لماذا يستميت نظام الأسد والاحتلال الروسي لفتح معابر الشمال السوري؟

لماذا يستميت نظام الأسد والاحتلال الروسي لفتح معابر الشمال السوري؟
يستميت نظام أسد ومن ورائه روسيا لفتح منافذ (المعابر) مع مناطق إدلب وريف حلب في الشمال السوري المحرر، وذلك في محاولة لإنعاش اقتصاده الميت على خلفية العقوبات الدولية وفقدان أي موارد تخرجه من أزماته المتفاقمة، في وقت ترفض الفصائل بضغط من السكان فتح تلك المنافذ رغم إعلان نظام أسد فتحها بشكل أحادي.

ونسلط الضوء في هذا التقرير على العواقب الاقتصادية والسياسية المتوقعة من فتح المنافذ بين مناطق سيطرة أسد مع ريفي إدلب وحلب، في ظل أزمة خانقة تعيشها مناطق سيطرة ميليشيا أسد تمثلت بانهيار الليرة السورية إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وانعكس ذلك على ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية وفقدان بعضها، ناهيك عن أزمة محروقات بدأت تشل المؤسسات الحيوية.

وكانت روسيا أعلنت أمس عن توصلها لاتفاق مع تركيا يتعلق بفتح عدة منافذ بين مناطق ميليشيا أسد والشمال السوري الخاضع لسيطرة تركيا والفصائل المقاتلة، وذلك بعد أيام من تصعيد روسي تمثل بقصف غير مسبوق على مناطق حيوية حدودية وآمنة بريف إدلب، وركزت على قصف معبر باب الهوى المخصص بقرار أممي لدخول المساعدات الإنسانية إلى مناطق الشمال.

يأتي هذا وسط غضب شعبي في الشمال السوري، عبر عنه المدنيون والناشطون بإطلاق وسم تحت عنوان "لا للمعابر مع النظام"، مع دعوات واسعة لمظاهرات شعبية في جميع المناطق للتعبير عن الرفض لفتح تلك المنافذ مع مناطق سيطرة ميليشيا أسد، فيما لم تعلق أنقرة بشكل رسمي على الطرح الروسي مع تسريب تصريحات لمسؤولين أتراك ترفض فتح المنافذ.

إعلام كاذب

وكعادته سارع إعلام أسد الرسمي من وكالات وصحفيين، اليوم، إلى إعلان فتح معبر ترنبة سراقب شرق إدلب، ومعبر أبو الزندين شرق حلب، واعتبر أن ذلك "لإفساح المجال أمام المدنيين الراغبين بالخروج من مناطق سيطرة المجموعات المسلحة إلى مناطق الدولة السورية"، وكرر إعلام أسد أسطوانته القديمة باتهام "المجموعات الإرهابية" بمنع المدنيين من الخروج من تلك المعابر والمفتوحة من جانب واحد بالأصل.

لكنّ مراسلي أورينت أكدوا من أرض الحدث أن تلك المنافذ خالية تماما من حركة المدنيين، عبر صور وثقتها عدساتهم من منفذ سراقب وأبو الزندين، إلى جانب نفي رسمي من الفصائل ورئيس الحكومة السورية المؤقتة، عبد الرحمن مصطفى: الذي قال: "ننفي ما تم تداوله عن افتتاح المعابر مع المناطق التي يسيطر عليها النظام".

دعم اقتصادي للنظام 

ولا شك أن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعانيها مناطق سيطرة ميليشيا أسد دفعت النظام والاحتلال الروسي لاقتراح فتح المنافذ مع الشمال السوري، وسط تساؤلات عديدة عن الفائدة التي من الممكن أن يجنيها أسد لدعم اقتصاده المتهالك من فتح تلك المنافذ.

المحلل الاقتصادي ووزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، عبد الحكيم المصري، يجيب في حديث لأورينت نت عن تلك التساؤلات والمنافع الاقتصادية لأسد ونظامه، إضافة للعواقب السلبية على مناطق الشمال في حال تم فتح تلك المنافذ.

ويشير المصري أن لفتح المنافذ تأثيرا لافتا على اقتصاد نظام أسد من حيث تأمين العملة الأجنبية المفقودة لديه والموارد النفطية ويقول: "مع فتح المنافذ سيشتري النظام المواد والبضائع بالعملة السورية المنهارة، بينما سيسحب من المنطقة الدولار ليدعم به خزينته الفارغة، مع توقعات أن يفرض رسوما كبيرة  بالدولار على السيارات الداخلة إلى الشمال، بينما هو لن يدفع إلا بالليرة السورية التي فقدت قيمتها، وفي نفس الوقت هناك تخوفات من إدخال الدولار المجمد والذي لا قيمة محلية ولا دولية له، وهو أخطر بكثير من الدولار المزور لصعوبة اكتشافه".

ويضيف المحلل الاقتصادي "سيكون هناك عمليات تهريب للعملة الصعبة بشكل كبير إلى مناطق النظام، وبذات الوقت تدخل عملات منهارة وليس لها قيمة إلى الشمال، إضافة لتعرض المنطقة لخطر عقوبات قانون قيصر الذي يمنع التعامل مع نظام الأسد"، غير أن عواقب سلبية أخرى ستؤثر على مناطق الشمال السوري في حال فتحت المنافذ مع مناطق سيطرة ميليشيا أسد، أبرزها دخول عصابات الإرهاب وتجارة المخدرات والحشيش من مناطق أسد، الأمر الذي سيزعزع أمن الشمال السوري على غرار بعض مناطق سيطرة النظام، فضلا عن الهجرة العكسية التي ممكن أن تحصل وتزيد الضغط السكاني في إدلب وريف حلب.

إلى جانب ذلك فإن نظام أسد يحاول بشتى الوسائل الحصول على المشتقات النفطية التي تعتبر كبرى أزماته بعد امتناع ميليشيا قسد عن بيعه للنفط من مناطق شرق الفرات بضغط أمريكي، في حين تشير التوقعات إلى ارتفاع كبير ستشهده مناطق إدلب وريف حلب في أسعار جميع البضائع والمواد في حال فتحت المنافذ وفتحت معها أبواب الاستيراد والتصدير.

وسبق لبشار أسد العام الماضي أن أكد أهمية المناطق المحررة في تحسين الواقع الاقتصادي في مناطقه، وكيفية استفادة حكومته من القطع الأجنبي (الدولار) من مناطق الشمال السوري.

منفعة سياسية لأسد

وعلى صعيد آخر، هناك بعد سياسي لفتح المنافذ بين مناطق سيطرة نظام أسد مع الشمال السوري، حيث يستمد النظام شرعيته الساقطة أصلا في حال أوحى للمجتمع الدولي "تصالحه" مع السوريين المعارضين في مناطق الشمال السوري، ليكون ذلك تمهيدا للبدء بمسرحية الانتخابات الرئاسية التي يحضرها بمساندة روسية، فيما يرفض الشعب السوري تلك الانتخابات باعتبارها غير شرعية، وكذلك المجتمع الدولي بغالبيته الذي أكد على عدم شرعيتها في الأيام الماضية.

ويعتبر المحلل العسكري العميد أحمد رحال أن الطرح الروسي الأخير لفتح المنافذ مع ريفي إدلب وحلب، يشكل انفصاما سياسيا وأخلاقيا للروس بسبب تناقض أفعالهم وتصريحاتهم ويوضح: "هناك انفصام سياسي وأخلاقي من الروس، الذين يقصفون المنطقة مساء ويطالبون بمعابر إنسانية في الصباح".

ويؤكد رحال في حديث لأورينت نت أن الشمال السوري ليس بحاجة لفتح منافذه مع مناطق سيطرة ميليشيا أسد، باعتباره مفتوحا على الجانب التركي، ما يؤكد أن المستفيد الوحيد هو أسد ونظامه المتهالك، ويضيف المحلل، "فتح المعابر يساعد النظام سياسيا واقتصاديا، ومن الممكن أن يضع صناديق الانتخابات في الفترة المقبلة على تلك المعابر نفسها".

بيان عسكري رافض

وكانت وزارة الدفاع الروسية، قالت أمس إنها توصلت إلى اتفاق مع الجانب التركي لإعادة فتح 3 معابر في منطقتي إدلب وحلب شمال سوريا "لتخفيف صعوبة الأوضاع الإنسانية في الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا"، حيث قال نائب مدير مركز حميميم التابع للوزارة، اللواء البحري ألكسندر كاربوف، إنه "وبهدف رفع حالة العزل وعمليا إزالة الحصار الداخلي للمدنيين تم اتخاذ قرار لفتح معبري سراقب وميزناز في منطقة إدلب لخفض التصعيد ومعبر أبو زيدين في منطقة مدينة حلب".

لكن أنقرة لم تعلق رسميا على العرض الروسي حتى الساعة، بالتوازي مع رفض شعبي ورسمي للفصائل والحكومة السورية المؤقتة، لا سيما خروج المظاهرات الشعبية في ريف حلب لرفض العرض الروسي.

فيما أصدر مجموعة من الضباط الأحرار المسؤولين عن كبرى الفصائل في الشمال السوري بيانا رفضوا من خلاله الطرح الروسي، وأكدوا في البيان أن رفضهم مبني على تعنت نظام أسد بتنفيذ القرارات الدولية "وفي مقدمتها إطلاق سراح المعتقلين"، إضافة لرفضهم أن "يكونوا سببا لإنعاش من يقتل الأطفال لإعطائه الترياق كي يستمر في إجرامه معتبرين أن موافقتهم ستكون بمثابة خيانة لدماء الشهداء وعذابات المعتقلين".

وحمّل بيان "الضباط الأحرار" توقيع كل من ( ناجي مصطفى وعبد السلام عبد الرزاق ومصطفى معراتي وأحمد شبلخ ومحمد خليفة ومحمود المحمود وأحمد الزعبي ويوسف حمود ومصطفى الكلج وقتيبة حبابة ومحمد عكاش وأمين العبود وعبد العزيز حبابة).

وليست المرة الأولى التي تحاول روسيا وأسد فتح المعابر بمبررات مختفلة مع الشمال السوري، لكنها الأولى حقيقة من حيث ما يعانيه أسد ونظامه بسبب الأزمة الخانقة وغير المسبوقة في مناطق سيطرته، حيث عبرت روسيا عن تلك الأزمة  بتصعيد روسي في إدلب بالشمال السوري قبل أيام، إذ استهدفت أوتستراد معبر باب الهوى إلى جانب أطراف مدينة سرمدا التي تعتبر المدينة التجارية في إدلب، ما أدى إلى وقوع خسائر بشرية ومادية.

التعليقات (1)

    آشور

    ·منذ 3 سنوات 3 أيام
    أحرار سورية واقعون بين عصابات الأسد وعصابات الجهاديين وكلاهما إرهاب قاتل .. يجب أن يتوحد الأحرار في الشمال للتصدي للاثنين لأنهما واحد في الواقع!
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات