رغم الصعوبات.. صناعة "إعادة التدوير" تتحدى الأسد وتعاود الانتعاش في الشمال المحرر

رغم الصعوبات.. صناعة "إعادة التدوير" تتحدى الأسد وتعاود الانتعاش في الشمال المحرر
شأنها شأن النشاطات الاقتصادية الأخرى، تأثرت صناعة إعادة تدوير الحديد والنايلون المستعمل بالتصعيد العسكري للنظام وعملياته العسكرية غير أنها عادت للانتعاش جزئياً في ظل الاستقرار النسبي الذي يعيشه الشمال المحرر.

بداية جديدة 

وعانى أصحاب المعامل والورشات كثيراً من الإضرابات التي أثرت بشكل مباشر على عملهم خلال السنوات الماضية، حسبما أفاد رائد القدور، في لقاء خاص لأورينت نت،  موضحاً أنه كان يملك معملاً لإعادة تدوير البلاستيك والنايلون في ريف إدلب الجنوبي لكن ميليشيا أسد قصفته بشكل مباشر  ما أدى إلى تلف الآلات، فيما فر بروحه مع عائلته إلى الشمال السوري.

 وأضاف القدور، أنه بعد استقراره في أحد المخيمات قرر من جديد العودة إلى مزاولة هذه المهنة، واقترض مبلغاً من المال من أجل البدء من جديد بشراء الآلات وتأمين أرض ليقيم عليها المعمل، مستدركاً أنه عاد إلى العمل ولكن بنسق متواضع مقارنة مع عمله السابق في ريف إدلب الجنوبي.

مواد أولية محلية 

تحتاج المعامل والمصانع والحِرَف بشكل رئيسي في انطلاقتها إلى المواد الأولية التي تشكل اللبنة الأساسية لبدء العمل والشروع في عمليات الإنتاج، وبسبب صعوبة الاستيراد اتجهت الأنظار إلى الداخل، ما شجع أصحاب مهن إعادة التدوير على البدء في عملهم وفق ما قال أيهم الحموي صاحب منشأة لإعادة التدوير في حديث خاص لأورينت نت، وأضاف الحموي أن الاعتماد في الصناعات التحويلية البسيطة في المنطقة يرتكز بشكل رئيسي على المواد المستعملة من الحديد والبلاستيك التي يتم تجميعها بواسطة البائعين الجوالين الموجودين بكثرة في مناطق الشمال السوري، وأشار الحموي إلى أن البائعين هم المصدر الأول والأقوى لتزويد هذه المنشآت بالمواد الأولية. 

وفي السياق نفسه يوضح أبو إسماعيل، الذي يعمل بشراء المواد المستعملة بسيارته متجولاً بين المخيمات لأورينت نت، أنه يشتري كل شيء من حديد وبلاستيك ونايلون خلال ساعات النهار متنقلاً بيت المخيمات ومعظم المناطق القريبة منها.

ولفت أبو إسماعيل إلى أن أسعار تلك المواد المستعملة تحدد من قبل مراكز الشراء المنتشرة في الشمال السوري عبر تسعيرة تصدر منهم وتعمَّم عليهم عبر غرف الواتساب. 

وبيّن أبو إسماعيل أن هذه المهنة لا تحتاج إلى رأس مال كبير وتحتاج إلى الصبر في جمع المواد المستعملة كالحديد والبلاستيك.

مراحل إعادة التدوير 

زارت أورينت نت عدة منشآت تعمل على إعادة تدوير الحديد والبلاستيك وتحاورت مع وائل الأبرش مدير منشأة الآغا لإعادة تدوير الخردة المستعملة للاطلاع على مراحل هذه العملية، وبيّن الأبرش أن إعادة التدوير عملية ليست بالسهلة، بل تتم عبر مراحل معينة وتحتاج إلى خبرة ودقة في العمل، من أجل التعامل مع الأنواع المختلفة سواء الحديد أو البلاستيك.

وأوضح الأبرش، أن البلاستيك ينقسم إلى عدة أقسام كالقاسي والباغ والنايلون العادي وكل قسم يستخدم في صناعة معينة بعد جرشه ضمن آلات مخصصة ومصنعة في الداخل السوري، وتحويله إلى مواد خام من أجل إعادة تصنيعه، وأكد الأبرش أن التصنيع بالنسبة للمواد الخام يتم في المناطق المحررة وخاصة في مدينة إدلب ومدينة الباب، حيث توجد معامل مخصصة لإعادة تصنيع المواد الخام وتحويلها إلى منتج ( كالكراسي والكالونات)، بالإضافة إلى خط إنتاج للخراطيم الزراعية تقدر بخمسة أطنان يومياً.

بينما أوضح الأبرش، أن الحديد المستعمل يتم كبسه ضمن مكابس مخصصة وتحويله لسبائك ومن ثم تصديره إلى تركيا من معبر باب الهوى من أجل إعادة تصنيعه كون المناطق المحررة تفتقد المصانع المتخصصة بالحديد وإعادة صهره وصقله.

تسهيلات تشجع تطور الصناعة 

 أكثر الأشياء التي تشجع المستثمرين على طرح المشاريع وبناء المصانع، التسهيلات التي تُمنح لهم من قبل الحكومات والأنظمة المسيطرة، أورينت نت التقت عضو مؤسسة المعادن في إدلب، محمد حاج ابراهيم، حيث أكد، أن هذه المهنة تتوسع بشكل كبير في المناطق المحررة وأن هناك مقومات تدعم هذا التوسع، وأبرزها  وصول الكهرباء وتشغيل المصانع والآلات على التيار الكهربائي، والذي سيسرّع من وتيرة العمل وزيادة في الإنتاج وأضاف أن سهولة التصدير عبر باب الهوى إلى تركيا برسوم جمركية منخفضة ساهمت في تنامي إعادة تدوير المستعمل وتطوره.

وقال الإبراهيم، إنهم في طور استيراد معمل لإعادة صهر الحديد من الصين عبر تركيا، وإنها مسألة وقت ليصبح أول معمل له طاقة استيعابية، تقدر بمئة طن حديد يومياً، بينما إنتاج الأفران الصغيرة خمسة أطنان يومياً، وإن هذا المعمل سيوفر عليهم تصدير سبائك الحديد إلى تركيا، وإن عملية صهر الحديد ستتم في الداخل السوري،وسيتم إنتاج أنواع مختلفة من الحديد، كالزوايا والحديد المبروم وصفائح الحديد.

وقدّر الإبراهيم كمية الحديد المستعمل الداخلة إلى منشآت إعادة التدوير بمئتين وخمسين طناً شهرياً، ومئة طن بالنسبة للبلاستيك والنايلون.

وأكد أن الاستقرار أهم المقومات التي تدعم ولادة صناعات جديدة، واستمرار وتطوير الصناعات الموجودة .

الاعتماد على فئة الشباب 

 تحتاج مثل هذه المهن إلى يد عاملة شابة نظراً لصعوبتها والوقت الطويل الذي تحتاجه لإنهاء العمل، حسبما  أفاد وائل الأبرش، وأضاف أن  ساعات العمل طويلة هنا تقدر بعشر ساعات عمل متواصلة يتخللها ساعة راحة أثناء فترة الغداء.

واستطلعت أورينت آراء العاملين في المنشأة حول طبيعة العمل والأجور المادية التي يتقاضونها، وأوضح نبيل اليوسف الشاب النازح من ريف إدلب الجنوبي أن العمل مُتعب وأنه يعمل يومياً من الساعة السابعة صباحاً مقابل أجر مادي يقدر بعشرين ليرة تركية كونه متقناً لهذه المهنة، بينما تقدر يومية العمال العاديين بعشر ليرات تركية. 

وقال اليوسف، إن قلة فرص العمل دفعتهم إلى هنا فمتطلبات الحياة صعبة وتحتاج تضحية والقبول بأدنى الفرص المتوفرة، وأكد اليوسف، أن جميع العاملين متمسكون في هذا العمل رغم صعوبته، من أجل تأمين لقمة العيش له ولعائلته.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات