الكوميديا السوداء: هل أصبح "الشيكل" عملة محلية في السويداء؟

الكوميديا السوداء: هل أصبح "الشيكل" عملة محلية في السويداء؟
باتت علاقة السويداء بالكوميديا السوداء السورية علاقة مفعمة بالاستفزاز الأخلاقي والمعرفي والفكري..  وكلما طلع عليك نهار تعلم أنك تحتاج إلى مقاربة جديدة لما يحدث.. مقاربة أكثر إحاطة وعمقاً،  فوحدها تستطيع أن تفسر سوء الفهم  وقلة الثقة بالمشهدية المتصدرة الحياة العامة على صعدها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة.   

ولكي تُبلي بلاء حسناً، عليك أن تتحرر من حُسن النية، وأن يكون الشك والارتياب أدوات أساسية في تناولك موضوعات هذه الكوميديا السورية السوداء!

فقف متفرجاً على بقايا قومييها الذين شهدوا سقوط القناع بين مسافة التهميش ومدى القمع والمحاصرة وكمّ الأفواه  وما زالوا – رغم كل هذا السقوط - ينتعلون أحذية الجندي الذي سيحرر فلسطين  ويقيم الوحدة العربية  وإلى ذلك الأجل غير المسمى... ستبقى إسرائيل عدواً لا يمكن مهادنته تحت أي مسمى .

ولك أن تتفرج على خسارة  الطبقة المثقفة  العلمانية التي عجلت في قطف ثمار مُنتج مستورد ورمته في وسط العاصفة وقامت العاصفة بتذريره وتبديده فأضحى أثراً بعد عين.. أو أثراً بعد حفنة شعارات!

ولايفوتك أن تشهد مواكب هجرة  الشباب والشيب، الذين أسفرت أحلامهم وحراكهم عن خيمة أو ملجأ,,  ولك أن تمر على مقاهٍ للتوّ أُنشئت فيها كل ما أبدعته الصناعة الإيرانية بعالم الكيف.

  

ولن يفوتك أبداً  أندية أهلية تقيم ندوات ثقافية تبغي قولاً واحداً هو تزييف مبرمج للوعي أو ما تبقى منه  عبر بدع التنمية البشرية وملحقاتها من قوة العقل الباطن واليوغا ومدارس الديانات الصفراء المستوردة.

وليس بعيداً جداً سترى أسراباً يدخلون في دين (داعية) معروفية أسراباً.  لقد غيرتهم الحرب إلى الأبد فلا شأن لهم مع عصابة ولا ناقة لهم أو جمل مع نظام عرفوا كيف يبلي ولكن السؤال الذي سيجعلك تلحّ به وتريد الجواب عنه: كيف تفشل سلطة البعث ممثلة في الفرع والمحافظة عبر سنين الحرب أن تنجز ولو الحد الأدنى من بعض المطالب؟ وكيف تستطيع أن تقيم الحد على الحراك الشعبي بأبسط أشكاله وبمنتهى العتو والجبروت؟  ولماذا تبقى المبادرات بعيدة عن هم المواطن الذي أكله الفقر  حد الانسحاق.. أن تنشئ مشروعاً له طابع الخدمة الاجتماعية أو الإنتاج الذي يمكن أن يسند المحافظة ببعض الكفاف؟  

نعم البشر هنا لا يلتقطون الأنفاس ففوهة الجحيم تتسع وتحولت كل الدروب والخيارات إلى أرض محروقة.  لقد خرج أهل السويداء حرفياً من كل الذاكرة والكرامة والإنسانية في تلك المساحة البازلتية الصغيرة التي شكلت عقدة النظام،  فقرر أن يجعلها تستغيث فاقدة القانون والحرية والمواطنة.

لم يعد بوسعهم سوى أن يأووا إلى كهوف المذهبية والعشائرية وثقوب الحدود الغربية السوداء. لقد تسللت إسرائيل عبر (الشيكل) الذي تحوّل إلى عملة سورية،  وبدأت تحدد معالمها في السويداء.  نعم كما حددتها سابقاً  فوق حيفا ويافا وعلى حين غفلة سياسية ومعرفية وحضارية، وها هي اليوم  وعلى مرمى نظر السلطة العاتية  وتحت إرادتها المركزة يبني الشيكل هياكله.

 

إنه رابع مركز طبي يُبنى بتمويل من الجولان الواقع تحت الاحتلال أو من إسرائيل.. وأعتقد أنها بدايات ومقدمات.  إنه التهديد الاكبر الذي ينتظر المحافظة مستهدفاً انتماءها وهويتها وحضارتها وإرثها.  وإنه لجرم تاريخي بحق كل القيم الوطنية، أن تُعاقَب محافظة أرادت أن تغرّد على الحياد.. بكل  ذلك الغل والإمعان في صناعة صوره وأشكاله. 

التعليقات (3)

    Belal

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    هذه مشكلة المعارضة . تركز على قلة الشرف والسلبية و الانحطاط. النظام يبني الكهرباء والقطارات ذرة الشرف ثمنها مليارات

    د. إحسان قضماني

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    ما هذا التخبيص يا إيمان؟ فهل انتماء السويداء وهويتها وحضارتها وإرثها مهدد من قبل شرفاء وأحرار الجولان المحتل الذين يقتطعون مبالغ مالية من دخلهم الشخصي لكي يرسلوها بالدولار وليس بالشيكل لبناء مرافق صحية بسيطة ولازمة ولإجراء عمليات جراحية ملحة للمحتاجين والمعوزين. أليس من الطبيعي أن يكون الوطن السوري كله كالجسم الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعت لإسعافه بقية الاعضاء؟

    معا ضد الديماغوجية

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    لاه يا هبيلة
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات