بشار يتأرجح على حبال الشك.. جنون الارتياب يُطيح بكبار جنرالاته قتلاً وتسريحاً!

بشار يتأرجح على حبال الشك.. جنون الارتياب يُطيح بكبار جنرالاته قتلاً وتسريحاً!
ورث بشار عن حافظ "مافيا مثالية". تحميها عصبية طائفية. قوامها الجيش والأمن. فلسفتها مكثفة في مقولة للأب المؤسس مفادها: من أراد مالاً أعطيناه، من أراد نفوذاً وهبناه، ومن أراد السلطة له السجن أو القبر.

لم يفهم الولد سر أبيه. لم يهضم فلسفته. لم يوازن بين كفتي الثواب والعقاب، في التعامل مع بطانته وحاشيته. 

لا غرابة. ذلك أن الرجل بلغ حالة مزرية، من جنون الارتياب. وصل معها إلى الامتناع عن تناول الطعام ما لم يذوقه شخص قبله. وهذا ما أكده الراحل عبد الحليم خدام، في واحدة من مقابلاته التلفزيونية.

حكي ولا بالخيال! 

  ليس عابراً أن يُصاب المرء بالارتياب "البارانويا". إذ يعني سلسلة من الكوارث. تبدأ من شك المصاب بأن كل همسة حوله هي سخرية منه، أو مؤامرة ضده. وتنتهي به إلى حالة تعويضية. تشعره بالتفوق على الجميع. مثل نبي عظيم. أو قائد أسطوري.

 "متفوق وقائد أسطوري". هنا، يبدو مفيداً الاقتباس مما كشفه بندر بن سلطان، أوائل عام 2019، لصحيفة "إندبندنت عربية"، عن لقائه ببشار إثر وفاة حافظ. وقبل وصول الملك الراحل عبد الله، للمشاركة في تشييعه. يقول الأمير السعودي حرفياً، نقلاً عن بشار:

 "صباح أمس جيت بالأوراق وسلّمت على ماما وأختي بشرى، وقالت أبوك متعب قليلاً، فدخلت وكان بالكاد يفتح عينه وجسست النبض واختفى النبض وقلت للوالدة إنه نام، أغلقت الباب، ذهبت إلى النادي وتمرّنت، وأخبرت ماهر الأسد ومناف طلاس بخطة لضبط الأمن، وطلبت منهم أن يغلقوا منافذ دمشق بالدبابات، وجاءت مجموعات أمنية، وأتوا بـ 10 عمادات مع قادة المناطق ودخلت عليهم وقاموا بإلقاء التحية وبعضهم يترحم، وقلت لهم: اششش … أنت ستغادر غداً، وأنت هذه السنة الأخيرة لك، أنت ستبقى، ما سمعته على لسانك عني أعجبني، أنت سأقطع لسانك … أنت أخذت كم مليون دولار حنحاسبك وأنت كذا وكذا..... وبدأ بشار بتوزيع الـ "أنت" وبعدها ما سيفعله بكل عماد والعماد هو أعلى رتبة عسكرية، ومن هول الصدمة من سرد بشار لكل هذه التفاصيل وهو لم يدفن والده بعد سألته مرة أخرى: هل تضمن بأن القوات المسلحة معك؟ قال نعم، من هي القوات المسلحة، هذه كل القوات المسلحة، القيادات التي أتيت بها، استغربت وقلت في نفسي بالعامية "عز الله الجولان لن يتحرر ما دامت هذه قيادات الجيش".

هكذا، ينظر بشار إلى جيشه الباسل وقياداته العليا "حثالة. لا شيء.". يتعامل معهم بـ الارتياب "البارانويا". الذي هو علمياً خلطة من الشك والغيرة وجنون العظمة.

 "الارتياب"، هو من فجر اللواء آصف شوكت في خلية الأزمة. ومن غدر باللواء رستم غزالة. وربما أودى باللواء جامع جامع. وهو ما يفسر حركة تنقلات القيادات الأمنية، التي أجراها بشار في تموز 2019. وتابعها على مستوى قيادي أدنى عام 2020. تضمن عدم بقاء أي كان في مركز يؤمن له نفوذاً راسخاً داخل جهازه، وامتداداً محلياً خارجه. 

جرت العادة على ربط التغييرات، بصراع النفوذ المفترض، بين موسكو وطهران. هذا موجود بالفعل. إنما مبالغ فيه إلى حد بعيد، ويتركز أساساً في السباق على حصد الامتيازات الاقتصادية. أقله حالياً.

تحليلات الغفلة!

لكن ثمة قراءات جديدة عجيبة. تصنف تلك التنقلات في خانة التمرد الأسدي، على النفوذين الإيراني والروسي معاً.

مثلا، تدعي أن العميد سهيل الحسن "صبي الروس المدلل". أُبعّد عن مركز القرار العسكري. في حين أن الجنرال لا يزال في منصبه قائداً للفرقة 25 مهام خاصة، المعروفة بـ "قوات النمر". بل إن الروس عززوا قواته مؤخراً بحوامات صغيرة. ولو كان أمره بيد بشار لصفاه جسدياً دون تردد. إذ لا يحتمل مريض الارتياب "الغيور" صعود نجومية منافسة، حتى لو كانت باهتة. غبية. عديمة الكاريزما.

على ذات المنوال، لكن في المقلب الإيراني. تستنتج تحليلات الغفلة، بأن نقل ملف التعامل مع الميليشيات الإيرانية من إدارة المخابرات الجوية، إلى شعبة المخابرات العسكرية. وتعيين اللواء كفاح ملحم رئيساً لها، بمثابة المؤشر القوي، على التوجه لتقليم النفوذ الإيراني. ثم تجزم أن استغلال بشار لسلاح النظام السري "الأجهزة الأمنية ببنيتها الطائفية" خاصة "الجوية والعسكرية". هو المفتاح للحفاظ على جوهر النظام. وضمان بقاء الأسد. والحيلولة دون تنفيذ أحد الحليفين انقلاباً عليه.

لا شك، أن الأمن هو المفتاح. وكلمة السر في السيطرة والاستمرار. إنما في حالة الاسترخاء، لا في حالة الحرب. إذ تنتقل السطوة تلقائياً من المكاتب، إلى الفاعلين في ساحات القتال. وهناك لا يهش الأسد ومخابراته وبقايا جيشه ولا ينش. حيث تحتل ميليشيات إيران المذهبية الأرض. فيما تهيمن طائرات روسيا على السماء.

عموماً، تعول إيران في مد وتمكين نفوذها، على فاعلين محليين غير حكوميين. بل مستعدين لمواجهة الحكومة عند الضرورة، على طريقة الحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق. علاوة على سرعة مذهلة في تحشيد المرتزقة المذهبيين من أفغانستان وباكستان، مروراً بالعراق، وصولا إلى لبنان.

من جهتها. لا تندرج إعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية السورية، ضمن النوايا الطيبة الملحة للرفيق بوتين. ولعل أولى أولوياته هي الحفاظ على سلطة مافياوية. لا تختلف في جوهرها عن سلطته نفسها. ولا يبدو أنه يأبه، لكون العراب الذي يتبناه، مختلاً نفسياً. 

جيش بلا نجوم!

بوتين "الدولي" نسخة متطورة أو متحورة عن حافظ "الإقليمي". كلاهما ديكتاتور يهتم بصورته الخارجية أكثر من حقيقته الداخلية. كلاهما مصاب بجنون العظمة المضبوطة وفقاً لحركة الرياح الدولية. كلاهما لا يثق بأحد، لكنه يعرف كيف يختار بطانته، ومتى يكافئ ويُعاقب؟

كان حافظ المؤسس كريماً في توزيع الكثير من المال، والفتات من النفوذ وأضواء الشهرة على حاشيته. في أيامه، لمعت أسماء من عيار علي دوبا، شفيق فياض، إبراهيم الصافي، محمد الخولي، علي حيدر، حكمت الشهابي، مصطفى طلاس.

في زمن الوريث، تختفي النجوم قتلاً وتسريحاً قبل أن تسطع. إنه ارتياب "البارانويا".. أيها السادة!.

التعليقات (1)

    واحد من الناس

    ·منذ سنتين 11 شهر
    سينتهي كما انتهى غيره ....الظلم والقتل لا يدوم....لعله قريبا ..وستسحب السلسلة كل القتله والظلمه مثل الديمنو بعون الله عزوجل
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات