بين بغداد وبيروت: الصراع يزداد ضراوة بين الشيعة ووكلاء النظام الإيراني

بين بغداد وبيروت: الصراع يزداد ضراوة بين الشيعة ووكلاء النظام الإيراني
مازال اغتيال المحلل السياسي اللبناني المعارض لميليشيا "حزب الله"، لقمان سليم، يردد صدى "الصراع المتزايد" بين الشيعة ووكلاء النظام الإيراني الذي يدعي قيادته للمذهب الشيعي، ليس فقط في لبنان والعراق بل في إيران نفسها.

فاغتيال سليم مطلع الشهر الجاري في أبرز معاقل "حزب الله" جنوب بيروت، لم يكن إلا حلقة في سلسلة الاغتيالات المستمرة للأصوات الشيعية المعارضة لإيران على يد وكلائها المحليين من بغداد، حيث قتل هاشم الهاشمي وصولاً إلى بيروت، وفقاً لتقرير مطول نشرته مجلة فورن بولسي.

اتجاه جيوسياسي: يقتل الشيعة

مقتل سليم - وفقاً للمجلة - جزء من اتجاه جيوسياسي مهم، ترسمه أوجه الشبه الواضحة بين اغتيال سليم وارتفاع عدد عمليات قتل النشطاء في العراق على يد الميليشيات المدعومة من إيران، فسليم ووفق تأكيدات مختصين ومحللين كان هدفاً لأنه شيعي وينظر إليه حزب الله على أنه خائن لإضعاف نفوذه في المجتمع الديني الذي يعتمد عليه الحزب كقاعدة سياسية وكجنود في النزاعات الإقليمية.

يعزز النظرة السابقة ما قالته رشا الأمير، أخت سليم: "أنا أعرف حقيقة من قتله في قلبي"، إذ كانت دلالاتها واضحة: إنه حزب الله، لا سيما أن سليم كان يتلقى تهديدات منذ فترة، وقد حذر في رسالة كتبها العام الماضي من وجوب تحميل حزب الله المدعوم من إيران مسؤولية أي محاولة اغتيال. 

كذلك يدعم أيمن مهنا وهو المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير (منظمة غير حكومية تعمل في مجال حرية التعبير في بلاد الشام)، الاتجاه السائد بأن حزب الله اغتال سليم، لا سيما أن الاغتيالات توقفت في لبنان بعد أن أحكم حزب الله قبضته على البلاد ولم يستطع أحد الوقوف ضده، حيث "انتصر طرف ولم تكن هناك حاجة لاغتيال أحد"، وأما الآن هناك شكل جديد من المعارضة لحزب الله والطبقة السياسية بأكملها، تمثلها كتلة من الناس بلا قيادة تسعى إلى دولة علمانية تحركها حقوق الإنسان. وكان للقمان تأثير ثقافي كافٍ لتشكيل الخطاب الذي دعا إلى عقد اجتماعي غير طائفي جديد بين المواطن والدولة".

والأهم من ذلك يرى مهنا أن "لقمان كان شيعيًا" وهذا يعني أنه  يمثل صوتًا للشيعة الآخرين الساخطين من الميليشيا الممولة من إيران.

رسالة للشيعة!

رندة سليم، المحللة السياسية في المنطقة، ترى أن مقتل لقمان سليم رسالة واضحة من "حزب الله" للشيعة، مفادها أنه لن يتم التسامح مع معارضتهم. وقالت: "حزب الله لن يتمسك بعد الآن باغتيال الشخصية فقط لإسكات هذه المعارضة، خصوصاً أن محاسبة حزب الله على الظروف الاقتصادية الصعبة التي حلّت في لبنان والشيعة على وجه الخصوص، كان جزءًا من حجج لقمان ضد حزب الله التي كانت تكتسب زخمًا داخل المجتمع الشيعي".

علاوة على ذلك، فإن "سليم شجع الهوية الوطنية على إيران ومشروع حزب الله الطائفي في المنطقة" كما يقول مكرم رباح، المحاضر في الجامعة الأمريكية في بيروت والصديق المقرب من الناشط الراحل، والذي أضاف "كان لقمان شيعيًا وكان يريد إعادة الشيعة إلى الحظيرة العربية كجزء من هويتنا الوطنية: لقد عارض الفكرة المجنونة لهذه الثقافة الفارسية التي هي في الواقع غريبة علينا وأن إيران تنتشر" وهذا لم يكن من أجل الشيعة فحسب، بل نموذجاً للثورة التي بدأت في أكتوبر 2019، وكانت غير طائفية بشكل واضح.

العراق ولبنان: قاتل الشيعة واحد

ويربط محللون سياسيون اغتيال سليم بسلسلة الاغتيال في العراق، ومنهم حنين غدار، الزميلة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمنتقدة القوية الأخرى لحزب الله، التي تؤكد أن هناك صلة واضحة بين مقتل المعارض اللبناني لحزب الله ونظرائه في العراق، وتقول: "بالنسبة للعديد من المنتقدين المناهضين لحزب الله في لبنان، يعني هذا أنه إذا لم تتم محاسبة حزب الله، فسيواصل استهدافهم، واحدًا تلو الآخر، على غرار سلسلة الاغتيالات التي حدثت في العراق مؤخرًا" أبرزها قضية هشام الهاشمي التي تتهم الميليشيات الموالية لإيران بقتله، خصوصاً أنه بدأ مؤخرًا في انتقاد نشاطاتها، وكان أفصح عن مخاوفه من احتمال قتله على يد القوات المدعومة من إيران.

وبحسب منظمة العفو الدولية، فإنه ومنذ بداية الاحتجاجات في العراق في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، قُتل عشرات النشطاء على أيدي الميليشيات التي كانت جزءًا من ميليشيا "الحشد الشعبي"، والعديد منها مدعوم من إيران وما زال جزءًا منها ينخرط في قوات الأمن العراقية.

ووفقاً لـ"لين معلوف" نائبة مدير الأبحاث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، فإن "مسلحين مجهولين يُعتقد أنهم أعضاء في الميليشيات وأعضاء في الحشد الشعبي استهدفوا النشطاء بالاغتيال أو الاختطاف، وقتلوا ما لا يقل عن 30 في بغداد والناصرية والبصرة"، كما جرت محاولات لاغتيال أكثر من 30 آخرين، عدا عن 20 متظاهرا وناشطا مغيبا قسراً، وهذه الأعداد لا تشمل مقتل 500 شخص على طول الاحتجاجات العراقية وإصابة 15 ألف آخرين.

وبين العراق ولبنان تتشابه الأوجه في الاحتجاجات وقمعها، فلبنان الذي غمرته الاحتجاجات أيضًا في الوقت نفسه، اتُهم أنصار حزب الله باقتحام مواقع الاحتجاج على الدراجات النارية وهددوا المتظاهرين ودمروا خيامهم ووصفوهم بالخونة الذين دفعتهم السفارات الغربية.

غير أن الشباب والعاطلين عن العمل في كلا البلدين الذين احتجوا وطالبوا بفرص عمل، ودعوا إلى إنهاء الفساد، وأعربوا عن تطلعهم لدولة ديمقراطية فاعلة، رافضين فكرة السياسة الطائفية، تحدوا الأحزاب السياسية من جميع الأصناف، وأفشلوا مزاعم إيران ووكلائها بأنهم يمثلونهم كشيعة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات