جبل الزاوية بين التهجير والموت... والقادة بانتظار القرار؟

جبل الزاوية بين التهجير والموت... والقادة بانتظار القرار؟
مفردة حق الدفاع عن النفس لم تغب عن أبجديات كل الكتب والشرائع السماوية, ولم تغب عن الاتفاقيات الدولية ومبادئ القانون الدولي, وحتى بأدبيات التفاهمات الروسية_ التركية أعطي حق الرد فيها لمن يتعرض لهجوم من الطرف الآخر, والحق باتخاذ كافة الإجراءات التي يتضمنها حق الدفاع عن النفس, واتخاذ كامل الإجراءات من عسكرية وغيرها من أجل حماية من يتعرض لأي هجوم يناقض ما تم التوافق عليه بين الضامنين التركي والروسي بما يخص ميليشيات أسد وفصائل الجيش الوطني في شمال غرب سوريا.

المعلوم للجميع أن مناطق شمال غرب سوريا كمنطقة جغرافية تضم (عرفاً) أرياف الساحل غرباً وبعضاً من أرياف حماه, وكامل محافظة إدلب وأرياف حلب الغربية والشمالية والشرقية, وهي تخضع لتوافقات روسية_تركية من خلال مسار أستانا الذي انعقد فيه حتى الآن 16 جولة, أجمعت كل بياناتها الختامية على منح حق الدفاع عن النفس لمن يتعرض لخروقات وتوافقات تم التوافق عليها بين الضامنين, مع قيام الجانب التركي والروسي بدور المراقب لضبط وقف إطلاق النار, وهذا الشيء لم يتحقق بتاتاً منذ الجولة الأولى, ولم تتوقف ميليشيات أسد وكل داعميها عن ممارسة البلطجة العسكرية الميليشياوية من خلال الخروقات والتجاوزات لكل ما تم التوافق عليه, ودأبت تركيا خلال تلك الفترة عبر نقاط مراقبتها بتقديم الاعتراضات وتبيان الأدلة والشواهد على خروقات نظام أسد, لكن رد قاعدة حميميم كان دائماً يغالط الوقائع ويزور الأحداث عبر خطاب خشبي يذهب فيه دائماً لقلب الحقائق واتهام فصائل الثورة بالخروقات ويحمّلها المسؤولية, وعندما يعجز عن ذلك يعود لديدنه المعروف باتهام هيئة تحرير الشام بخروقات غير صحيحة لتبرير إجرام ميليشيات الأسد.

ما تقدم ليس بجديد إنما كانت الغاية منه قناعة ترسخت لدى كل مواطن سوري من الملايين الموجودة في شمال غرب سوريا, أن نظام الأسد وداعمَيه الروسي والإيراني لم يتوقفا يوماً, ولم يرضخوا يوماً لاتفاق أو تفاهم مبرم, حتى التفاهم الذي انبثق عن لقاء الرئيسين أردوغان_ بوتين في الخامس من آذار عام 2020 تم خرقه من قبل الروس قبل نظام الأسد وتم تجاوزه عبر القصف بالطائرات الروسية والمدفعية والصواريخ والدبابات.

خلال كل تلك الخروقات وخلال كامل الاجتياحات التي تمت خسرت الثورة من خلالها مدناً كبرى من اللطامنة لمورك لخان شيخون لمعرة النعمان وسراقب, اكتفت الفصائل بدور المدافع والمنسحب وبتكتيكات عسكرية روتينية يغلب عليها صفة ردود الأفعال, دون أي تغيير أو محاولات لاستعادة زمام المبادرة, حتى مع خسارتها المدن, ومع توقف عملية الاجتياح لميليشيات النظام, عادت الفصائل لتمارس حياتها الطبيعية, وارتضت بالحدود الجديدة, وكأن شيئاً لم يحصل, وكأن تهجير أكثر من مليون ونصف مواطن من حاضنة الثورة وخسارة أكثر من ثلث المناطق المحررة, ورمي سكان تلك المناطق التي خسرتها الثورة في مخيمات اللجوء على الحدود التركية, هو أمر اعتيادي لا يستحق التحضير لمعارك جديدة, أو حرب استنزاف على أقل تقدير, بل اكتفى قادة الفصائل بالخنوع والسكوت ونسيان الأمس بشكل مخزي وبعيداً عن أي تفكير ثوري أو التزام أخلاقي تجاه أهلنا المشردين والنازحين الذي خسروا أملاكهم وأرزاقهم وبيوتهم.

منذ ستة أسابيع عاد النظام وكعادته, للقصف الصاروخي والمدفعي, وعادت طائرات قاعدة حميميم الروسية لتصب حمم صواريخها على أرياف إدلب وأرياف حلب الغربية, وعادت عملية النزوح والتهجير لأهلنا في المحرر, وارتكبت من خلال تلك الخروقات أفظع المجازر في قرى بلين والبارة وإحسم وسرجة وفي مدينة أريحا ومناطق كثيرة وعديدة, وأبادت وقتلت تلك الخروقات عائلات بأكملها وشردت الآلاف باتجاه الحدود التركية, ونداء وصرخات الأهالي لم تتوقف ولم تخمد مطالبة بالرد, ومطالبة بعمل عسكري نوعي يتناسب مع الجرائم المرتكبة, عمل عسكري يردع النظام ويردع الروس عن تجاوزاتهم, خصوصاً بعد أن تبين أن كل هذا العمل العسكري يجري مدعوماً روسياً عبر الطائرات الحربية, ومدعوماً أرضياً عبر قيادات عسكرية روسية موجودة بمقرات القيادة وغرف العمليات, وحتى معلومات الرصد وإحداثيات المواقع التي يتم قصفها, ويعاد تدقيقها مرة ثانية بعد الرمايات, قامت بتأمينه طائرات "الدرونز" المسيرات الروسية, التي غطت سماء المحرر من جبهة الساحل إلى سماء جسر الشغور وجبل شحشبو وجبل الزاوية صعوداً حتى أرياف حلب, وبمشاركة ميدانية علنية بكل الحرب الدائرة على المدنيين.

أمام هذا الواقع أصيب المواطن السوري بخيبة أمل, وبصدمة كان وقعها أكثر إيلاماً من إجرام ميليشيات الأسد وطائرات بوتين, وبدأت الأسئلة تتداول بين الأهالي أين من حمل السلاح باسمنا؟؟ وأين من خزّن المعدات والذخيرة؟؟ وأين أكثر من 100 ألف مقاتل لطالما شاهدناهم يسرقون أموالنا على المعابر وعلى الحواجز؟؟ وشاهدناهم يشاركونا بمواسم الزيت والزيتون والكرز والفستق الحلبي وهم يقتطعون حصصهم من أرزاقنا تارة بالحسبة وتارة بالزكاة وتارة بالضرائب؟

أين الأرتال التي كانت تتحرك لاعتقال شاب تفوّه بكلمة على قائد فصيل؟وأين الأرتال المدججة بالسلاح التي ظهرت وتحركت وكمنت واشتبكت بين فصائل محسوبة على المعارضة وأدمت بعضها ووقع بينهم القتلى والجرحى, ودارت بينهم المعارك بمختلف أنواع الأسلحة لخلافٍ بين قادة فصيلين على معبر أو على اقتسام مرابح صفقة تهريب كما حصل في عفرين أو في إعزاز أو جرابلس أو أو ....

هل أموال التهريب ومرابح المعابر أو الآثار أهم من دماء أهلكم ومن صنع الثورة لكم؟

حتى من امتلك قليلاً من الوجدان وقام بالرد كانت ردوده مخجلة واكتفت بتدمير بعض بيوت كفرنبل وسراقب الخالية, وعندما تسأل معظم القادة عن سبب صمتهم وعدم الرد بما يردع النظام ويلجم روسيا يأتيك جواب واحد: ننتظر أوامر الداعم!

لهؤلاء نقول: الدفاع عن أهلك لا يحتاج إذنا من أحد ولن يغضب أحد, ومواجهتك لنظام أسد وخروقاته لن يمنعك منها أحد ولن يعطيك الإذن فيها أحد, والقيام بالواجب لا يحتاج لقرار, فالسلاح الذي تحمله مجبولاً بدماء الشهداء, ومدفوعاً ثمنه من عذابات أهله من بعده, ومن آلام الأرامل واليتامى, ومن أنّات المهجرين والنازحين, وهؤلاء فقط من يمتلكون القرار, ويطالبونكم اليوم بالثأر لمن قتل آباءهم وإخوانهم وأمهاتهم, والثأر لمن شردهم وأخرجهم من ديارهم ودمّر محاصيلهم, هؤلاء اليوم من يطالبونكم بوقف انتهاكات ميليشيات الأسد وبوتين, فهل بعد هؤلاء تنتظرون الإذن أو القرار من أحد؟

حتى الحليف التركي يجد بتحرككم قوة سياسية لموقفه, عندما تُفتح الجبهات المتعددة, وتهددون أركان النظام وتجبرونه على التراجع, فأنتم تحررون الأرض وتخلقون واقعاً عسكرياً وسياسياً ليس بمصلحة الروس, ما سيدفعهم مهرولين لأنقرة طالبين التدخل, وهذا يقوي موقفكم وموقف الحليف.

لماذا تصرون دائما كقادة أن تكونوا عبئاً حتى على الحليف؟؟ ولماذا تحملونه دائماً المسؤولية وتخلعونها عن أكتافكم؟؟ هل المطلوب من التركي أن يقاتل عنكم؟؟ أم المطلوب منه أن يخاف على أهلكم أكثر منكم؟؟ أم أن ضميره يجب أن يكون أكثر حمية لأهلكم منكم؟

أهالي جبل الزاوية اليوم مخيرون بين الموت والتهجير وإن أصبح شبه خالٍ من سكانه, وأنتم مازلتم تتقاذفون المسؤولية, وتدفنون رؤوسكم بالتراب كالنعامة, دون أقل التزام وطني أو أخلاقي تجاه من جعلكم على ما أنتم فيه الآن.

الدفاع عن أهلكم لا يحتاج إذنا من أحد, والدفاع عن شرف المناطق المحررة لا يحتاج لقرار من أحد, والدفاع عن المهجرين لا يحتاج لضوء أخضر من أحد ... يحتاج فقط لضمير تحركه دماء ثورية، وتشعر بالمسؤولية وتتحرك لرفع الضيم ووقف القتل عن أهل المحرر.

فهل تتحرك الدماء فيكم؟

التعليقات (4)

    HOPE

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    هل مازال هناك شرفاء ممن حملو السلاح لحماية اهلهم الذين نكل بهم اجرام اسد؟ هذا الزمن ليس بزمن المعتصم ولا خالد بن الوليد انه زمن رعاع مرتزقه. اثبتوا لاهلكم وللسوريين انكم عكس ذلك! بندقية الكلاشينكوف اخضعت اميركا في فيتنام و افغانستان ليس الدعم ما تنتظرون بل الاراده لتكونوا رجالا وليس مرتزقه؟؟!

    يجب العمل السريع

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    سيادة العميد يجب تشكيل صندوق دعم وجمع التبرعات وتقسيم المناطق للبدء باشعال سريع لكل المناطق والاسلحة من بلدان لاتتعامل مع احد كامريكا وغيرها، الوقت انتهي والسقوط الاقتصادي قادم للجميع ؟ ! انا اعلم تماما ان النهاية قريبة ويجب الابتعاد عن الجميع ، وعمل قيادة داخل سوريا بدون الحديث لاحد ،هؤلاء دفعوا اموال طاءلة لاسقاط الشعب لانهم يسقطون اقتصاديا، والبعرزي سيتم شحطه قريبا في القرداحة ، ياللا بلشوا شو ناطرين ،كل من حول الثورة كاذبين

    Ismail

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    الاهم هو الاخلاق . وترك الناس تعيش. وإدخال موظفي الحكومة السورية

    Mrwan

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    مواجهت سوريا هو سذاجة . فسوريا قوية جدا . لهذا التعاون مع الحكومة السورية افضل للجميع
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات