رسالة السوريين للمملكة السعودية: عليكم بـ"القرداحي الأكبر"

رسالة السوريين للمملكة السعودية: عليكم بـ"القرداحي الأكبر"
لا تزال الردود الرسمية الخليجية على تصريحات وزير الإعلام اللبناني "جورج قرداحي" تتوالى مثل كرة الثلج، مهدِّدةً ليس فقط منصب الوزير البائس، بل جميع حكومة "ميقاتي" المولودة مؤخراً بعد مخاض سياسي طويل وصعب.

بدأ الأمر بسحب سفراء خليجيين، وطرد سفراء لبنان من الرياض والمنامة والكويت، وإيقاف الواردات اللبنانية، وقد تتبعها خطوات عقابية أخرى تُظهر نفاد صبر السعودية إزاء تحوّل لبنان بشكل فاضح إلى محافظة إيرانية يقودها "حزب الله" نحو هاوية سحيقة.

يبدو أن تصريحات وزير الإعلام اللبناني الجديد الذي تورّط بما هو أكبر من حجمه، كانت النقطة التي جعلت الكأس -الملأى أصلاً- تفيض، والقشة التي ستقصم ظهر لبنان المثقل أصلاً بتحديات تاريخية كبرى غير مسبوقة.   

للمملكة العربية السعودية وحلفائها الخليجيين كل الحق في اتخاذ أي موقف تجاه التصريحات التي أدلى بها "قرداحي" وتمسّك بالدفاع عنها، فالوزير الذي صنعته أموال الإعلام السعودية، وجعلت منه أحد أشهر الإعلاميين العرب، رمى حجراً كبيراً مسموماً في البئر الذي شرب منه منذ عقود، ولم يتلعثم أو يرتبك أو "يبلع ريقه" حين وصف العملية العسكرية السعودية ضد الحوثيين في اليمن بأنها "اعتداء"، وحين اعتبر أن ما يفعله الحوثيون هو "دفاع عن النفس".

لا نعرف في الواقع سر التوقيت في ردة فعل الرياض، لأن "كرة الثلج" لا تزال في بدايتها، ولن يتوقف الأمر باستقالة قرداحي -التي يرفضها أصلاً-، لأننا ندرك جيداً أنه لا يمثل نفسه هذه المرة كمقدِّم في برنامج "من سيربح المليون" أو "المسامح كريم"، بل إنه الآن يمثل تياراً يسيطر على قرار لبنان، والموقف ضده هو ضمنياً دعوة لتفكيك "حكومة حزب الله"، وهذا -غالباً- ما لن يحدث.   

وانطلاقاً من النقطة الأخيرة دعونا نسأل السؤال الآتي: هل مشكلة المملكة السعودية الآن مع جورج قرداحي كشخص أم كفرد في تيار؟

ربما يكون الموضوع فيه جانب من "الشخصَنة" والخصوصية، كون الرجل ينطبق عليه المثل العربي القائل: "سمِّن كلبك يأكلْك"، أو "فلما اشتدَّ ساعده رماني"، وربما شعرت الرياض -وهذا حقُّها- بالحنَق والضيق من إعلامي ظل طيلة سنواتٍ يأكل من خيراتها، فلما حانت فرصته لكشف القناع غدر ونكث ونكص على عقبيه..ونلمح معالم هذا الجانب في تصريحات إعلاميين وشخصيات عامة سعودية اعتبرت ما فعله قرداحي من باب "وإن أنت أكرمتَ اللئيم تمرّدا"، مع دعوات عريضة إلى مراجعة وضع الإعلاميين اللبنانيين في وسائل الإعلام السعودية، لأنهم -بحسب أصحاب الرأي- مشاريع "قرداحية" متخفّية لن تلبث أن تكشف أقنعتها عند الشبع!.

لكن مع ذلك، لا يمكن أن يكون الموقف شخصياً محضاً، ولا يمكن كذلك أن يكون بهذا القدر من المفاجأة لدى السعوديين.. ولماذا المفاجأة والجميع يعلمون خلفية الرجل الذي اختار بشار الأسد شخصية العام 2018، وهو نفسه الذي أطلق شعار "الأمل بالعمل" عنواناً لعمل وزارته "تيمُّناً" بشعار بشار في حملته التزويرية الأخيرة؟!

لماذا المفاجأة وقرداحي لم يُخفِ في يوم من الأيام مناصرته لحزب الله.. ولا تزال صوره تملأ مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي حين زار جرحى من عناصر الحزب في العام 2017 وسلّمهم وقتئذٍ دِرعاً عبّر فيه عن "المحبة والوفاء"، وأشاد بـ"تضحياتهم وبطولاتهم"؟!

هل كان على قرداحي أن يمارس -مثل رُعاته في حزب الله- التقيّة حتى يبقى مسكوتاً عنه؟ هل كان عليه أن يخلع قناعه بهذه الفظاظة كي نكتشف أن لبنان -الساعي وراء "النأي بالنفس"- بات يتّشح باللون الأصفر؟!!.

الواقع أن "جورج قرداحي" هنا ليس شخصية سياسية ذات وزن، وليس صاحب حقيبة سيادية في حكومة ميقاتي، هو ليس سوى شخصية عامة اختارت الوقوف في "حلف الأقليات" الذي يحاول ابتلاع المنطقة، وغرق في مستنقع لم يكن يتوقع مدى عمقه، هو ليس سوى موظف صغير في منظومة باتت هي المتحكّمة بلبنان بعد أن تُرِك -كالعراق وسوريا- نَهباً لعصابات خامنئي العابرة للحدود.  

قرداحي فرد من عصابات طائفية ومحور يضع المنطقة كلها على فوهة بركان، ولا بد أن السعودية تعرف جيداً أن نواة هذا المحور ليس جورج قرداحي، ولا ميشيل عون، ولا حتى حسن الكبتاغوني، إنما نواة هذا المحور الأسود موجودة في دمشق، هو "القرداحي الأكبر" بشار الأسد، الذي يُقال إنه ضغط شخصياً لتعيين قرداحي في هذا المكان، نواة "محور الشر" هو بشار الذي تعمل دول عربية اليوم على إعادة تدويره تحت باب الرغبة في إبعاده عن وكيله الإيراني، رغم أن إبعاد "القرداحي الأكبر" عن التبعية لطهران هو كحلم إبليس بالجنة، ولا بد أن المملكة السعودية تدرك جيداً أن أصغر ضابط أمن أو قائد ميليشيا لدى بشار هو أخطر عليها مليار مرة من جورج قرداحي، كما تدرك أن تفكيك نظام بشار سيؤدي قطعاً وحتماً إلى بتر رأس الأفعى التي تتولى مهمة حلقة الوصل في الطريق من طهران إلى بيروت، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تتخلى عن مهمة العداوة والحقد ضد السعودية خصوصاً وأن الرياض كانت من أوائل العواصم التي دعت إلى رحيله وإسقاط الشرعية عنه.    

في زخم هذا الردّ الخليجي الحاسم على قرداحي، يتوجه ملايين السوريين للمملكة السعودية ودول الخليج برسالة لن تدخل كثيراً في متاهات السياسة وسرديات الدبلوماسية.. رسالة مختصرة مفيدة واضحة تقول: لا تقطعَن ذنبَ الأفعى وترسلَها.. إن كنتَ شهماً فأتبِع رأسَها الذنَبا. 

التعليقات (2)

    شرحبيل

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    القرداحي على حق ، وكيف كان ذلك ؟ فالقرداحي عافاكم الله بوق ذو صوت نفاذ يزمر لصالح ايران وذيولها في بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت ، وهذا الصوت الخسيس خلقته السعودية وصقلته الامارات وغذته الكويت ورعته البحرين وطربت له عمان ، وهؤلاء الخونة هم من أخمد الثورة السورية المجيدة على نظام الحكم الطائفي المقيت في أوج انتصارها...والقرداحي المتقردح يعلم أن هؤلاء الجرابيع يحطبون في حبل الأسد سراً وعلناً ، من هنا جاءت تصريحاته الخرندعية لظنه أنه يخدم أسياده في كلا المعسكرين ، معسكر المجوس ومعكسر التيوس ....

    Ayman Jarida

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    الثعبان يخلف ثعبان بنت جورج قرداحي تعمل في mbc يجب طردها فورا لاتقول لي انها تختلف عن والدها وفي غيرها بالقنوات الخليجية والعربية تؤيد حزب الشيطان وصلوك بشار اي واحد يؤيد هذين القتله عليكم بقتله وليس طرده
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات