ميليشيات إيران تصعّد التوتر على الحدود السورية العراقية

ميليشيات إيران تصعّد التوتر على الحدود السورية العراقية
تصاعد التوتر الميداني بين ميليشيات "حزب الله" العراقي و"سيد الشهداء" و"فاطميون" الموالية لإيران من جهة، والجيش العراقي والقوات الأمريكية من جهة ثانية، قرب الشريط الحدودي مع سوريا، وذلك على خلفية تكثيف المقاتلات الأمريكية طلعاتها على طول الحدود العراقية السورية. 

وأعلنت الميليشيات العراقية المسلحة المقربة لإيران، حالة التأهب والعمل على إخلاء مواقعها واتخاذ إجراءات احترازية، تحسباً لأي هجوم متوقع من قبل قوات التحالف الدولي، ورفضت الميليشيات المنتشرة على أجزاء واسعة من الشريط الحدودي العراقي السوري الالتزام بتعليمات الجيش العراقي بغلق نقاط العبور الخاصة بهم على الحدود، وتسليم هذه النقاط للجيش، حيث أعادت انتشارها في المنطقة وعزلت نفسها تماماً عن مواقع الجيش، نتيجة عدم ثقتها به، خاصة بعد أن أبدت القوات العراقية استعدادها لمساعدة القوات الأمريكية في القضاء على تلك الميليشيات.

كما تمنّعت عن الموافقة على بناء سياج على الشريط الحدودي مع سوريا في أماكن انتشارها، الذي بدأت ببنائه القوات العراقية بدعم أمريكي، خشية أن يحد ذلك من تحركات الميليشيات على الحدود مع سوريا.

الأمن المفقود على الحدود

يعد تحكم الأطراف الخارجية في الشؤون العراقية أحد أهم الإشكاليات التي يعاني منها العراق، فالسلطة الرسمية المتمثلة في الحكومة العراقية مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وهي المتحكمة في قراراتها، وهي غير قادرة على اتخاذ قرار وطني بشكل منفصل إلى جانب القوى غير الرسمية، والمتمثلة في الفصائل الشيعية المدعومة من إيران. 

وحول ذلك، يرى الباحث في الشأن العراقي جاسم الشمري أن العراق تفتقر إلى وجود سلطة وطنية عراقية مستقلة، بينما يظهر تأثير الجهات غير الرسمية بشكل واضح في الملفات الأمنية، وخاصة في المناطق الساخنة مثل الحدود العراقية السورية، وهذه القوى هي اليوم في مواجهة شبه حقيقية مع الحكومة العراقية، حسب تعبيره.

ويعتقد الشمري خلال حديثه لأورينت نت أن الحكومة العراقية معنية بالدرجة الأولى بالتخلص من القوى غير الرسمية وسحب السلاح وحصره بيد الرسمية منها فقط، لاحتمالية استخدام السلاح ضد السلطة الرسمية، مشدداً على ضرورة سحب الصلاحيات الممنوحة لها وتجميد نفوذها في المناطق الموجودة بها، وإلا لن يتغير مستقبل العراق وسيبقى الحال كما هو عليه اليوم، حسب رأيه.

من جهة أخرى، يستبعد الشمري أن تكون القوى غير الرسمية على جاهزية كافية لمواجهة الجيش العراقي، المدعوم من التحالف الدولي، إلى جانب وجود نحو ألفين و500 عسكري أمريكي في العراق يقاتل إلى جانب السلطة هو عائق، بحسب الشمري، في وجه التمدد الإيراني في المنطقة.

توترات دولية تفضح صراعاً داخلياً

باتت المنطقة الحدودية بؤرة صراع بين عدة أطراف، أولها إيران المتشبثة بالحدود العراقية السورية، كونه الخط الأوحد أمام طهران لإمداد نظام أسد وميليشيات حزب الله بالسلاح، ولتهريب الآثار والمخدرات والنفط والمواد الخام، وثانيها واشنطن وتل أبيب وإسرائيل الرغبتين في إنهاء الوجود الإيراني من المنطقة وقطع شريان إمداد الميليشيات الإيرانية من خلال إبعادها عن الحدود.

يضاف إلى ذلك، روسيا والتي حاولت في الآونة الأخيرة أن تبحث عن موطئ قدم لها في المنطقة عبر تشكيل ميليشيات جديدة في مناطق الفصائل الإيرانية شرق سوريا.

وحول ذلك، يعتقد الأستاذ  في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة ماردين التركية وسام الدين العكلة بأن هذه التوترات تعكس صراعاً داخل الحكومة العراقية بين رئيس الوزراء الحالي الكاظمي ووزارة دفاعه المدعومة من التحالف الدولي وأعضاء آخرين في البرلمان العراقي محكومين من إيران وداعمين لتلك الميليشيات.

 ودلل على ذلك بتوجيه الميليشيات في مرات عدة تهديدات للكاظمي منذ أن كان رئيس جهاز مكافحة الإرهاب لأنه كان على دراية بارتباطات الميليشيات العراقية مع طهران وواصلت تهديداتها له حتى بعد استلامه رئاسة حكومة العراق.

وتابع بالقول بأن هذه التوترات ليست جديدة، وبدأت من بغداد وامتدت إلى جميع الأراضي العراقية، ولم تستطع حكومة الكاظمي ردع هذه الميليشيات في توجيه ضربات عدة إلى أماكن وجود القوات الأمريكية، ومن المتوقع استمرار التوتر بين الطرفين لأن أسباب الخلاف ما زالت موجودة، حسب قوله.

تهديد للقواعد واستعراض عسكري

يوم الأحد 4 نيسان الحالي، استهدف هجوم صاروخي قاعدة تضم جنوداً أمريكيين في محافظة صلاح الدين شمال العراق، هو الثاني من نوعه خلال أيام، بعد هجوم استهدف قاعدة بلد الجوية، التي تضم جنوداً أمريكيين وآخرين من التحالف الدولي في منتصف آذار الماضي، عبر 5 صواريخ كاتيوشا، دون وقوع إصابات. 

وتعرضت قواعد عسكرية تضم قوات أمريكية في العراق لهجمات بالصواريخ، على مدار الأشهر الماضية، اتهمت واشنطن فصائل مسلحة عراقية موالية لإيران بالمسؤولية عنها.

من جهتهن اتهم محلل عسكري وخبير استراتيجي العقيد فايز الأسمر الميليشيات العراقية الموالية لإيران بالوقوف وراء الهجمات المتكررة على القواعد الأمريكية العسكرية في كل من الأنبار والرماد وأربيل.

واعتبر الأسمر خلال حديثه لأورينت نت بأن جميع الميليشيات العراقية على اختلاف مسمياتها، والتي تتبع للحرس الثوري الإيراني، تسعى للتمدد وتعزيز نفوذها السياسي والعسكري في كل من العراق وسوريا من خلال زيادة عدد عناصرها وعتادهم. وباتت تلك الميليشيات تنافس الجيش العراقي في القوة العسكرية، ولم يعد الجيش العراقي قادراً على التخلص منها بسهولة لتغلغلها في كل مفاصل الدولة وحدودها بدليل عروضها العسكرية الأخيرة وسط بغداد أيضاً.

أربعة أهداف استراتيجية 

ويرى الأسمر بأن الهدف الاستراتيجي المرحلي الأهم الآن للحرس الثوري الإيراني في سوريا والعراق هو السيطرة على الحدود العراقية السورية، وتأمين حرية العبور، والحركة، والإمداد بالأسلحة القادمة من إيران وإلى البلدين.

لذلك، لن يكون سهلاً على الأمريكان دعم إمكانية سيطرة الجيش العراقي أو تأمينهم للحدود وتشديد الرقابة عليها دون الاصطدام العسكري المباشر مع تلك الميليشيات، والتي قد تضع العراق على صفيح ساخن، بحسب الأسمر، لأنه في حال استمرار القوات الأمريكية في توجيه ضربات جوية ضد الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، ستقوم الأخيرة بإلحاق الضرر بالقواعد العسكرية الأمريكية في كل من سوريا والعراق، وتوجيه ضربات إلى إسرائيل، وهذا ما تخشاه قوات التحالف الدولية وتحاول دراسة ردة فعل تلك الضربات قبل توجيهها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات