السياسة الأميركية الجديدة في سوريا… إيران مقابل روسيا؟

السياسة الأميركية الجديدة في سوريا… إيران مقابل روسيا؟
تعددت القراءات والتوقعات حول طبيعة الدور الأميركي في سوريا، من خلال الاستراتيجية الممكن اعتمادها للسياسة الخارجية لإدارة الرئيس جو بايدن في منطقة الشرق الأوسط، وما يتصل بها في الملف السوري. 

اتضحت أولى معالم السياسة الأميركية في سوريا خلال الفترة المقبلة عبر تصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" جون كيربي، يوم الإثنين الماضي، والتي أشار فيها إلى تعديل مهام القوات الأميركية الموجودة في سوريا، والتي كان حددها الرئيس السابق دونالد ترامب، منوها بأن تلك القوات التي يقارب عدد أفرادها الألف؛ لم تعد مسؤولة عن حماية النفط وإنما مهمتها الوحيدة مكافحة تنظيم "داعش". 

ولعل التخلي عن حماية الحقول النفطية هو أمر طبيعي بعد تدريب القوات الأميركية لعناصر تتبع لما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية "قسد" خلال الشهور الماضية، و إنشاء "حرس الحقول النفطية" في كانون الأول الماضي، والتي أوكلت لها مهام "حماية النفط"، ما يسمح بشرعنة عمل الأخيرة في الاستثمار بالحقول النفطية دون اتهام واشنطن باستغلال النفط السوري، ما سيؤدي إلى تقديم إدارة بايدن دعما اقتصاديا إلى "الإدارة الذاتية" وهو ما سيتطلب دعما سياسيا قد يؤدي بالضرورة إلى منح المناطق التي تسيطر عليها "الإدارة الذاتية" الكردية نفوذا مستقلا عن باقي المناطق السورية، على غرار الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل (آذار 2019). 

كيربي أوضح في تصريحاته أيضاً أن مهمة القوات الأميركية تنحصر في مواجهة "داعش" فقط، متناسيا أحد أهداف الاستراتيجية الأميركية السابقة، المتصلة بالوجود العسكري، والمتمثل في مواجهة النفوذ الإيراني بسوريا. فيما يبدو أنه مؤشر على تخفيف القبضة الأميركية حول عنق النظام الإيراني؛ الذي تسعى إدارة بايدن للدخول معه في مفاوضات حول اتفاق نووي بشروط جديدة، مقابل تخفيف وطأة الضغوط السياسية والاقتصادية على طهران، الأمر الذي يسمح لها بالتقاط أنفاسها حيال نفوذها المتغول في سوريا وعموم المنطقة.

بالمقابل فإن استمرار تبرير محاربة "داعش" رغم إعلان النصر عليه منذ سنوات في الباغوز (ريف محافظة دير الزور)، يُلمّح إلى رغبة واشنطن في تولي قيادة ملف مكافحة الإرهاب بسوريا، و هو الملف ذاته التي تدعي روسيا التركيز عليه من خلال هجماتها الجوية في البادية أو مناطق الشمال الغربي من سوريا، فضلا عن أن واشنطن ضمن إطار "التحالف الدولي" كانت عززت استهدافها لتنظيمات موضوعة على قوائم الإرهاب في شمال غرب سوريا خلال الآونة الأخيرة، وهو أمر متوقع استمراره و بوتيرة أعلى خلال الفترة المقبلة. 

إذاً فإن المواجهة مع روسيا قد تبلغ أشدها فيما إذا تراجع نفوذ روسيا في شمال شرق سوريا إثر منح الأكراد نفوذاً وازناً هناك، مقابل "تنفس الصعداء" لعناصر النفوذ الإيراني المتواجدة في مناطق من محافظة دير الزور الخارجة عن سيطرة "قسد"، و لتغذي إيران بذلك خطها الحيوي من طهران مرورا ببغداد فدير الزور ومنها إلى دمشق فبيروت. 

كذلك فإن دخول واشنطن على خط مواجهة التنظيمات المصنفة على قوائم الإرهاب وبالأخص في الشمال الغربي، سيخلط أوراق التفاهمات الروسية التركية هناك، فضلا عن تضييق مساحة التحرك للروس الذين قد يسعون لتحريك عمل عسكري في المنطقة، بحيث يستبق العمل العسكري ويحتوي التصعيد الأميركي المحتمل الذي قد يصل حتى لإدخال الروس ضمن عقوبات "قيصر" في ظل إصرارهم على تقريب مرحلة إعادة الإعمار، والقفز على مراحل العملية السياسية التي تؤيد تنفيذها واشنطن وفق القرار الأممي 2254.

مواجهة روسية أميركية مرتقبة في سوريا، لا سيما وأن الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، أفاد خلال أول خطاباته حول السياسة الخارجية الأميركية برغبته في التخلص من "استبداد روسيا"، ما يعني أن التفاهم المحتمل الذي كانت تشي إليه تصريحات المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جيمس جيفري حول عدم قدرة واشنطن من روسيا مغادرة سوريا قد باتت من "الماضي الجميل" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا سيما وأن قائد القيادة المركزية الأميركية، كينيث ماكينزي، اتهم مطلع الأسبوع الجاري، روسيا، باستغلال فرص جائحة "كورونا" لتعزيز أهدافها في الشرق الأوسط في محاولة منها لتقويض النفوذ الأميركي، بمقابل تلميحه إلى عدم رضا واشنطن عن استمرار نفوذ موسكو في سوريا والمنطقة، حينما قال إن التدخل الروسي في سوريا يؤثر على جهود "التحالف الدولي"، مشيراً إلى الأنشطة الروسية في المنطقة والتي برزت في إقامة وجود عسكري في سوريا، تحاول من خلاله تأسيس وجود طويل الأمد هناك.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات