في ترييف دمشق أسديا.
سأحاول الحديث عن قضية الترييف أسديا. إذا كانت ظاهرة ترييف المدن في المجتمعات الرأسمالية الوليدة، التي تحدثت عنها في الأجزاء الماضية من هذه المادة عامة نسبيا. فلنرى كيف أسدن الأسد هذه الظاهرة في دمشق. حجم العمالة العسكرية التي استقدمها الأسد من ريف الساحل وريف حماة وحمص، استقداما طائفيا. كانت دمشق غير قادرة على استيعابها بهذه السرعة وبهذه الكثافة. نحن نتحدث عن أكثر من مئتي ألف عامل عسكري، ليرفدوا الجيش الأسدي. كان الهم دمشق، قبل أن يبدأ بتوزيع هذه العمالة العسكرية ذات السمة الطائفية على بقية المحافظات السورية. هذه العمالة العسكرية توزعت على شتى قطاعات الجيش والأمن، مع مسحة سيادية تمييزية طائفية على بقية العاملين في هذا القطاع من الطوائف والأديان والقوميات الأخرى.
هؤلاء يحتاجون إلى سكن مدني. غير قادرين على شراء شقق سكنية أو حتى بيوت عادية. والطاقة التأجيرية لدمشق لم تعد تستوعب، خاصة أن المستأجر من هؤلاء، بعد أن يستأجر يصبح العقار المستأجر ملكا له بقوة الأسدية. كما أسلفنا في جزء سابق.
هنا لابد من التعريج على ظاهرة العشوائيات التي تنشأ حول المدن في إطار ما يعرف بالترييف والإفقار المرافق للطبقية المتوحشة التي كانت تمثلها الأسدية من جهة أخرى.
القاهرة تعتبر أم العشوائيات لكبرها وكثرتها. لكنها لم تكن عشوائيات تميز ديكتاتورا مصريا! حتى عشوائيات حلب على سبيل المثال بقيت أقل أسدية.
فما كان من الأسد عبر قادته إلا أن سمح ببناء عشوائيات ذات هوية طائفية. عشوائيات السومرية والمزة 86 وعش الورور وحي الورد ومساكن الحرس وحي الفرقة الأولى بين الكسوة وصحنايا. هذا على الأقل ما أذكره الآن.
امتياز طائفي بحت!
هذه العمالة العسكرية تكفي أن تذهب وتقتطع أرضا هي ملكية عامة للدولة، وتمد لها الكهرباء والماء والصرف الصحي بالتدريج من قبل مؤسسات الأسد العسكرية. لا أحد يدفع مقابل ذلك. هذه العشوائيات لا يجرؤ عسكري آخر أن يأخذ فيها سكنا إن لم يكن من الطائفة العلوية. وإن حدث خرق يكون لصالح عمالة عسكرية موثوقة أسديا من جيرانه في العشوائية.
في دمشق هذه الظاهرة تعتبر امتيازا طائفيا لا يحصل عليه أي مواطن سوري آخر. إذاً لنرَ العشوائيات الدمشقية كالدويلعة مثلا أو القدم. الناس هنالك من فقراء الريف القادمين إلى أطراف العاصمة يدفعون ثمن أي عقار صغر أو كبر ويدفعون لقاء الخدمات من كهرباء وماء. بعكس العشوائيات الطائفية هذه التي ذكرناها. هنا من البداهة أن تكون ظاهرة الترييف والعشوائيات قد أخذت اسما أسديا بلا منازع" العشوائيات الأسدية في دمشق". إنها عشوائيات على الطريقة الأسدية، ترييف على الطريفة الأسدية. هنا كي نكون واضحين سكان هذه العشوائيات الطائفية وغيرها لا يتحملون مسؤولية ذلك، بل من يتحملها هو الأسد والأسدية حصرا.
منذ عقد من الزمن تقريبا حاولت أن أعيد الطائفية للأسدية وليس للعلوية. بالتالي كل ما تعرضت له سوريا من جرائم، يطبعها الأسد بطابعه. وهل حدث في سوريا ما هو إيجابي أسديا؟ وهنا أذكّر بكتاب الأستاذ ميشيل كيلو الجديد (من الأمة إلى الطائفة: سوريا في حكم البعث والعسكر).
التعليقات (0)