تفاصيل مثيرة: جامعة البوسفور تتصدر المشهد التركي باحتجاجات وتظاهرات غير مسبوقة

تفاصيل مثيرة: جامعة البوسفور تتصدر المشهد التركي باحتجاجات وتظاهرات غير مسبوقة
تصدر اسم جامعة البوسفور "بوغازجي" المشهد التركي في الأيام الأخيرة، وسط موجة من التظاهرات والاحتجاجات من قبل الطلاب وهيئة الكادر التدريسي، لينضم لهم جزء من المجتمع التركي، عقب تعيين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مطلع العام الحالي البروفيسور مليح بولو، رئيساً جديداً للجامعة، في خطوة اعتبرها معارضون بمثابة تعيين وصي على الجامعة، خاصة وأنها المرة الأولى منذ عام 1980 التي يجري فيها تعيين رئيس للجامعة من خارج هيئتها التدريسية.

وتجاوزت الأحداث في الجامعة المظهر الاحتجاجي في الأيام الماضية، لتصل إلى إهانة عدد من الطلاب للكعبة المشرفة، فوضعوا صورة تظهر المسجد الحرام ووجود ملايين المصلين، في حين تم إخفاء الكعبة وإضافة رسم مسيء مكانها ورسم علم المثليين على جوانب الصورة.

ورداً على الصور المسيئة ظهرت موجة من الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي، من قبل المجتمع التركي وكبار المسؤولين، تحت وسم "BoğaziciLgbtRezaleti" تصدر المرتبة الأولى في تركيا، والذي يعني "إساءة المثليين في جامعة بوغازجي".

من جهته وصف وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، فيها مثليي الجنس "بالمنحرفين" عقب إقحام صورة الكعبة والنيل من رمزيتها في الاحتجاجات، بينما اعتبر تويتر ذلك انتهاكاً لقواعد السلوك العدائي فوضع تطبيق تويتر تحذيراً على التغريدة، لكنه قرر الإبقاء عليها لأنه ربما يكون من المصلحة العامة أن يظل الوصول إليها سهلا.

وأوقفت السلطات التركية حسب ماصرح به نائب وزير الداخلية التركي إسماعيل تشاتاكلي، 528 شخصاً على خلفية تلك الحادثة، وأفرج عن 498 شخصا، بينما بقي اثنان منهم قيد التحقيق، إلى جانب 108 أشخاص تحت المراقبة، بسبب قيامهم بأحداث شغب أثناء الاحتجاجات غير المرخصة.

كيف بدأت الاحتجاجات؟

في عام 2016 صدر مرسوم في الدستور يخول الرئيس التركي باختيار رؤساء الجامعات في تركيا، ووفقاً للمرسوم عين الرئيس رجب طيب أردوغان البروفيسور مليح بولو في يناير/ كانون الثاني مطلع العام الجاري رئيساً للجامعة التي تعتبر من أعرق الجامعات في إسطنبول.

عقب ذلك بدأت الاحتجاجات بمشاركة مئات الطلاب، باعتبار بولو مقرباً من "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، بسبب ترشحه سابقاً لانتخابات البرلمان، واصفين ذلك بالتعيين الحزبي الطاعن بحرية واستقلالية الجامعات، وادعائهم بأنه من خارج إطار الجامعة وإرادة كادرها التعليمي وطلبتها ووجود من هم أحق منه بالمنصب، على الرغم من أنه قام بدراساته العليا في الجامعة وبقي لسبع سنوات فيها.

ودعا المحتجون لاستقالة بولو من رئاسة الجامعة، كما طالبوا السماح للجامعة بانتخاب رئيسها في محاولة لمناهضة قرار أردوغان، واتسعت رقعة التظاهرات لتمتد خارج أسوار الجامعة وتشمل عدداً من المناطق، وجامعات في العاصمة أنقرة وأزمير، عقب تفريق قوات الشرطة للطلبة وإلقاء القبض على عدد منهم، بعد أن خرقوا قرار حظر التظاهر، وقاوموا رجال الشرطة وتسببوا في أضرار في الممتلكات العامة وسيارات الشرطة.

كما لاقت الاحتجاجات تضامناً وتشجيعاً من أبرز الأسماء المعارضة من السياسيين الأتراك، ومن بينهم أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول الكبرى وزعيم حزب المستقبل أحمد داود أوغلو، ورئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي بابا جان، بالإضافة لتأييد العضو السابق في الحزب الجمهوري محرم إينجه، مطالبين بانتخاب جديد لرئيس الجامعة، ومتهمين حزب العدالة والتنمية بأنه نظام وصاية، ضد الحرية والديمقراطية.

لن نسمح بعودة "أحداث غيزي"

من جهته صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء "نحن لا نقبل هؤلاء الشباب، المنتمين إلى الجماعات الإرهابية، كشباب في بلدنا يتمتعون بقيم وطنية وأخلاقية حقيقية"، في إشارة إلى أن من حاولوا احتلال غرفة رئيس الجامعة ليسوا طلابا بل إرهابيين.

وشدد على موقف أنقرة الحازم ضد أي محاولة لزعزعة الاستقرار ولإثارة الفتن في البلاد، "هذا البلد لن يعيش بعد الآن حادثة مثل أحداث غيزي في تقسيم"، التي جرت في صيف عام 2013، عندما توسعت موجة من المظاهرات في حديقة غيزي احتجاجا على قرار أردوغان بتشييد مسجد في الحديقة، إلى موجة احتجاجات على مستوى البلاد ضد الحكومة أسفرت عن مقتل ثمانية محتجين وضابط شرطة.

تدخل خارجي وتركيا ترد

ولاقت أحداث الجامعة تدخلاً خارجياً عبر تصريحات من قبل وزير المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، الذي أعرب عن قلقه حول اعتقال طلاب وقمع الحريات في تركيا، وما وصفه بالخطاب العدائي من المسؤولين الأتراك تجاه مثليي الجنس في تركيا، مؤكداً أنهم يتابعون الاحتجاجات ضد تعيين رئيس جديد لجامعة البوسفور.

ورداً عليه أصدرت وزارة الخارجية التركية، أمس، بياناً قالت فيه إنه "لا يحق لأي جهة التدخل في شؤوننا الداخلية"، مؤكدة أن قوات الأمن مستمرة في في أداء واجباتها ومسؤولياتها وفقاً للصلاحيات التي يمنحها القانون، ضد الأعمال الاستفزازية وغير القانونية التي تتجاوز حق الاحتجاج.

كما أدانت التصريحات الرسمية التركية ما حدث، كاشفة عن أيادي من خارج الجامعة لها علاقة بمنظمات إرهابية، بمحاولة التسلل إلى الجامعة، من أجل تأجيج التظاهرات الجارية.

وقال رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي إن "دعم الأحداث في هذه المرحلة هو دعم للإرهاب".

لماذا جامعة البوسفور "بوغازجي"؟

جامعة البوسفور "بوغازجي" ‏ هي جامعة بحثية كبرى تقع في القسم الأوروبي من إسطنبول، وهي أول مؤسسة تعليمية أمريكية تم إنشاؤها خارج الولايات المتحدة الأميركية من المبشريين الأمريكيين. 

تأسست الجامعة على يد المخترع كايروس هاملين وكريستوفو روبرت سنة 1863، وفي مطلع العام 1971 تم التبرع بها للحكومة التركية، وأطلق عليها اسم جامعة البوسفور وتعتبر من أعرق وأهم الجامعات الحكومية التركية، لدرجة يطلق عليها "هارفارد التركية".

وتعد الجامعة مركز ثقل ونواة لليسار والعلمانية من الطلبة والكادر التدريسي، وهي معروفة بتقاليدها العلمانية والعديد من طلابها يعارضون سياسة حزب العدالة والتنمية، وتستقطب الجامعة الطلاب المتفوقين بأعلى العلامات على مستوى تركيا.

وتضم الجامعة أربع كليات ومدرستين بالإضافة إلى ست منشآت لطلاب الدراسات العليا، ولغة التعليم في الجامعة هي اللغة الإنكليزية، وتحتل المرتبة الأولى في إسطنبول بين الجامعات، وكانت قد احتلت المركز الثالث على مستوى الجامعات التركية خلال تصنيف عام 2018، والمرتبة 616 على مستوى الجامعات العالمية، ويبلغ عدد طلاب الجامعة حوالي 15 ألف طالب، وتضم قرابة 700 مدرس أكاديمي وأستاذ جامعي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات