ومع انسحاب إسرائيل من الجنوب بفضل هذه المقاومة ازداد حضور حسن نصرالله وحزب الله في الوجدان العربي عموماً والوجدان الفلسطيني على وجه الخصوص.
كنا على دراية بأن حزب الله حزب طائفي، ولكن أن يكون الحزب طائفياً في لبنان الطائفي فهذا كان أمراً طبيعياً وما زال. ولهذا لم تكن الحركات والأحزاب الطائفية تخلق الاستنكار حتى لدى الأحزاب اللبنانية غير الطائفية.
غير أن الصراع مع محتل يمثل لدى الشعوب عموماً ظاهرة تعمي العقل عن رؤية ما هو سلبي عند ما كنا نطلق عليه المقاومة.
ولهذا كان مفهوم المقاومة يمنح المقاوم مكانة تحرره مما هو سلبي، تماماً كالسجين السياسي أيام الأسد الذي يحتل مكانة رفيعة في المجتمع بمعزل عن الجوانب الأخرى التي ينطوي عليها، والتي قد تكون غير مستحبة.
بهذا المعنى كان الانتماء للمفهوم وليس للشخص آنذاك. ولما كان الشخص يعين المفهوم -المقاومة، فإن حسن نصرالله حاز على حبنا جميعاً نحن الفلسطينيين والسوريين .لم نربط حينها بينه وبين الجماعة الحاكمة التي نكره، إذ لم يكن الوعي الكاره لإسرائيل ليسمح لنا أن نكره المقاومة التي يمثلها حسن نصرالله بسبب علاقته بولي الفقيه و"الرئيس القائد".
مع قيام الثورة الشعبية السورية ودخول حزب الله طرفاً إلى جانب الجماعة الحاكمة ليمارس القتل شأنه شأن عسكر النظام، ومع احتلال (القصير)، مات حزب الله ومات حسن نصرالله، وتحول المقاوم في الوعي إلى مجرم، وصار مفهوم المقاومة مفهوماً يدعو للسخرية، وصار نصرالله قاتل أشر، وعدو أشد خطورة من إسرائيل بالنسبة للأغلبية السورية.
ولد حسن نصرالله عام1992 ومات عام 2011. أي أنه عاش تسع عشرة سنة فقط.
ولد حسن نصرالله في اليوم الذي عين فيه أمينا عاما لحزب الله المقاتل ضد إسرائيل، ومات حسن نصرالله في اليوم الذي صار فيه مقاتلا ضد شعب سوريا.
عاش حسن نصرالله سنوات في وجدان فتاة سورية تؤجل موعدها فجأة مع حبيبها الذي ينتظرها أمام قاعة الرقص لأنها ستستمع إلى خطاب "سيد المقاومة" ،ومات حسن نصرالله عندما أطلق الرصاص على جسد حبيبها.
عاش حسن نصرالله في الوجدان الوطني اللاطائفي وهو الطائفي حبا بالجنوب المقاوم،
ومات حسن نصرالله حين أطلق لحقده الطائفي العنان قاتلا في موته ذكرى الوجدان. ومات دون أي مأتم أو ترحم من أحد من حملة الوجدان الوطني والإنساني عليه.
التعليقات (6)