بعد 40 عاما من القطيعة.. هل فاوضت مصر النظام الإيراني وماذا تريد طهران من القاهرة ؟

بعد 40 عاما من القطيعة..  هل فاوضت مصر النظام الإيراني وماذا تريد طهران من القاهرة ؟
نفت مصادر مُطّلعة في العاصمة المصرية القاهرة لـ "أورينت نت" الأنباء التي تداولتها وسائل إعلام إيرانية حول وجود تقارب ومُحادثات رسمية بين القاهرة ونظام الملالي الحاكم في إيران في هذا الوقت، أو زيارة وفد استخباراتي إيراني للقاهرة.

لكن وسائل إعلام إيرانية وأخرى عربيّة قالت إنّ مجموعة رفيعة من ضبّاط المخابرات الإيرانية التقوا في القاهرة بنظرائهم المصريين، وركّزت المُباحثات على أمن المنشآت المصرية التي تعمل في إعادة إعمار العراق، وهذا الأمر طبقاً لوسائل إعلام إيرانية من شأنه تعزيز العلاقات بين البلدين، وبالنتيجة الوصول إلى رؤى مُتقاربة في ملفّات المنطقة.

الصحفي المصري المُختص بالشؤون الآسيوية بمركز الأهرام كرم سعيد أكد لـ"أورينت نت" عدم وجود مُباحثات كهذه، وإن وجدت هذه المُباحثات فهي ربما غير مُباشرة أو إنّه تعاون مُستتر، وهو محاولة لاختراق العلاقة بين البلدين، خصوصاً على ضوء التطورات الإقليمية والدولية الحالية، ومساعي القاهرة لتحفيز قوّة إقليمية لمُساندتها في أزمتها الخاصة بسد النهضة.

وأضاف سعيد: "تواجه إيران ضغوطاً بالجملة في ظل توتر علاقتها مع الولايات المُتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ناهيك عن الخلاف والصراع التاريخي مع تركيا، وربّما تسعى إيران للتحايل على هذا الأمر من خلال فتح ثغرة في جدار العلاقات مع القاهرة".

الصحفي المُتخصص بالشؤون الإيرانية والعربية في قناة (بي بي سي فارسي) كاظم والي لم يؤكد ولم يستبعد حدوث مُفاوضات كهذه، مؤكداً أنّ نظرة الأحزاب السياسية الموالية لإيران في العراق لمصر سلبية؛ ولكنها ليست عدائية ومن الممكن العمل على تحسين علاقة مصر مع هذه الأحزاب، وبحسب والي، تسعى مصر لإنجاح مشروع "الشام الجديد" ذي الأهمية الاقتصادية والسياسية الكبيرة للقاهرة، من خلال الحوار مع إيران وتسهيل الحضور المصري في العراق.

ومشروع الشام الجديد هو اسمٌ لمشروعِ تعاونٍ عربي، يضمُّ الأردن والعراق ومصر، ويقوم على أساس التفاهمات الاقتصاديّة والسياسيّة بين هذه البلدان الواقعة في قلب الشرق الأوسط، ويعمل هذا المشروع على استقطاب الاستثمارات إلى العراق.

وأشار والي في حديث لـ "أورينت نت" لهدف مصري آخر من الحوار مع إيران وهو ضبط العلاقة المصرية مع الخليج وإيجاد توازن في هذه العلاقات، مصر تعلم جيداً أنّ إعادة العلاقات المصرية-الإيرانية غير مرحب بها في الخليج، لذا تسعى من خلال هذه المفاوضات للفت انتباه هذه الدول لضرورة إعطاء امتيازات أكبر لمصر لتخليها عن أي علاقات محتملة مع إيران.

إيرانيّاً؛ يعتقد والي أنّ طهران تعلم جيداً أن إعادة العلاقات الطبيعية مع مصر بحاجة إلى تنازلات عديدة، وإيران مستعدّة -مثلما قدمت سابقاً عرضاً مغرياً للرئيس المصري السابق محمد مرسي- أن تقدم عرضاً اقتصادياً مغرياً للسيسي، شرط أن يسمح لها بفتح السفارة الإيرانية وإعادة البعثة الدبلوماسية الكاملة الإيرانية للقاهرة، وإبعاد مصر من المحور السعودي-الإماراتي، مؤكداً أنّ الرؤية السياسية لإيران تتركز دائماً على تحجيم وتخريب الدور السعودي من خلال إجهاض أيّ تحالفات سعودية مع الدول العربية أو حتى مع دول إقليمية مثل باكستان وتركية.

مُصاهرة.. اغتيال.. وتوتر

يعود تاريخ العلاقات بين الدّولتين إلى العهد الملكي فيهما، وتقول الوثائق التاريخيّة إنّ العلاقات كانت مُميّزة، ووصلت في إحدى مراحلها إلى حد المُصاهرة بينهما، حيث تزوّج شاه إيران محمد رضا بهلوي من الأميرة فوزية شقيقة الملك المصري فاروق.

أما توتر العلاقات بين الدّولتين فيعود إلى استقبال الرئيس المصري السابق محمد أنور السّادات شاه إيران بعد استيلاء الخميني على الحكم في إيران، ليبدأ نظام العمائم بالتخطيط لاغتيال السّادات، وتقول الوثائق التاريخيّة إنّ تنظيم الجهاد الإسلامي المصري التقى عام 1981 بمدينة قم الإيرانية بآية الله حسين علي منتظري وعرض عليه خطة ترمي إلى قيام ثورة إسلامية في مصر تطيح بالحكومة، وتقوم الخطة على اغتيال السادات وخروج الجماعات الإسلامية المسلحة إلى الشوارع في أسيوط،  ثم في باقي المدن المصرية للسيطرة على الأوضاع.

الباحث والكاتب المهتم بالحركات الإسلامية معتز ممدوح يقول في مقالٍ له إنّ منتظري أُعجب بالخطّة وسأل وفد الجهاد الإسلامي عن المطلوب من إيران، فأجابه الدكتور إبراهيم حديد أحد أعضاء وفد حركة الجهاد: "نريد نصف مليون دولار ندفعها للعسكريين المسؤولين عن مخازن السلاح لتزويد المتظاهرين الذين سينزلون إلى الشوارع بالسلاح المطلوب للانقضاض على النظام بعد مقتل السادات مباشرة".

وبعد الاغتيال مُباشرةً؛ أطلق نظام الملالي اسم مُنفذ حادثة الاغتيال (خالد اسلامبولي) على واحد من أبرز الشوارع في العاصمة طهران، ما دفع القاهرة إلى طرد السفير الإيراني، وقطع العلاقات بين البلدين حتى هذا اليوم.

أما في القاهرة، ومنذ حادثة الاغتيال قطعت مصر قدم الولي الفقيه عن دخول مصر، وأصبح نظام الملالي يتحيّن الفُرص للدخول، غير أنّ جميع مُحاولاته باءت بالفشل، فنظام العمائم يدّعي وجود العديد من المزارات الشيعيّة في مصر، ويصرُّ كما في سوريا والعراق على حقه بحمايتها ووجوده في إدارتها.

وفي العام 2008 أنتج نظام العمائم فيلماً وثائقياً بعنوان "إعدام الفرعون" أنتجته لجنة تكريم شهداء الحركة الإسلامية العالمية، ويتناول هذا الفيلم حادثة اغتيال الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات، ويصف الفيلم أنور السادات بـ "الخائن"، ويصف قتلته بالشهداء.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات