تحديات تُجبر المعلمات في إدلب على ترك مهنة التعليم

تحديات تُجبر المعلمات في إدلب على ترك مهنة التعليم
قررت المعلمة الثلاثينيّة نجاح المعروف ترك مهنة التعليم بعد أن تراكمت عليها الأقساط والديون دون القدرة على تسديدها، وهو حال الكثيرات من المعلمات اللواتي اضطررن إلى ترك مجال التعليم وممارسة مهن أخرى لتأمين مصاريف معيشتهم اليومية.

نجاح توفي زوجها في الحرب، ونزحت من مدينتها معرة النعمان قبيل عامين إلى مخيمات أطمة الحدودية، كانت تأمل بتأمين مبلغ حتى وإن كان بسيطاً من عملها في التدريس لتسديد تلك الديون، وتأمين حاجة أطفالها، إلا أنها لم تحصل على أي مبلغ منذ تطوعها، عدا السلة الغذائية البسيطة التي لا تسد الرمق بحسب تعبيرها .

ولأن وضع المعلمة نجاح لا يحتمل الانتظار في العمل التطوعي كثيراً، اضطرت للبحث عن فرصة عمل أخرى تضمن لها استقراراً مادياً يعينها في معيشتها، وبالفعل حالفها الحظ وتم قبولها داعمة نفسية في إحدى منظمات المجتمع المدني كونها تحمل شهادة تربية قسم الإرشاد والتوجيه النفسي وتركت العمل بالمدرسة.

نجاح واحدة من بين مئات المعلمات في إدلب وريفها اللواتي دفعهن انقطاع الرواتب وقلتها إن وجدت إلى الابتعاد عن عملهن في التعليم، والبحث عن فرص أخرى للعمل حتى وإن لم تكن ضمن اختصاصهن، بسبب عدم القدرة على تحمل أعباء المعيشة، وخاصة إذا أصبحت المرأة هي المعيلة لعائلتها بعد مقتل الزوج أو غيابه وسط ظروف مأساوية تشهدها المنطقة في ظل النزوح والغلاء والفقر .

تعتبر زيادة أعداد المدارس غير المدعومة من أكبر التحديات التي تواجه التعليم في إدلب، والتي تفتقر للكوادر المؤهلة واللوجستيات الأساسية للتعليم.

 قضية شائكة

الموجه التربوي محمد حاج علي (٤٥عاما) من مدينة إدلب يعتبر مسألة التطوع في السلك التعليمي قضية شائكة أمام أعداد المدرسين المتطوعين الكبيرة والمنقطعة رواتبهم منذ سنوات، ويطالب الحاج علي في هذا السياق الجهات المانحة والعاملة في الشأن الإنساني والتعليمي بضرورة التحرك من أجل إيجاد حل ودعم سريع للمدرسين المتطوعين، كون الوضع المعيشي في إدلب أصبح صعباً للغاية بالنسبة لمن يتقاضون رواتب فكيف بمن يعملون بلا أجور .

المعلمة صفاء الزيدان ( ٢٨ عاما ) مدرسة لغة إنكليزية مهجرة من حمص وتستقر حاليا في مدينة سرمدا في ريف إدلب الشمالي، تقول إنها أمضت أكثر من عامين تبحث عن عمل في مجال التعليم لكن دون جدوى كون فرص العمل في مجال التدريس باتت اليوم قليلة وخصوصا للمهجرين فهم أقل حظا بحسب ما قالت لأورينت نت.

تمكنت الزيدان بعد رحلة البحث تلك من الحصول على فرصة عمل لكن  في إحدى منظمات الإغاثة الإنسانية وتؤكد أنها سعيدة بعملها وتقول :“إضافة إلى صعوبة إيجاد فرصة عمل في مجال التعليم ، فإن رواتب المعلمين متدنية مقارنة بوظائف أخرى، فأنا اليوم أتقاضى بالشهر الواحد ما يمكن أن يتقاضاه المعلم لمدة أربعة  أشهر .“

وفي الوقت ذاته لفتت الزيدان إلى حزنها برحيل المعلمين باتجاه المنظمات والأعمال الأخرى،  لأن ذلك سيترك فراغاً كبيراً في المدارس وسيفتح المجال لغير ذوي الخبرة والاختصاص لدخول سلك التعليم ما سيترك أثره على مستقبل الأطفال.  

أما المعلمة فاتنة الكرنازي ( ٣٥ عاما ) من مدينة معرة مصرين فترجع سبب تركها لمهنة التعليم والتحاقها بإحدى مراكز تمكين المرأة إلى ما وصفته بالظلم المجحف بحق المعلمين بسبب التوزيع غير العادل لرواتب وأجور العاملين في القطاع التعليمي، وقالت لأورينت نت: ”في بعض المدارس المدعومة من المنظمات الدولية يتقاضى المعلمون حوالي ٣٠٠ دولار ولا يزال راتب المدرس في وزارة التعليم التابعة لحكومة الإنقاذ لا يتجاوز ١٥٠ دولاراً وأحيانا أقل، وفي غالب الأحيان يكون عمله تطوعيا ودون أي مقابل مادي .“

ودفع قلة الأجور وعدم تناسبها مع الغلاء الفاحش الذي تشهده المنطقة بالكثير من المعلمات لمزاولة مهنة أخرى بعد انتهاء الدوام لتحسين وضعهن المعيشي، كحال المعلمة فاطمة العبود (٣٢عاما) التي تعمل بعد عودتها من المدرسة في بيع الملابس المستعملة، تقف العبود طوال ساعات النهار على قدميها بغية إعالة أطفالها الثلاثة وزوجها الذي أصيب بالشلل إثر إصابته بشظية إحدى الصواريخ قبيل نزوحهم الأخير من مدينتهم سراقب إلى مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، وتقول العبود إنها تتقاضى راتباً شهرياً قدره ١٢٠ دولاراً أمريكياً وهو مبلغ قليل ولا يكفي لدفع آجار المنزل، وتأمين مستلزمات الأسرة، وهو ما دفعها للعمل ببيع الملابس لتحسين وضع عائلتها المادي، وتطالب الجهات المعنية بالنظر لحال المعلمين وعدم تهميشهم، والعمل على زيادة أجورهم، كونهم الفئة الأكثر حساسية في المجتمع .

التعليقات (1)

    عبدالكريم

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    كان الاجدر بكم كتّاب واعلاميين وتجار ومغتربين أن تلتفتوا لهكذا واقع ولكن اتبعتم المثل : الف أم تبكي ولا امي
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات