"هذا الكتاب في موضع قلق,فلا هو يندرج مرتاحاً في خانة أدب السجون ولا هو بحث اجتماعي,ولاهو أيضاً سيرة ذاتية لسجين" بهذا الوصف يصف الكاتب كتابه,ربما يصح وصف الكتاب بأنه سيرة ذاتية لشعب كامل يعاني منذ عقود من ظلم طغمة حاكمة,فالكتاب يرصد تفاصيل يومية بكل حيثياتها لسجين داخل أربعة جدران ,هذه الجدران الأربعة تشبه سورية ..السجن الكبير الذي نقبع بين جدرانه جميعنا,في السجن حياة كاملة وصورة طبق الأصل لما يحدث خارج جدران السجن ..لافرق يذكر بين معاملة السجان للسجين وبين معاملة أي عنصر أمن أو موظف حكومي لمواطن مافي أي مكان من سورية ,في الحالتين هناك إنكار للحقوق وامتهان لكرامة اللإنسان .. منهجية واضحة وضعها النظام في التعامل مع محكوميه,لا قوانين رادعة تجبره على احترام أي فرد من أفراد المجتمع لأنهم بنظره مجرد أغنام في مزرعته الكبيرة يطعمهم متى يشاء ويحرمهم من أبسط حقوقهم وإذا شعر قليلاً بالتذمر يقتلهم ..ما المشكلة.
في الكتاب أيضاً وصف للعلاقات الإنسانية داخل السجن سواء بين السجناء فيما بينهم أو بينهم وبين السجانين,هناك في مكان واحد يوجد اليساري والاسلامي مع الليبرالي والمواطن العادي البسيط الذي لاهم له إلا تأمين قوت يومه ..رصد كامل لكل الانفعلات النفسية الناتجة عن تلك العلاقات,وأيضاً رصد لعلاقة الانسان بما هو إيماني وروحي ..إذ يغلب على أكثر السجناء تقربهم من الله داخل السجن كمخرج وحيد يساعدهم على التعايش مع عالمهم الجديد وليقينهم أنه لا مخرج لهم من هذا السجن إلا بمعجزة إلاهية تأتيهم من حيث لا يعلمون في ظل غياب أي قانون يحكم وجودهم داخل السجن ..ألا يشابه هذا مايحدث الآن في كل سورية
"لنتخيل شخصاً مقيداً بألياف أعصابه : يداه مكبلتان خلف ظهره بجدائل عصبية متينة,قدماه مشدودتان بأسلاك حساسة وقوية من نسيج جلده,رأسه معصور في عصبة من ألياف بيضاء وصلت حد مروتنها الأقصى,وتحز جسده خيوط عصبية حريرية,شخص مقيد بنفسه,مخترق بنفسه وسجين نفسه,حركته ألم مطلق,وسكونه مميت,يقاوم ويناور ما استطاع,لكن حركاته لا تزيد قيوده إلا انغرازاً في لحمه. لاينجح في تحطيم قيوده إلا إذا حطم نفسه وتقطعت أعصابه وتفكك كيانه.تحرره هو فناءه,وإذا بقي سجين قيوده حطم نفسه كذلك,فقيوده هي أعصابه الحساسة, وكل حركة منه تتسبب بألم مبرح لا يطاق" ويضيف الكاتب ..لطالما كنت الشخص المقيد بأعصابه والموشك على التحطم,الشخص المفخخ.
هذه الوصف ينطبق على مجتمع بأكمله..مجتمع سوري لم يكن له في أي يوم من أيام حكم العائلة أي هوية واضحة المعالم,لايوجد لسورية هوية ثقاقية واضحة لانحن جزء من أمة عربية لطالما حكمونا بإسمها ولا أمة إسلامية مفترضة ..اقتصادياً سورية لاهي بلد زراعي ولا صناعي ولا حتى سياحي, مجتمع موشك على التحطم ..مجتمع بأكمله كان مفخخاً.
ولأننا أخيراً قررنا أن نحطم كل القيود المفروضة علينا أو تلك التي أوجدناها بأنفسنا,سيكون متاحاً لنا بعدها أن نجد هوية سورية جديدة تكون جامعة لكل أبنائها ..وبالخلاص ياشباب ..
التعليقات (2)