لماذا يستميت نظام الأسد للسيطرة على درعا البلد وجامعها العمري؟

لماذا يستميت نظام الأسد للسيطرة على درعا البلد وجامعها العمري؟
تشكل درعا البلد هدفاً غير كل الأهداف لنظام أسد وميليشياته المستميتة للسيطرة عليها بأي ثمن، وذلك ليس لتطبيق اتفاق التسوية وإحلال الأمن والأمان كما يدعي النظام، بل لما تشكله المنطقة وخاصة الجامع العمري من رمزية ثورية أرّقت أسد وأركانه خلال عقد من الزمن، وما زال يسعى لتطبيق شعاره الأخير "وأد الثورة في مهدها الأول".

وبدأت ميليشيات أسد وعلى رأسها "الفرقة الرابعة" بحصار أحياء درعا البلد نهاية حزيران الماضي، بتوجيه من الاحتلال الروسي، وحاصرت بذلك نحو 50 ألف مدني، وحشدت قواتها في تخوم المنطقة ملوحة بالخيار العسكري لإجبار الأهالي على تسليم السلاح والمطلوبين، وإدخال ميليشياتها إلى داخل المنطقة، الأمر الذي رفضه الأهالي ممثلين بعشائر ووجهاء المنطقة ولجنة التفاوض.

ومع مرور شهر على الحصار، بدأت ميليشيات أسد وإيران بمحاولة اقتحام الأحياء بتمهيد صاروخي مكثف على الأحياء السكنية بعد أن أفشلت أي اتفاق يمنع الحل العسكري، لكنها اصطدمت بهجمة مضادة لأبناء حوران الذي سيطروا على عشرات الحواجز العسكرية والأمنية، وأسروا أكثر من 80 عنصراً بينهم ضباط لميليشيا أسد، إضافة لعدد من القتلى والغنائم الكبيرة، ما أجبر الميليشيا على العودة للتفاوض وانعكس ذلك سلباً على النظام والموالين.

وخلال اليومين الماضيين شهدت المنطقة جولة مكوكية من المفاوضات بين نظام أسد والضباط الروس وبين لجنة التفاوض ووجهاء البلد، لكنها انتهت بالفشل بسبب إصرار ميليشيا أسد على تطبيق شروطها والسيطرة على درعا البلد "شبرا شبرا" وإنهاء  أي سلاح أو صوت يعارض أسد نظامه.

الانتصار على الثورة

واللافت أن توقيت الحملة العسكرية للميليشيات على درعا البلد وإصرارها على تطبيق الخيار العسكري، يشير إلى دلالات عديدة تؤكد أهمية الهدف الاستراتيجي لنظام أسد بدخول المنطقة والسيطرة عليها، وهو هدف لا يتعلق بتطبيق اتفاق التسوية وإحلال الأمن والأمان كما يدعي أسد ونظامه، بل هو الوصول إلى الجامع العمري ورفع علم النظام عليه، حيث يشكل الجامع الأثري مهد انطلاقة الثورة السورية الذي احتفظ بثوريته حتى الوقت الحالي، لاسيما مظاهراته الأخيرة التي عكرت صفو مسرحية الانتخابات الرئاسية المزورة التي خاضها بشار أسد بتنسيق مخابراته في أيار الماضي.

ويمكن الوقوف عند آخر تهديدات ميليشيا أسد حول درعا وجامعها العمري لاستنتاج الحقد الدفين تجاه المنطقة ورمزها الديني والثوري والثقافي، حين بعث مسؤول ميليشيا الأمن العسكري، العميد لؤي العلي برسائل تهديد لعشائر درعا قبل أسبوعين لإجبارهم على القبول بشروط أسد والاحتلال الروسي أو اللجوء للخيار العسكري بشن عملية عسكرية على درعا البلد وتدمير الجامع العمري.

وبحسب أحد أعضاء اللجنة المركزية للتفاوض فإن الرسالة بعثها لؤي العلي عن طريق أشخاص محسوبين على النظام لأهالي درعا البلد وقال فيها "إن قوات النمر والفرقة الخامسة والفرقة 15 جاهزين وبدهم يهدوا أحجار الجامع العمري حجر حجر، وحتي أي قضيب حديد طوله ٢٠ سم بدهم يأخذوه"، بحسب تعبيره.

ويؤكد الكثيرون من أهالي درعا بحديثهم لأورينت نت أن استماتة ميليشيا أسد لاقتحام درعا البلد والسيطرة عليها، وآخرها تهديد وزير دفاع الميليشيا علي أيوب بإبادة المنطقة واقتحامها، ما هي إلا "لإرجاع هيبة الدولة على درعا ولرفع علمهم فوق الجامع العمري"، كما يقول أحدهم معلقا على مواقع التواصل الاجتماعي في رده على خطط ميليشيا أسد وعلى رأسها لؤي العلي: "كما هو معلوم، درعا البلد والجامع العُمري، لهما رمزية لدى النظام ورأس النظام تحديداً، هذا المكان الذي له رمزية للرعب والسقوط إلى الهاوية، هذا المكان الذي زعزع إمبراطورية الاستبداد والظلم والقهر والعدوان على الكرامة الإنسانية، لذلك هو يخطط دائماً للانتقام، سيبقى هذا المكان شوكة، فهو مهد المطالبة بالحرية والكرامة، وإسماع العالم صوت الحرية، مهد تفجّر الثورة، هذا تاريخ مُشرّف؛ لا يستطيع أحد طمسه.

هدية لأسد

فيما اعتبر كثيرون أن رفع علم نظام أسد فوق الجامع العمري هو جلّ أمنيات ميليشياته ومواليه ليكون ذلك "أجمل هدية" لبشار أسد بمناسبة تسلمه حقبة جديدة من رئاسة البلاد، ولتضاف تلك الهدايا لمسرحياته أي بشار، من خلال زياراته لأماكن ذات قيمة ثورية سابقة كمدينة دوما وداريا وجامع خالد بن الوليد في حمص، ومسرحيات أخرى توحي للداخل والخارج بانتهاء الأزمة في سوريا، وآخرها تناول الشاورما رفقة عائلته ومحاطا بآلاف عناصر "الحرس الجمهوري" والشبيحة بحي الميدان الدمشقي بعد أداء اليمين الدستورية في قصره المسمى "قصر الشعب".

غير أن الجامع العمري عكّر صفو مسرحية الانتخابات الرئاسية التي خاضها بشار أسد في أيار الماضي بشكل غير شرعي، حين جدد ثورته بدرعا البلد ورفع لافتات وشعارات تؤكد التمسك بالثورة السورية وتنادي بإسقاط النظام وأركانه، ما أثار غضب النظام وميليشياته ومواليه لما اعتبروه تحدياً لسطوتهم وجبروتهم ورئيسهم، ليحاول معاقبة المنطقة والوصول للجامع العكري وتدمير كانتقام من الأهالي وثورتهم.

ويعتبر المسجد العمري رمزاً للثورة السورية في درعا، حيث انطلقت أولى مظاهرات درعا من داخله في 8 آذار عام 2011 ليشكل بعدها رمزاً ومهداً للثورة إلى جانب قيمته الدينية والثقافية، وتعرض لقصف عنيف من ميليشيا أسد أدى لتدمير مئذنته التاريخية وخراب واسع بداخله في نيسان 2014، فضلا عن تدنيس حرمه وباحاته في اقتحامات متكررة للميليشيا، إضافة لحصاره لعامين ومنع الصلاة فيه بين الحين والآخر.

كما ارتبط اسم العمري بخطيبه الشيخ أحمد الصياصنة، الذي واجه الظلم والاستبداد والقمع من خلال خطبه التي أنصفت المظلومين وناصرت الثورة ومطالبها المحقة ضد نظام أسد وأجهزته الأمنية القابعة على صدور السوريين، حيث خرج الصياصنة بتسجيل مصور اليوم، ليحيي الذكرى العاشرة للثورة ويؤكد على المطالب المحقة للمتظاهرين.

التعليقات (1)

    HOPE

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    اين من يدعون نفسهم ثوار ارتهنوا لداعم حولهم لمرتزقه؟ اين جسم سياسي مهلهل ادعى حمل لواء الدفاع عن سوريا وتحول لمجموعة تجار فاشلين همهم حتى ليس التجاره بل السرقه؟ اين المجتمع الدولي وما يدعيه من قيم انسانيه دعس عليها حاقد كاره لنفسه وللانسانيه؟ اين الانسانيه وحضارتها التي تدعيها عندما تربى الكلاب بافضل مما يعيش البشر في سوريا؟ ساقطة هي حضارة البشرلما تمر 10 سنوات من القتل على شعب تجتمع عليه امم الارض ليس لشيء الا انه طالب بابسط حقوقه؟؟!
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات