مسلسل (المنصة٢): على خطى الدراما المصرية في شيطنة الإسلاميين

مسلسل (المنصة٢): على خطى الدراما المصرية في شيطنة الإسلاميين
في سياق مسيرة الانحطاط التي يشهدها الواقع السياسي العربي، تأتي الدراما في مسلسل"المنصة٢" لتلعب إحدى أدوار الانحطاط، العمل كله لا شغل شاغل له سوى  الفوبيا من الإسلام، وكأنه العدو الذي يتربص بك خلف الباب ليقطف رأسك!

هكذا يأتي الانحطاط في أوضح صوره. يركز السيناريو في مسلسل (المنصة٢) على الصحوة الإسلامية خلال العقد الماضي؛ لا بتجلياتها السلمية، لكن بالتجليات التي حملت طابع العمل المسلح. وفي كل التجليات داخل السيناريو "الإسلام فوبيا" رأينا صورا نمطية لا تمت للواقع بصلة، بخاصة أننا نتحدث عن واقع قريب، مازال الكثير من شهوده أحياء، وليس واقعاً تاريخياً بعيداً، يمكن العبث بوقائعه وفصوله.

وإذا كنت متلقيا عاديا أو نموذجيا يمكن رصد حالة الكراهية العفنة تجاه شريحة الإسلاميين وتنميطها وتهميشها في هذا العمل للكاتب الكردي هوزان عكو، الذي طالما يتحدث عن خياراته الحرة في الكتابة، ولكن لا بد أن هذه الخيارات الحرة مكبلة بالمال الخليجي، وتقاطعات هوية لا يمكن إخفاء آثارها السياسية والإيديولوجية، فلا نحصل حتى على القليل النادر من المصداقية في معالجة قضايا الراهن العربي الساخن، هذا السيناريو ينضم للأكثرية التي تورطت في تقديم معتنق الإسلام السياسي، صاحب اللحية الكثة والزي الإسلامي الشرعي الذي يتورط في عنف أعمى بلا مضمون سياسي، ولا أي مبرر شرعي مقنع.

واللافت في معالجة الأسئلة الكبرى على هدى هذا السيناريو أنها كانت أكثر تجميلية في التعاطي مع غير الإسلاميين، وأكثر من ذلك كونها تدخل كل اليساريين والوطنيين العاديين في المجتمع المثالي.

الإسلامي في هذا السيناريو يمارس العنف المسلح؛ فقط كي يدخل الجنة، ولا صلة لذلك بأي هدف سياسي، ولا بأي مبرر مقنع، كأن العنف مجرد ظاهرة فكرية لا تمت للظروف الموضوعية بأدنى صلة.

والحال أن العنف المسلح لم يكن في يوم من الأيام، لا في الحالة العربية والإسلامية، ولا في سواها ظاهرة فكرية، بل هو نتاج ظروف موضوعية- سياسية واقتصادية واجتماعية- ترتدي ثوب الفكر الذي يسود في المجتمع، فيرحب ويتلقى الحفاوة كل ما يحمل تجليات اليسار، ويبقى العداء الأعمى نصيب كل الإخوان والسلفية أو الخليط من هذا وذاك، الإخوان الذي يبقى محور السيناريو ومعاداة تركيا من خلال "الغمز واللمز" إنه هجاء درامي.

 سوريا في هذا العمل، تلميحاً لا تصريحاً، نجد فيها هذا السيناريو يتعاون مع النظام في سوريا في مواجهة الثورة السورية، عبر عمل درامي  لا يرتقي للقليل النادر من المصداقية، حال خطاب وزارة الإعلام للنظام، شيطنة للإسلاميين على طريقة شيطنة الدراما المصرية، أي أنهم مجرد باحثين عن الجنة بطريقة عبثية عنوانها القتل الأعمى، فضلاً عن قصص السبايا والنهب والشعوذة والكذب، الذي يظهر أثر المال الإماراتي واضح الوجود الفكري فيها.

كل هذا العبث في السيناريو، بمعالجة الثورة السورية من منظور خطاب النظام، شيطنة الحالة الإسلامية برمتها، حتى الإخوان الذين لم يتبنوا خيارات المقاومة المسلحة بدلاً من استعمال تعبير العنف المسلح، لا شيء يشي بالصورة التي أوصلتنا إلى هنا، يبقى الفصل الأخير، هو كل شيء هكذا بكل صفاقة واستغباء و"استحمار" للمتلقي السوري، بطريقة طاعنة في البشاعة، بلبوس في منتهى التزييف والابتذال.

إلى ما لا ينتبه إليه الكاتب السوري الكردي هوزان عكو، أنه لا يتحدث عن كائنات فضائية يمكن تلبيسها أي مواقف، واتهامها بأي جرائم، بل عن بشر عاشوا ويعيشون بين الناس، وقدموا أثمانا باهظة لا يمكن أن يتحملها اليسار الناعم، والوطنيين على قياس سقف الوطن، وإن العمل الذي يتابعه الكثير بهدف التسلية؛ أجزم أنه سيكون محدود التأثير على جمهور الثورة السورية، ويطال أصحاب مواقف مسبقة، أو كارهين، بدليل أن بوسعنا أن من يدعم قمع وسجن وقتل هؤلاء، شريك بالدم الدرامي الذي لا زيل عن سفك الدم؛ إنه شريك أصيل وأخطر.

وبالحديث عن الشخصيات الرئيسية؛ مكسيم خليل يبقى الاستثناء، حيث قدم دورا جميلا، لا يمكن القول إنه أجمل أدواره. أعتقد أنني رأيت مكسيم خليل نفسه: الشخصية الهادئة، وغير المتسرعة، المحبة للناس، والمحبوبة من الناس. هذا العمل قدم فيه مكسيم خليل إضافة، أنه جواز سفر "للبان آراب"، ولكن يبقى السؤال الذي سبق وطرحه الصحافي والناقد راشد عيسى في مقال عن العمل في جزئه الأول: عن دور مكسيم خليل، هل هو برغي في ماكينة؟!

عبد المحسن النمر الذي أدى دور "ناصر" مشاطرا البطولة مع النجم مكسيم خليل؛ يجب الإشارة إلى الدور السيئ الذي أداه "دور ثقيل" كبير جداً على قدرات التمثيل أمام ممثل من العيار الثقيل من مثل مكسيم خليل، ربما بل يقيناً ضرورات التمويل تفرض خيارات ليست دائماً موفقة ولاعتبارات فنية يتحكم بها رأس المال.

على الطرف الآخر؛ كانت الأدوار النسائية مخيبة لآمالي، فشخصية جيني إسبر لم تكن مقنعة في أدائها وسلوكها الدرامي، وأوصلت رسائل عدة في قمة الهجاء لمجتمعنا الإسلامي، وتعميم أسلوب فحولي وقهري يمارس على النساء، حينما تكون الممثلة – كما الشخصية - شاهدة زور. المكياج ردات الفعل، تضخيم الأشياء. كلها مأخذ فنية نقدية بحتة على دور إسبر، لم تكن مقنعة لا في بداية العمل ولا مع تقدم أحداثه، بل على العكس، مع تقدم الوقت، وجدت ضياعاً في عمق الشخصية وتكوينها.

التصوير لم يكن محكماً وجاذبا للمشاهد، بل بالكاد لا تجد مشاهداً ليس فيها إطالة تندرج ضمن باب الثرثرة البصرية، لا أكثر ولا أقل.

بما يخص الحوار كان كاريكاتورياً في أغلب المشاهد، وكان مباشراً في كثير من المشاهد. دائماً ما ينصح بالحوار الرشيق والعبارات المنتقاة أمام الكاميرا.

مسلسل (المنصة٢) سيناريو يكذب على الأحياء، وتزييف الواقع الذي لا يمكن أن يمر سوى على عقول مسطحة الرؤى والتفكير، أو مأخوذة بمواقف مسبقة، والأسوأ أنه يتم في فضاء الزمن المفتوح، ومواقع التواصل، والمعارف المتاحة بين الناس.

التعليقات (2)

    ابراهيم الكردي

    ·منذ سنتين 10 أشهر
    يعني بالمختصر متلكون يا اورينت لما بتحكو عن قسد و الاكراد

    Dima khallouf

    ·منذ سنتين 10 أشهر
    هههه هاد الواقع وهي الحقيقة انتو الاخوان والجماعات الإسلامية المسلحة كلكون إرهابيين إن قبلتوا هالشي أو ارفضتوه وع قولتكون نحنا لسا ما متنا لساتنا عايشين ومنعرف الحقيقة شوهيي ومعون حق بكلشي بقولوه عنكون يا سرطان انتو
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات