درعا بين تسويتين: وضع أمني مضطرب وأهداف غير مكتملة

درعا بين تسويتين: وضع أمني مضطرب وأهداف غير مكتملة
 ثلاثة أعوام وما يقارب ثلاثة شهور هو الفارق الزمني الذي عاشته محافظة درعا جنوب سوريا بين تسويتين فرضتهما روسيا لصالح نظام أسد، فإلى أين وصلت المحافظة مع انتهاء تسويتها الثانية؟.

الوضع الأمني - الاغتيالات

 

حصلت أورينت نت على إحصائية خاصة من مكتب توثيق الشهداء والمعتقلين في درعا تضمنت أعداد عمليات الاغتيال في المحافظة منذ تسوية تموز 2018 حتى تاريخ إعداد المادة، أي بعد أيام قليلة من انتهاء تسوية 2021 وتبين في الإحصائية أن  1139 عملية ومحاولة اغتيال جرت في المحافظة أدت لمقتل 723 من شبان المحافظة وجرح 313، فيما نجا 103 منهم.

يقول عمر الحريري عضو مكتب الشهداء والمعتقلين لأورينت إن الأرقام توضح الواقع الأمني في المحافظة .. يصعب علينا في كثير من العمليات تحديد هوية القاتل وينسب معظمها لمجهول إلا أن هوية المستهدفين واضحة وهم معظمهم مدنيون أو شخصيات مؤثرة في المحافظة.

العميد أسعد الزعبي وفي حديث سابق لأورينت رأى أن نظام أسد يتخذ سياسة ممنهجة للتخلص من شبان المحافظة التي فرض عليه المجتمع الدولي عدم تهجير كامل سكانها .. فهو يقوم بتشتيتهم بين قتيل أو ضم بعضهم لفصائل كالفيلق الخامس وحتى الأمن العسكري، كما سهل النظام إجراءات السفر لأبناء المحافظة بطرق شرعية أو غير شرعية، وهو ضمن إطار خطة متكاملة تقودها روسيا في المحافظة.

أما عن أعداد قتلى ميليشيا أسد خلال الفترة ذاتها والهجمات التي تعرضت لها مواقعها، فقد حصلت أورينت نت على إحصائية خاصة أيضا من "تجمع أحرار حوران" أظهرت الأرقام عدد قتلى الميليشيا من آب/أغسطس 2018، أي منذ انتهاء التسوية حينها حتى نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021.. حيث بلغ العدد الكلي: 422 قتيلا حسب الرتب العسكرية:

1 رتبة "عميد"

5 رتبة "عقيد"

53 رتبة "ملازم"

21 رتبة "مساعد"

6 رتبة "رائد"

6 رتبة "نقيب"

7 رتبة "مقدم"

323 رتبة "مجند"

فيما بلغ عدد الهجمات العسكرية على مواقع النظام: 393 بحسب التجمع 

الوضع الأمني- عمليات الاعتقال 

وفي حديث لأورينت نت مع نشطاء داخل درعا طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم تبين أن النظام بات قادرا على تنفيذ الاعتقالات بشكل أوسع وفي مناطق جديدة من المحافظة بعد أن سحب كميات كبيرة من السلاح خلال تسوية 2021 وهو شرط لم يكن موجودا في تسويات 2018 التي لم تجبر الأفراد على تسليم سلاحهم أثناء التسوية، وهو ما يوضح الخط المنحدر للواقع الأمني.

الصحفي جواد العبد الله" اسم مستعار لأحد النشطاء" والموجود في درعا رأى أن تسوية 2021 ما هي إلا مرحلة من مراحل قادمة سينفذها نظام أسد بدعم روسي في المحافظة، فبعد تخليص أعداد كبيرة من الأسلحة الفردية من شبانها سيكون هناك عمليات أو تسويات مستقبلاً لسحب أعداد جديدة من السلاح الفردي إلى حين تجريد المحافظة بشكل كامل من سلاحها. 

ويرى النشطاء الذين تواصلنا معهم أن نظام أسد لم يستطع رغم كل أساليبه الإجرامية من القصف والحصار والتهديد التي فرضها على مناطق المحافظة لإخضاعها لشروط التسوية الأخيرة، إلا أنه، أي النظام، لم يستطع الوصول إلى عمق أهدافه بكسر إرادة أهالي المنطقة وسلب أدواتهم ومواقفهم الثورية، ما يعني أنها سيطرة شكلية جرت أمام أعين المجتمع الدولي وبإشراف روسي.

 ورغم خطط ميليشيا أسد والاحتلال الروسي إلا أن المحافظة ما تزال تقاوم  قدر استطاعتها لمنع إعادة النظام فرض سيطرة كلية عليها، خاصة أن تسوية 2021، كانت مستعجلة وشكلية لارتباطها بظروف دولية أهمها خط الغاز العربي الذي سيمر من درعا.

الواقع العسكري: الفيلق الخامس أداة روسية "مؤقتة"

عند الحديث عن الواقع العسكري في درعا لا بد من طرح مسألة اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس من جديد، لا سيما أنه كان يسيطر على مناطق في الريف الشرقي عقب تسويات 2018، وفقدها عقب تسويات 2021 ومعها فقد الكثير  أيضا من مزاياه التي وعد بها الروس عناصره.

وكان قائد اللواء الثامن المدعوم من روسيا أحمد العودة وعد بتشكيل ما يسمى جيش حوران لضم عدد أكبر من العناصر في المحافظة، وهو أمر كان من المفترض أن يسير على حساب تمدد ميليشيا أسد إلا أن الواقع وما حدث هو العكس تماماً، وتمدد النظام على حساب اللواء الذي بدا وكأنه يسهل المهمة الروسية الرامية لبسط سيطرة ميليشيا أسد.

مصادر خاصة لأورينت قالت إن اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس تحول لملاك المخابرات العامة، تزامن ذلك مع خروج أحمد العودة إلى الأردن وسط أنباء عن انتهاء دوره لبدء مرحلة جديدة تخطط لها روسيا بتمديد الأجهزة الأمنية لمصلحة الوجود العسكري، وهو أمر يعطي مرونة أكبر أمام المجتمع الدولي ويقلل من عمليات استهداف النظام من قبل مجموعات قد لا تزال موجودة وتحتفظ بسلاحها.

الوجود الإيراني

  

الاتفاق الدولي الذي تعهدت روسيا بتمريره في جنوب سوريا يضمن خروج الميليشيات الإيرانية من درعا، إلا أنه وخلال السنوات الثلاث الماضية كانت إيران موجودة وبشكل علني في بعض الأحيان لا سيما خلال الحملة الأخيرة التي قادتها ميليشيا الفرقة الرابعة على أحياء درعا البلد بوجود ميليشيات أخرى ظهرت بفيديوهات مصورة وهو ما وضع روسيا ربما على المحك الدولي.

تسوية 2021 حملت ذات الشروط القاضية بخروج ميليشيات إيران من درعا لكن ما اختلف فيها عن تسوية 2018 أنه أمر تم "مبدئياً" وبشكل ملحوظ، إذ باشرت الفرقة الرابعة وميليشيات أخرى الانسحاب عقب بدء التسويات الجديدة برعاية روسية

لكن التخوف الحقيقي هو من عودة هذه الميليشيات في حال تغير الظروف الدولية ومن المرجح أن يكون الخروج تم باتفاق مع روسيا التي تحاول تعزيز علاقتها مع إسرائيل لتمرير مشاريع من شأنها إنقاذ نظام أسد.

وفي الحقيقة لم تعد إيران مضطرة للبقاء عسكرياً في درعا في ظل سيطرتها على مؤسسات أسد المدنية، وربما تسعى لاختراق المجتمع من خلال هذه المؤسسة دون اللجوء لسياسات كانت تتبعها بعيد 2018. 

وبشكل عام تتجه المحافظة بخط منحدر يصب في صالح النظام وميليشياته، لكن هذا السير لا يبدو متسارعا في ظل رفض دولي لوجود إيران داخل مؤسسات أسد وفي ظل المقاومة الشعبية بكافة أشكالها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات