الصراع على سوريا والصراع من أجلها

الصراع على سوريا والصراع من أجلها
منذ أن تحقق اتفاق سايكس-بيكو في بلاد الشام، ومنذ فصل العراق عن الشام  لم ينقطع شكلا الصراع في الشام وبلاد الرافدين:  "الصراع على بلاد الشام والعراق " و"الصراع من أجلها" .

قام الصراع على المنطقة بين قوى عالمية على احتكار النفوذ من جهة، وصراع قوى داخلية من أجل ما يجب أن تكون عليه المنطقة من جهة ثانية. في الصراع على المنطقة ضاعت فلسطين والأحواز وماردين وإسكندرون وتأكد التقسيم الذي أنجزه الاستعماران  الفرنسي والبريطاني، و في "الصراع من أجل" ثار الشعب من أجل الاستقلال والحرية وما زال هذا الصراع قائماً.

قام الصراع على المنطقة بين قوى عالمية على احتكار النفوذ، من جهة وصراع  قوى داخلية من أجل ما يجب أن تكون عليه المنطقة، من جهة ثانية.

لكن" الصراع على البلاد" كان وما زال  يحتاج إلى أطراف داخلية تكون جزءاً من "قوى الصراع الخارجي تلبس قناع الصراع من أجل البلاد". ودول النفوذ كلما رأت حالة "صراع من أجل" تدخلت كي تمنع الإرادة الداخلية من الاستقلال. هذا الأمر يؤكده ما حصل ويحصل في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق.

إذا طبقنا هذا المنهج في التحليل على ما يجري في سوريا نجد ما هو آت:

الأصل أن هناك ثورة انفجرت في سوريا ضد نظام سياسي لم يعد الشعب قادراً على تحمله إطلاقاً. أي نشأ صراع من أجل سوريا في صورة ثورة شعبية. بالمقابل ما إن انفجرت الثورة من أجل سوريا حتى تداعت قوى الصراع على سوريا. الغرب وأمريكا وتركيا من جهة، وروسيا الصين وإيران من جهة ثانية.

في الوقت الذي كان فيه أحد طرفي الصراع: روسيا الصين إيران، يقدم مطلق الدعم للنظام بوصفه النظام الأمثل الذي يؤمن النفوذ لهذا الطرف أو ذاك، كان الغرب وأمريكا طرفاً خائفاً من نتائج الثورة بوصفها ثورة من أجل. ولهذا سعى جاهداً ليحوّل الصراع فقط إلى صراع على سوريا. وكان النظام ذا مصلحة في ذلك لأنه يعمل بذهنية الصراع على سوريا وليس من أجل سوريا. وهذا الذي يفسر تدمير المدن والقرى والقتل ورفض التنازل عن السلطة -أو جزء ولو ضئيل من السلطة- من أجل تحقيق حياة طبيعية في سوريا.

في الوقت الذي كانت القوى الديمقراطية تبحث فيه عن دعم لها من أجل سوريا، كانت القوى الميليشياوية تعمل من أجل  المطالبة بالدعم لها بمنطق الصراع على سوريا. لأن الثورة من أجل سوريا هي خطر على كل الأطراف.

وأخطر ما في الأمر أن ظهرت قوى مقاتلة من الخارج والداخل تخوض صراعها على سوريا وليس من أجل سوريا، وهذا شأن الميليشيات الشيعية والإسلامية. وهكذا ففي الوقت الذي كانت القوى الديمقراطية تبحث فيه عن دعم لها من أجل سوريا، كانت القوى الميليشياوية  تعمل من أجل المطالبة بالدعم لها بمنطق الصراع على سوريا. لأن الثورة من أجل سوريا هي خطر على كل الأطراف التي تفكر وتسلك وفق منطق الصراع على سوريا.

إن هذا الأمر  يتطلب من القوى الديمقراطية صبراً وحنكة وقوة لتبقى على طريق الكفاح من أجل سوريا، مع الإقرار بصعوبة هذه المهمة في المدى المنظور.

التعليقات (2)

    هاني الشامي

    ·منذ سنتين 7 أشهر
    كان وما يزال وسيبقى الصراع بين الخير والشر، بلاد الرافدين ، سوريا الطبيعية مركز الحضارة الإنسانية ، والخطاب القادم سيكون للإنسانية ، يشمل كل الأديان والمعتقدات ويوحد بينها، لاخلاص من دون إنجاز تلك المهمة، الدرب طويل وشاق لكنه يسستحق البذل...

    Hussien àlcharaa

    ·منذ سنتين 7 أشهر
    مقال مختصر وتحليل ممتاز بارك الله فيك ايها اادكتوى جهودك ايها الدكتور المفكر..وشكرا والى المزيد
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات