بعد اشتباكات وتهديدات.. مصادر تكشف تفاصيل اجتماع ميليشيات إيران و"الدفاع الوطني" في البوكمال

بعد اشتباكات وتهديدات.. مصادر تكشف تفاصيل اجتماع ميليشيات إيران و"الدفاع الوطني" في البوكمال
شهدت مناطق شرق سوريا اجتماعات مكثفة بين الميليشيات الإيرانية وميليشيا أسد، وذلك في مسعى لإنهاء الخلاف الدائر حول النفوذ والسيطرة بين "الحرس الثوري الإيراني" وميليشيا "الدفاع الوطني" المدعوم من روسيا، مع توقعات بتفاقم الخلافات في المنطقة الاستراتيجية المتنازع عليها.

آخر تلك الاجتماعات عقد بين الطرفين المتناحرين جرى في مقر قيادة الدفاع الوطني بمدينة البوكمال، وحضره كل من (الحاج عسكر) قائد ميليشيا "الحرس الثوري" في البوكمال والمدعو (الحاج ذو الفقار) أحد قياديي الميليشيا، وحضره من ميليشيا الدفاع الوطني (فراس العراقية) متزعم الميليشيا بمدينة دير الزور وعصام الفاضل قائد قطاع البوكمال، بالإضافة للعقيد نواف رئيس مفرزة ميليشيا الأمن العسكري في مدينة البوكمال.

وتناول الاجتماع سبل الوصول إلى صيغة يتم من خلالها توزيع نفوذ الجانبين على المنطقة وإنهاء التوتر الحاصل بين ميليشيات الدفاع الوطني والحرس الثوري الإيراني في مدينة البوكمال وريفها، كما حاول الطرفان التوصل إلى صيغة لتهدئة التوتر بينهما في المنطقة، بعد مقتل عدد من مقاتلي الطرفين وإصابة آخرين بجروح  في الأيام الماضية، جراء اشتباكات متكررة بينهما آخرها قبل يومين في مدينة البوكمال، لكن ذلك الاجتماع انتهى دون وصول الطرفين إلى صيغة لتهدئة التوتر أو لتقاسم النفوذ على السيطرة في المنطقة.

واستطاع موقع أورينت نت الوصول إلى أحد الأشخاص الموجودين في الاجتماع طلب عدم الكشف عن هويته، وقال: "على خلفية الاشتباكات الحاصلة في الفترة الأخيرة والتي قتل فيها ما يزيد عن 25 عنصرا من الحرس الثوري الإيراني وقوات الدفاع الوطني إضافة إلى إصابة نحو 40 آخرين بجروح، وخوفاً من توسع دائرة الخلاف بين الطرفين والوصول إلى مرحلة لا تحمد عقباها وصلت إلى دير الزور شخصيات إيرانية وعراقية من المستوى الرفيع، إضافة لقدوم ضباط من ميليشيات الأسد من مدينة دمشق، (مقربين من روسيا) لعقد سلسلة اجتماعات ضمت المسؤولين العسكريين من كلا الطرفين في المنطقة في محاولة لإنهاء النزاع الدائر وتقسيم مناطق السيطرة والنفوذ، وتخلل الاجتماع تبادل الاتهامات بين الطرفين بتحمل مسؤولية الخلافات الأخيرة، الأمر الذي يظهر أن الخلاف لا يمكن أن يزول لأنه يمثل صراع نفوذ بين قطبين روسيا وإيران وليس مجرد خلاف عادي بين مجموعة عناصر على الأرض."

ويضيف المصدر: "الاجتماع الأخير عقد في مقر الدفاع الوطني، واحتد النقاش ووصل إلى قيام عصام الفاضل قائد قطاع البوكمال في الدفاع الوطني بتوجيه سلاحه بوجه الحاج عسكر والحاج ذو الفقار مهدداً إياهم بالقتل في حال اعترض أحد عناصر الحرس الثوري الإيراني طريق ميليشيا الدفاع الوطني، وأخبرهم أنه لا يتكلم باسمه أو اسم الدفاع الوطني فقط بل باسم روسيا والنظام في دليل على حصوله على الضوء الأخضر لقيامه بذلك، وعلت أصوات الجميع في ظل تبادل التهديدات من الطرفين وأنهي الاجتماع على الفور خوفاً من وقوع قتلى بين قيادات الجانبين." 

غير أن تلك الجهود المبذولة في الاجتماع لم تستطع حل الخلاف المتفاقم بين الميليشيات المتنازعة على النفوذ والسرقات، بل زاد ذلك من تعقيد الأمور وسط توقعات بتجدد الاشتباكات بين الطرفين في الفترة المقبلة، بحسب المصدر.

أسباب وراء الخلافات المتفاقمة

ويرى الباحث والكاتب في الشأن الإيراني، ضياء قدور أن الخلاف بين الميليشيات المحسوبة على روسيا مثل الدفاع الوطني والمليشيات المدعومة من إيران في المنطقة الشرقية ليس بأمر جديد، بل هو يعكس حالة صراع النفوذ بين (الحلفاء) في سوريا، وخاصة ما يسمى بحليفتي النظام (روسيا وإيران)، اللتين نجحتا في الوصول لهدفهما في حماية نظام الأسد من السقوط، "لكنهما تختلفان على الأهداف الأبعد لكل منهما، ووصل بهما الأمر لمرحلة الصراع الذي لا يمكن أن تخفى مظاهره وتجلياته في مناطق الثقل الاستراتيجي الإيراني في سوريا، كالمنطقة الشرقية والمنطقة الجنوبية من سوريا." 

وتابع قدور في حديث لأورينت نت: "يبدو أن الصراع على النفوذ في المنطقة الشرقية سيستمر في ظل سعي الطرفين للتمدد وتحقيق أهدافهم الجيوستراتيجية والاقتصادية في سوريا، ومن المحتمل أن نشهد نمواً متصاعداً وظهوراً حقيقياً لخلايا داعش المنتشرة في المنطقة والتي يستخدمها كل من الطرفين كشماعة لتصفية الحسابات مع الطرف الآخر"، مشيرا إلى أن الاجتماعات الأخيرة ستكرر في ظل استمرار الخلافات بين الطرفين ولا يتوقع حل الخلافات بين الطرفين وإن "توقف القتال بينهم فسيكون لفترة مؤقتة لأنه لن يزول الدافع للقتال بينهما."

ومن جهته يقول محمد طه صحفي من مدينة دير الزور يقيم في تركيا لأورينت نت: "برز الخلاف بين ميليشيا الحرس الثوري الإيراني والدفاع الوطني المدعوم من روسيا جلياً للعلن من خلال سعي الطرفين للتوسع في المنطقة ومحاولتهما توسيع قاعدتهما في المنطقة وتوسعت دائرة الخلاف بينهما بعد انشقاق العديد من عناصر الدفاع الوطني وانضمامهم لصفوف الحرس الثوري للحصول على امتيازات أكبر ورواتب أعلى والتخلص من الخدمة العسكرية الإلزامية لتصل حد الاشتباكات بين الجانبين ووقوع إصابات في صفوفهما الأمر الذي دفع قيادات الميليشيات للتدخل لحل النزاع، حيث تم عقد اجتماعات عدة في مقرات الدفاع الوطني وأخرى في مقرات الحرس الثوري لكن دون التوصل إلى اتفاق، لتتسع الفجوة ويحتدم الصراع بينهما ومن المتوقع امتداد هذه الاشتباكات إلى كافة المناطق التي توجد فيها هذه الميليشيات في مدن حمص ودمشق وحلب."

وشهدت مدينتا البوكمال ودير الزور مؤخراً توتراً بين الطرفين حيث يحاول الحرس الثوري زيادة نفوذه في المدينة من خلال تجنيد مقاتلين جدد في صفوفه وافتتاح مقرات جديدة له واستقدام أسلحة وذخائر من إيران عبر العراق، بينما عززت ميليشيا الدفاع الوطني نقاطها في ريف مدينة البوكمال الغربي بعدد من العناصر والنقاط العسكرية، الأمر الذي اعتبرته ميليشيا الحرس الثوري الإيراني تهديداً لنفوذها في المنطقة.

البوكمال والصراع الدولي

وتتربع ميليشيا الحرس الثوري الإيراني على قائمة الميليشيات العاملة في البوكمال، فهي المسؤولة الأولى عن المدينة وريفها، وعيّنت إيران منذ نهاية عام 2017 أي مع دخول المدينة، لقيادة هذه الميليشيا عدة شخصيات إيرانية تقوم بمهمة حكم المدينة.

وفي السياق يقول زياد حاج عبيد محلل عسكري وخبير استراتيجي لأورينت نت: "موقع مدينة دير الزور والبوكمال الاستراتيجي الذي يصل سوريا مع العراق فإيران يزيدها أهمية بالنسبة للميليشيات الإيرانية ويجعلها في مركز الأولويات بالنسبة لها، لكن هذا التوسع يؤرق مضاجع قوات النظام  والميليشيات التابعة له ولعل أبرزها ميليشيا الدفاع الوطني المدعومة من روسيا حيث يسعى النظام إلى تأمين الدعم المادي واللوجستي لقواته من خلال الاستفادة من المعابر وأيضاً آبار النفط والموارد الطبيعة في المنطقة، وهذا ما يزيد التنافس بين الطرفين. الأمر الآخر هو أن معظم عناصر ميليشيا الدفاع الوطني هم من أبناء العشائر الذين يسعون ليكونوا الطرف المسيطر على المنطقة ليستفيدوا من خيرات المنطقة كما أنها مدعومة من روسيا الحلف المنافس الراغب ببتر اليد الإيرانية في المنطقة."

ويوضح حاج عبيد: "الخلاف الأخير بين الطرفين كان للسيطرة على معبر مدينة بقرص شرق مدينة الميادين واشتبكت ميليشيا الدفاع الوطني مع الحرس الثوري الإيراني ليقع 4 جرحى من الطرفين، وارتفعت وتيرة الاشتباكات مؤخراً مما اضطر قادة عراقيين وإيرانيين للقدوم إلى المنطقة للاجتماع مع العسكريين لإنهاء الخلاف بين الطرفين، وعقدت عدة اجتماعات بين وجهاء القبائل في المنطقة والقادة العسكريين في المركز الثقافي في البوكمال وفي مقرات الحرس الثوري الإيراني لكن لم يتم التوصل إلى نتيجة. ومن المتوقع أن تمتد رقعة الخلافات إلى المناطق الأخرى الأمر الذي يمكن أن يستغله تنظيم داعش الذي يسعى إلى استعادة المناطق التي خسرها مطلع 2019."

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات