فضيحة لقاحات الكورونا بين روسيا وأمريكا: الأرقام تتكلم وتكشف احتقار بوتين لشعبه

على الرغم من أن روسيا أول دولة في العالم توافق على لقاح فيروس كورونا للاستخدام العام، إلا أنها تعتبر من الدول المتأخرة في إعطاء شعبها هذا اللقاح الذي تقوم بتصديره للعديد من دول العالم. 

وأفادت صحيفة "نيويوركر" الأمريكية في تقرير لها أنه بعد ثمانية أشهر، أعطت روسيا جرعة واحدة على الأقل من لقاحها، المعروف باسم "سبوتنيك في"، إلى 14 مليون شخص، أي حوالي 6% من سكانها.

وفي المقابل، لقحت الولايات المتحدة، التي وافقت على تصنيع لقاح لأول مرة في ديسمبر، أكثر من ثلث سكانها، بينما نجحت أكثر من 20 دولة في أوروبا، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وهولندا التي واجهت انتقادات بسبب بطئها وعدم كفاءتها في إطلاق اللقاحات، في تلقيح عدد أكبر من الأشخاص مقارنة بروسيا.

وتساءلت الصحيفة كيف انتقلت روسيا من كونها أول من وافق على لقاح مضاد لفيروس كورونا إلى المركز 65 في العالم من حيث التطعيمات؟

وأشار التقرير إلى أن روسيا أجرت اختبارات لقاح "سبوتنيك في" على أقل من مئة شخص، ولم يعرف أحد من عامة الناس النتائج. 

وقال أنتوني فاوتشي مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، في ذلك الوقت: "آمل أن يكون الروس قد أثبتوا بالفعل بشكل قاطع أن اللقاح آمن وفعال"، لكنه أضاف "أشك بجدية في أنهم فعلوا ذلك." 

"سبوتنيك في" هو لقاح ناقل، أي أنه يستخدم "ناقل" فيروسي لإدخال الجين الخاص بالبروتين الشائك لفيروس سارس-كوف-2، والذي يحفز جهاز المناعة لإنتاج الأجسام المضادة، وهي نفس التقنية الأساسية المستخدمة في لقاحي جونسون آند جونسون وأسترازينيكا.

في فبراير، نُشرت نتائج تجربة المرحلة الثالثة من" سبوتنيك في" في مجلة ذا لانسيت، والتي أظهرت معدل فعالية بنسبة 91 بالمئة.

ولفت التقرير إلى أنه داخل روسيا كان "سبوتنيك في" متاحا للأطباء والموظفين الطبيين الآخرين منذ الخريف، ولعامة الناس منذ أوائل ديسمبر، وفي منتصف يناير أمر بوتين الحكومة بالبدء في "التطعيم الشامل لجميع السكان"، واصفاً "سبوتنيك في" بأنه "الأفضل في العالم". 

ويقول كاتب التقرير بصحيفة نيويوركر: "تمكنت من الحصول على التطعيم في عيادة بموسكو قبل حلول العام الجديد" وفي جميع أنحاء العاصمة، فتحت نقاط التطعيم في البنوك ومراكز التسوق، لكن وتيرة التطعيم العالية في البداية تراجعت منذ ذلك الحين. 

في مارس، لقحت موسكو نحو 13 ألف شخص يوميا، بينما كانت مدينة نيويورك تلقح بين 60 و70 ألفا.

وحددت وزارة الصحة الروسية في البداية هدفاً يتمثل في تطعيم 60 بالمئة من السكان البالغين في البلاد بحلول شهر يوليو. ما يعني أنه بالمعدل الحالي، سوف يستغرق الأمر عاما ونصف للوصول إلى هذا الهدف. 

نقص في اللقاح

وتقول نيويوركر: "يبدو أن المشكلة تكمن في العرض والطلب. ووفقا لمقال نُشر في شهر مارس في Proekt، وهو موقع إخباري استقصائي، هناك نقص في اللقاح، وقلة في الأشخاص الذين يرغبون في التطعيم".

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن نسبة الأشخاص غير الراغبين في التطعيم تتراوح بين 60 و70 بالمئة. قال فاسيلي فلاسوف، عالم الأوبئة والأستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو: "إنه تقليد روسي قديم، لا تثق في الرؤساء".

ولكن في حالة لقاح كوفيد-19 الروسي، فإن الجانب الأكثر بروزاً في حملة الدعاية الحكومية هو الغياب النسبي لبوتين. 

وقال دينيس فولكوف، نائب مدير مركز ليفادا، وهو منظمة استطلاع وبحوث في موسكو: "لا توجد إشارة واضحة" بعد شهور من التهرب من السؤال، تم تطعيم بوتين أخيراً في أواخر مارس، لكن ليس أمام الكاميرات ودون توضيح اللقاح الروسي الذي حصل عليه. 

وقبل يومين من تلقيه اللقاح، أصدر الكرملين سلسلة من الصور تظهر بوتين مرتديا معطفا من جلد الغنم مزيناً بالفراء، يقود مركبة صالحة لجميع التضاريس في سيبيريا، وبالنسبة لرئيس مولع بالتقاط الصور، لم تظهر صور حصوله على التطعيم. 

وأضاف فولكوف: "عندما تحتاج إلى ذلك، فإن السلطات قادرة بالتأكيد على تنظيم حملة عامة كبيرة، مع السياسيين والممثلين والموسيقيين، لكن يبدو الأمر كما لو أن الدولة قد قررت التنحي".

وسجلت روسيا اليوم الثلاثاء 8173 إصابة بفيروس كورونا خلال آخر 24 ساعة، فيما ارتفع عدد الوفيات الجديدة إلى 338 بعدما كان 277 أمس الاثنين.

وارتفعت بذلك الحصيلة التراكمية للإصابات في البلاد إلى 4 ملايين و657883 حالة، منها 103601 حالة وفاة، حسبما أفاد مركز العمليات الروسي لمكافحة فيروس كورونا في تقريره اليومي.