مشهد لم يكن أحد يتخيل أن يراه في بيروت: شجار عنيف على كيس حليب يختصر أزمة لبنان

سجلت مناطق لبنانية عديدة تهافتاً غير مسبوق لمواطنين لبنانيين لشراء المواد الغذائية من المتاجر والأسواق ووصلت لاشتباكات على بعض المواد، وذلك بعد التدهور الملحوظ للاقتصاد والليرة اللبنانية أمام الدولار، ما يعكس مخاوف شعبية من أزمة اقتصادية حادة تهدد البلاد وقد تصل إلى مجاعة.

ونشرت وسائل إعلام لبنانية تسجيلات مصورة عديدة خلال الساعات الماضية، تظهر تدافع اللبنانيين بشكل غير مسبوق على المتاجر الغذائية في معظم المناطق اللبنانية، ووصل التدافع بين المشترين لاشتباكات بعضها وصلت للضرب بين العشرات، بسبب خلاف على بعض السلع المدعومة حكوميا مثل الحليب والزيت في متجر "تعاونية قاديشا" في مدينة طرابلس، وسط أنباء عن فقدان مادة حليب الأطفال من الأسواق.

وأثار ذلك موجة غضب لدى اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ما وصفوه "المذلة" التي وصل إليها الشعب اللبناني بسبب فساد المسؤولين، وعلق الفنان راغب علامة على الحادثة قائلا: " يا أولاد الحرام اللي قاعدين عالكراسي ودمّرتوا لبنان الجميل وأذليتوا شعبنا المعروف بطيبته وكرمه وشهامته. صارت الناس عم تتقاتل على كيلو حليب للأطفال. يا أولاد الحرام الله ينتقم منكم ويذلّكم متل ما ذليتوا المساكين اللي وصّلوكم عالكراسي. بإذن الله نهايتكم وخيمة ، اقرؤوا التاريخ".

كما كتب الصحفي اللبناني غسان ريفي في افتتاحية مقاله الطويل حول الأزمة الأخيرة: "دخل لبنان أمس مرحلة جديدة من الأزمة الاجتماعية المتنامية تمثلت بتقاتل المواطنين في السوبرماركت على كيس حليب مدعوم، وهو مشهد لم يألفه اللبنانيون من قبل، سوى في أخبار الدول المتخلفة أو قبائل المجاهل التي يبدو أن لبنان لن يتأخر في الانضمام إليها".

يأتي ذلك مع تواصل الاحتجاجات الشعبية في مناطق واسعة من لبنان لليوم الثالث على التوالي، احتجاجا على التدهور الاقتصادي الملحوظ ولاسيما تخطي الليرة اللبنانية حاجز (عشرة آلاف ليرة) أمام الدولار الواحد، والتي تركزت في العاصمة بيروت وطرابلس وبعلبك وصيدا ومناطق أخرى، أغلق المحتجون خلالها الطرق الرئيسية بإطارات مشتعلة، ما دفع بالجيش اللبناني للتدخل لإعادة فتح تلك الطرقات.

وتعود أسباب الانهيار الاقتصادي  في لبنان لممارسات ما يسمى "محور المقاومة" وحلفاءه باستئثار السلطة وتعطيل تشكيل الحكومة والبدء بتطبيق الحلول العاجلة للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، حيث شهدت مناطق عديدة احتجاجات غاضبة تطورت لأعمال شغب وتكسير محلات الصرافة وقطع للطرق الرئيسية والفرعية وإشعال الإطارات وحاويات النفايات.

وتكمن المخاوف الكبرى لدى اللبنانيين من فقدان معظم المواد الأساسية من الأسواق، ورفع الدعم الحكومي عنها بسبب تدهور قيمة الليرة اللبنانية والظروف السياسية التي أوصلت البلاد إلى هذا الحال، خاصة مع تعقد المشهد بكل أطيافه بسبب رفض السلطات المستأثرة بالسلطة من إنقاذ لبنان وشعبه.

في غضون ذلك أشارت مصادر أمريكية عن نية واشنطن فرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بسبب اتهامه بتحويل أموال المصرف إلى الخارج، بحسب ما نقلت وكالة "بلومبيرغ"، وتقول المصادر إن المناقشات في الأروقة الأمريكية تمحورت حول تجميد أصول سلامة في الخارج، إضافة لتفعيل الإجراءات التي ستحد من إمكانياته لممارسة الأعمال في الخارج 

حيث سبق أن طلبت النيابة العامة السويسرية مساعدة من لبنان في تحقيقات متعلقة بتبييض الأموال والتبذير المحتمل للمال العام في قضية مرتبطة بمصرف لبنان، إضافة لإجراءات أوروبية أخرى تجاه المصرف وحاكمه رياض سلامة.

وعلى خلفية الانهيار الجديد لليرة اللبنانية، ارتفعت أسعار جميع أصناف الوقود، بحيث أصبح البنزين 95 أوكتان: 33,500 ليرة والبنزين 98 أوكتان: 34,500 ليرة والمازوت: 23,400 ليرة والغاز: 25,300 ليرة.

وبهذا الانهيار تكون الليرة اللبنانية خسرت نحو 85 بالمئة من قيمتها في بلد يعتمد بشدة على الواردات، كما أن هذا الانخفاض يجعل الحد الأدنى للأجور في لبنان يبلغ حوالي 68 دولارا في الشهر، وفقاً لوكالة فرانس برس.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات