مسلسل (على صفيح ساخن) دراما النبش في زبالة المخابرات

مسلسل (على صفيح ساخن) دراما النبش في زبالة المخابرات
يرى كثير من النقاد والمتابعين أن الدراما السورية فقدت الكثير من ألقها وتراجعت كثيراً، بل بدت حالياً كأنها كانت في طفرة منذ نهاية القرن الماضي حتى بداية الثورة السورية، ثم عادت هذه الدراما إلى حجمها الطبيعي نتيجة غياب مقومات الصناعة الدرامية الحقيقية، وغياب الواقعية عن الأعمال الفنية، وهروب الكثير من الفنانين والمنتجين والتقنيين من البلاد، ورغم كل هذا لا يتوقف النظام عن صرف ما تبقى من رصيد للدراما لدى الشارع السوري في التلقين السياسي، وتمرير رسائله بطريقة مباشرة وممجوجة.

ضعف المعالجة

عدا عن الأعمال العربية المشتركة، فإن سبعة مسلسلات سورية خالصة تم عرضها خلال شهر رمضان الفائت، كلها كانت فاشلة لبعدها عن الواقع ووقوعها في فخ التكرار والنمطية،  ورغم أن مسلسل (على صفيح ساخن) لم يخرج عن هذا التوصيف عموماً، إلا أن الوقوف عنده ضروري، لما يحمله من رسائل مخابراتية فجة أولا، ولمعالجته موضوعاً جديداً، ألا وهو الأطفال الذين يعملون على نبش القمامة لاستخراج كل ما يمكن بيعه منها، غير أن العمل لم يعالج بشكل كافٍ هذه الفئة المظلومة من السوريين، ولم يركز كثيراً على هذه الشريحة التي كبر حجمها كثيراً هذه الآونة، فلم يكشف القناع عن حياة هؤلاء النباشين الذين ينامون في مكبات القمامة ويأكلون منها، ولم نرَ إلا ما ندر تفاصيل عيشهم وكيف اضطروا لهذا العمل الدنيء.. وأين هي دولة بشار الكيماوي من معاناة هؤلاء؟

أفرع أمن تلهم الكتّاب

عدسة المخرج تذهب بنا غالباً عبر كوادر ضيقة إلى فكرة قديمة ومطروقة سابقاً وهي عالم المافيات التي تتاجر بكل شيء، بدءا من جمع ما يستفاد منه من القمامة، وصولاً إلى الإتجار بالمخدرات والقيام بأعمال الإجرام.

العمل نظرياً هو من كتابة علي وجيه ويامن حجلي، وفعلياً كأنه إملاء من أحد فروع المخابرات، فهناك دائماً مسؤولون فاسدون، ولكن هؤلاء الفاسدين يتم كشفهم والزج بهم في السجون، والقيادة لا ترضى عن هكذا سلوكيات "الرئيس جيد ولكن من حوله سيّئون"، فأبو يعرب المسؤول الكبير الفاسد الذي لم يظهر كثيراً في العمل ولم يتم تسليط الضوء عليه سوى عبر ترداد تاجر المخدرات أبو كرمو لاسمه كثيرا، لا بل أكثر من ذلك هو معارض أو عميل للمعارضة، والمعارضة كلها إسلاميون، وهم يريدون تهجير المسيحيين، في النهاية تكتشف السلطات المختصة الساهرة على أمن الوطن مخطط (أبو يعرب) وتودعه السجن.

رسائل سياسية قذرة!

التنميط السلبي للدين والمتدينين دائماً حاضر، فكل متدين هو مشروع إرهابي، سواء كان إرهابياً فعلياً، أو مطية للقيام بأعمال إرهابية، أو التغطية عليها عبر المشاريع الخيرية، وهذا ما يخدم رؤية النظام الأمنية تماماً، بل وحتى بعض الأنظمة العربية المسكونة بالخوف الهيستيري من الإسلام السياسي، والتي باتت تحاول التقرب من نظام الأسد وفك العزلة العربية والدولية عنه لأنها اكتشفت كم يشبهها!

الشيخ المتعامل مع أبو يعرب والذي خطط للتفجيرات كان يزور إسطنبول باستمرار، رغم صعوبة هذه الزيارات لجهة الحصول على تذكرة سفر، أو حتى انقطاع خطوط السفر المباشرة بين تركيا ودمشق، وأن سلطات النظام الأمنية ستحقق مع كل من يزور تركيا، التي يعتبرها النظام عدواً منذ عام 2011، الأغرب هو الحوار الذي دار بين الشيخ دلامة وأبو يعرب بعد عودته من إسطنبول، فالجماعة المعارضة "محبطة لأنها لا تستطيع الوصول للسلطة والاستمرار بها، لأنها تفتقر للحاضنة الشعبية"... ولكم أن تتخيلوا أن الحاضنة الشعبية التي يتمتع بها هذا النظام قد جعلت ما يقرب من نصف الشعب السوري أن يترك بلده ويضطر لتحمل مرارة اللجوء. 

إنها دراما العهر اللا وطني.. دراما الوقاحة التي تنتج أكاذيب مثيرة للاشمئزاز.. دراما تقول لنا إن هذا الحوار كتبته إدارة التوجيه السياسي والمعنوي في شعبة المخابرات العامة.. أو أن ما يكتبه وجيه والحجلي هو فكر المخابرات وإرهابهم الذي يروق لهما ويؤمنان به! 

استهداف للأحياء المسيحية فقط

هذا الشيخ جعل تلميذه يفجر مطعماً يمتلكه والده لأنه يقدم الخمور، وهو من وضع المتفجرات في أكثر من مكان، وخصوصاً (باب شرقي) و(القصاع ) و(باب توما) كي يجبر أهالي هذه الأحياء على بيعها لجماعته، إلا أن السلطات المختصة تقوم باكتشافها قبل أن تنفجر، وهكذا بمحض صدفة فإن المتفجرات لا توضع إلا في الأحياء المسيحية والنظام دائماً متيقظ لحماية هذه الأحياء، التي فيما لو رحل فإنه سيحل بها البلاء العظيم، و"حماية الأقليات" أحد اليافطات التي يرفعها النظام.

ثم وكأن المتفجرات لا توضع إلا في الأحياء المسيحية، ألم تستهدف التفجيرات حيَيّ القزاز والميدان عام 2012، وحينها كان مراسل التلفزيون السوري يعد ويهيئ مسرح الجريمة لإظهار أن بعض الضحايا كانوا من المدنيين في سوق قريب.

نظام التفجيرات والأقليات.. وميشيل سماحة نموذجا!

ثم لماذا دائماً تركز الدراما على أن منفذي التفجيرات من مذهب محدد، ألم تتم إدانة السياسي اللبناني ميشيل سماحة بالجرم المشهود عام 2016 بنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان والتخطيط لتنفيذ تفجيرات هناك واغتيال شخصيات سياسية وميدانية، واستهداف عدد من الإفطارات الرمضانية. ألم ينفذ النظام السوري تفجيرات في مدينة طرابلس اللبنانية عام 2013 أمام مسجدي السلام والتقوى في قلب عاصمة الشمال، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات.

وقبل ذلك اتهمت الحكومة العراقية النظام السوري بتنفيذ تفجيرات ما بات يعرف بالأربعاء الأسود عام 2009.

خطوط بعيدة عن دراما المسلسل.. وممثلون تائهون! 

في الحلقة الأخيرة يتم إلقاء القبض على  " الطاعون" بتهمة القتل، وهو أحد زعماء مافيات النبش والشخصية الأبرز في المسلسل، والتي لا تتوانى عن فعل أي شيء لتحقيق مصالحها، شخصية قدمها بشكل لافت سلوم حداد، كعادته. يتم القبض على تاجر المخدرات وكل المخالفين للقانون، وكأنه عبر هذه الاعتقالات أراد كتّاب المسلسل أن يقولوا إن كل الفاسدين سيتم اعتقالهم، وإن القيادة " الشريفة النزيهة" ستعتقل كل الفاسدين، وستكافح كل سلوك خارج عن القانون في البلد!

وفي العمل هناك الكثير من الخطوط الفرعية الدرامية التي لا تدعم الفكرة الرئيسة، بل جاءت بعيدة عنها، ويشعر المشاهد أن هذه الخطوط هي لملء الوقت، كخط البرجوازية الدمشقية شمس التي تتسول أمام أحد الحدائق التي كانت ملكاً لأهلها قبل أن يتم استملاكها.. والذي يأتي بعيدا عن كل صراعات ودراما العمل.. مثلما يأتي أداء سمر سامي الساحر بعيدا كذلك عن نمط أداء باقي الممثلين في ظل وجود مخرج لا يجيد إدارة ممثليه.. فبطلة العمل "هند " وهي الممثلة الجزائرية أمل بوشوشة يبدو أداؤها قريباً جداً من أداء الممثلات اللبنانيات الرديئات عموما، اللاتي يقول أداؤهن لك إننا نمثل، فلا تصدقنا.. أما أداء باسم ياخور فيغرق في عالم الاندهاش المصطنع الذي لا ينتهي.. ويبدو سلوم حداد لاعبا على الحبال في دراما يقودها مخرج تقني لا يملك رؤية في المعالجة ولا في الأداء.  

التعليقات (4)

    آلاء شرابي

    ·منذ سنتين 11 شهر
    يعني إذا بدكون تحكو ع احسن مسلسل هيك.. معناتا ماضل عندنا شي نشوفو غير برامج الأورينت .. هيك بدكون يعني ؟

    جهاد

    ·منذ سنتين 11 شهر
    حلف الاقليات النجس يجب ابادتهم جميعا

    اماني

    ·منذ سنتين 11 شهر
    نحن مسؤلون عن هذه المهزله لانه لو كان عندنا رجال او ثوار او يوجد عندنا مثقفيين ، كنا انتجنا نحن مسلسلات وبكل اللغة وبالادلة من التحقيقات والإثباتات من لبنان الي الريحانية الخ... اقل شيء انشاء نقابة فنانين في المهجر ويعملوا اعمال ويتبرعوا بجهدهم

    باعصكم

    ·منذ سنتين 11 شهر
    وليش هالقد مبعوصين ؟؟؟ وعفكرة الجمعات الخيرية عملت هيك وأكتر
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات