خضم ذلك، تسربت خلال الأسابيع الماضية صور تعود لصهاريج نفطية متجهة من لبنان عبر الحدود إلى سوريا ، وتبين بحسب تقارير صحفية مافيات لبنانية تابعة لميليشيا حزب الله متورطة في تهريب حقوق اللبنانيين من المحروقات إلى سوريا.

وكانت صحيفة "الأخبار" اللبنانية قد كشفت منذ أيام عن عبور مئة صهريج يومياً من لبنان إلى سوريا، عن طريق مافيات لبنانية ناشطة على المعابر غير الشرعية بين البلدين لتهريب نصيب لبنان من المحروقات المدعومة بالدولار إلى سوريا، وبيعه بخمسة أضعاف السعر المدعوم "لإفراغ سوريا من الصرف الأجنبي".

وفي السياق ذاته، شهدت مناطق سيطرة ميليشيا حزب الله الأسبوع الفائت وقوع انفجارين كبيرين في مستودعات ضخمة، وقع أولهما في ما قيل إنها مخازن مخصصة للمحروقات المعدة للتهريب من لبنان إلى سوريا، في حين اندلع الانفجار الثاني في مستودع يحوي على كميات كبيرة من المحروقات والغذاء.

و يعاني اللبنانيون من استقطاب سياسي حاد وأزمة اقتصادية وصفت بـ"الأسوأ" منذ الحرب الأهلية (1975 - 1990)، فاقمها انفجار مرفأ بيروت مطلع آب الماضي وإعلان مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات والدواء والقمح نتيجة تآكل احتياطاته.

 

 

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات