ما هي مطالب تركيا للعدول عن عمليتها العسكرية ضد قسد ؟

ما هي مطالب تركيا للعدول عن عمليتها العسكرية ضد قسد ؟
بينما كان وزراء في حكومته والإعلام التركي المقرب منه يواصلون إطلاق التهديدات التي كان قد بدأها بنفسه ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، غادر الرئيس رجب طيب أردوغان إلى القارة الإفريقية يوم الإثنين لزيارة ثلاث دول يقول المراقبون إن الهدف منها اقتصادي.

وكانت أنقرة قد اتهمت ميليشيا وحدات الحماية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني بالمسؤولية عن مقتل جنديين تركيين في شمال حلب واستهداف منطقة مدنية بريف ولاية عنتاب انطلاقاً من الأراضي السورية الأسبوع الماضي، كما هدد مسؤولون كبار فيها بينهم وزيرا الدفاع والخارجية بالإضافة إلى رئيس الجمهورية بشن عملية انتقامية في مناطق سيطرة "قسد".

ورغم التركيز الإعلامي الكبير على هذه التهديدات وتنفيذ الجيش التركي بعض التحركات التي قرئت في إطار التحضير لشن هذه العملية، إلا أن مراقبين رأوا أن المعطيات الميدانية والسياسية لا تفيد بإمكانية تنفيذ أنقرة تهديداتها في الوقت الحالي، مشيرين بهذا الصدد إلى توتر العلاقات التركية الأمريكية من جهة والبرود في العلاقات التركية الروسية من جهة أخرى، بالإضافة إلى ضغوط داخلية يتعرض لها الحزب الحاكم نتيجة عوامل اقتصادية، حيث تشهد الليرة التركية انخفاضاً متتالياً منذ أكثر من شهر.

وجاءت جولة أردوغان الإفريقية لتؤكد عدم جاهزية أنقرة لشن العملية التي توعدت بها، خاصة مع عدم تحريك قوات وأسلحة تكفي للقول بأن هذه التهديدات جدية، إلا أن ذلك لا يعني أن تركيا ستهمل بشكل ما هذا الخيار إلا إذا حصلت على مطالب تقول بوضوح "إنها تمثل التزامات من قبل الدول المتحالفة مع قوات قسد في سوريا، سبق أن تعهدت بها من قبل".

ورغم أنه لا يوجد أي وثائق رسمية أو نصوص معلنة للتفاهمات والتوافقات التي كانت توقعها أنقرة مع كل من موسكو وواشنطن على هامش العمليات العسكرية التي سبق للجيش التركي أن نفذها ضد القوات التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وهي عمليتا غصن الزيتون ونبع السلام، إلا أن ما هو مؤكد إصرار تركيا على تطبيق مطلبها بإبعاد القوات الكردية عن حدودها الجنوبية ما لا يقل عن 30 كيلو متراً.

وترتبط أنقرة مع حكومة نظام أسد باتفاقية وقعت في مدينة أضنة التركية عام 1998، وتمنح القوات التركية الحق بالتوغل بعمق 30 كيلو متراً داخل الأراضي السورية في حال تعرضها لتهديداتٍ مصدرها العمق السوري.

وكان توقيع هذه الاتفاقية وتقديم الأسد الأب هذا التنازل قد أنقذ النظام من هجوم تركي في ذلك العام، على خلفية هجمات نفذها حزب العمال الكردستاني ضد الجيش التركي عندما كان زعيم الحزب عبدالله أوجلان يقيم في دمشق، قبل إجباره على المغادرة تطبيقاً لبنود تلك الاتفاقية.

وفيما عدا ذلك، لا توجد مطالب واضحة أو معلنة من قبل تركيا يمكن القول إنه في حال حصلت عليها ستعدل عن قرارها بشن هجوم عسكري جديد يستهدف المناطق الخاضعة لسيطرة قوات "قسد" سواء شرق الفرات أو في ريف حلب.

لكن المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة يرى أن تركيا عازمة سواء الآن أو في وقت لاحق على وضع حد للتهديدات والمخاطر التي يمثلها انتشار القوات التابعة لحزب العمال الكردستاني قرب حدودها، وخاصة في منطقة تل رفعت، وهي مصرة على تحقيق ذلك سواء بقوة السلاح أو من خلال السياسة.

ويضيف في تصريح لـ"أورينت نت": ما تطلبه تركيا من الولايات المتحدة وروسيا واضح، وهو تنفيذ مضامين الاتفاقات الموقعة بينها فيما يتعلق بقسد، وهي: إبعاد ميليشياتها عن الحدود التركية إلى مسافة 30 كيلو متراً، وسحب السلاح الثقيل منها، وإخراجها من تل رفعت ومنبج وعين العرب وغيرها من المناطق الحدودية التي تعتبر مهمة فيما يتعلق بالأمن القومي لتركيا.

ويرى حمادة أن أنقرة محقة جداً في الإصرار على إبعاد قسد عن حدودها وخاصة في منطقة تل رفعت، بعد أن تحولت هذه المنطقة إلى مصدر الخطر الرئيسي على حدودها الجنوبية ومناطق نفوذها شمال وشرق حلب، مؤكداً أن "من هذه المنطقة المتصلة ببلدتي نبل والزهراء تنطلق المفخخات وخلايا التفجير والاغتيال بالإضافة إلى تجارة المخدرات في مناطق النفوذ التركي".

ولا يختلف المحلل السياسي فراس علاوي مع العقيد حمادة، ويحدد بشكل واضح ثلاثة مطالب أساسية تريد تركيا الحصول عليها بهذا الصدد، وهي: أولاً فك الارتباط بين قوات قسد وحزب العمال الكردستاني.

ثانياً: وضع حد نهائي لأي إمكانية بإقامة كانتون تركي على الحدود السورية التركية، بما يشمل قطع أي اتصال جغرافي بين المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.

ثالثاً: التأكيد على عدم وجود أي من هذه القوات بالقرب من الحدود الجنوبية لتركيا وعلى مسافة لا تقل عن 30 كيلو متراً، وهو مطلب بات معروفاً للجميع ولا يمكن لأنقرة أن تتنازل عنه.

وحسب علاوي فإن هذه البنود الثلاثة غير قابلة للنقاش أو التفاوض من جانب تركيا، بينما تماطل كل من روسيا والولايات المتحدة في الاستجابة لهذه المطالب، بسبب اعتبارات سياسية أو نكايات تتسبب بها خلافات الدول الثلاث في ملفات أخرى، سواء ما يتعلق منها بمناطق أخرى من سوريا أو خارجها، الأمر الذي يمكن أن يؤخر الهجوم العسكري التركي بالتأكيد، لكن لا يمكن أن يمنعه.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات