نتيجة تهجير ميليشيا أسد:التخلي عن الأطفال حديثي الولادة ظاهرة تقلق السوريين

نتيجة تهجير ميليشيا أسد:التخلي عن الأطفال حديثي الولادة ظاهرة تقلق السوريين
في نتيجة طبيعية للحرب التي فرضها نظام أسد على السوريين وتهجيره مئات الآلاف منهم إلى الشمال، ثم حصارهم وتجويعهم، طفت على السطح مؤخراً ظاهرة لم يألفها المجتمع تتمثل في التخلص من الأطفال حديثي الولادة، لأسباب أبرزها العوز وتفكك الأسرة والتهجير والعنف ضد النساء وبعض العلاقات المحرمة التي توجد في كل المجتمعات.   

وقبل يومين، فوجئ رجل أربعيني من مدينة أخترين شمال حلب، بطفلة حديثة الولادة ملقاة بجانب سور حديقة المدينة، ليبدأ على الفور بالبحث عن ذوي الرضيعة، ظناً منه أن ظرفاً ما أدى إلى ذلك.

للوهلة الأولى جال الرجل في الشوارع القريبة مفتشاً عن ذوي الرضيعة، ثم توجه لأحد المساجد للمناداة عليها، لكن دون جدوى.

حالتان شهرياً

حالة الرضيعة باتت متكررة في أرياف حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة وإدلب، بحسب أرقام ومؤشرات حصلت عليها "أورينت نت" من مصادر متقاطعة.

يعيدنا مصدر أهلي من أخترين إلى حادثة مشابهة وقعت قبل شهور في قرية قبتان القريبة من المدينة، ويقول لـ"أورينت نت" طالباً عدم الكشف عن اسمه: "يبدو أن الحوادث من هذا القبيل باتت مرشحة للزيادة".

ويرجع توقعه ذلك إلى انتشار المخدرات والفقر وضعف الرقابة المجتمعية، بسبب تفكك العديد من العائلات.

وتدعم الأرقام والإحصائيات ما ذهب إليه المصدر، حيث تقدر منظمات عاملة في الشمال السوري عدد حالات التخلي عن الأطفال حديثي الولادة في الشمال السوري (أرياف حلب، إدلب) بما لا يقل عن حالتين شهرياً.

وعلى سبيل المثال، سُجل في أيار الماضي أكثر من حالة مشابهة، في قرية بزاعة، ومدينة مارع، في حين تُقدِّر مصادر حقوقية عدد الحالات السنوية بما لا يقل عن 70 حالة في الشمال السوري وحده.

ما أسباب استفحال الظاهرة؟

يضع مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"  فضل عبد الغني، حالة عدم الاستقرار نتيجة الحرب على رأس مسببات هذه الظاهرة، ويقول لـ"أورينت نت": "لا بيانات دقيقة لعدد الحالات، غير أن الظاهرة فعلاً تشهد تزايداً".

ويضيف عبد الغني أن التخلي عن الرضع يعد من الانتهاكات الأسرية، ومن أبرز أسباب هذا الانتهاك زيادة نسبة الفقر، واكتظاظ المنطقة بالسكان، مع زيادة أعداد المهجرين، وتحديداً في العامين الأخيرين، بسبب سيطرة ميليشيا أسد على مساحات شاسعة ومدن كبيرة في أرياف حماة وإدلب وحلب.

ويردف مدير الشبكة الحقوقية، أن النسبة الكبرى من المهجرين هم من شرائح النساء والأطفال، وهؤلاء يعانون من فقر شديد، يوازيه ضعف وندرة في كمية المساعدات الإنسانية المقدمة.

وحسب عبد الغني، فإن فصل الشتاء يسجل ذروة هذه الظاهرة، مبيناً أن "عدداً من الأسر تضطر نتيجة الفقر وغياب وسائل التدفئة، والخوف على مصير حياة الطفل إلى رميه، على أمل أن يجد فرصة حياة أفضل".

أما المحامي سامي خليل، فيجمل أسباب زيادة الظاهرة في زيادة العلاقات المحرمة، نتيجة الفقر والانحلال الخلقي، بسبب الحرب، إلى جانب الزيجات غير المتكافئة.

ويقول لـ"أورينت نت"، إن الفقر بسبب ويلات الحرب يفعل فعله في الشمال السوري، ومن الطبيعي أن تشهد المجتمعات غير المستقرة تسجيل علاقات غير شرعية، ويحذّر خليل من تداعيات كارثية لهذه الظاهرة، على المجتمعات المحلية.

لكن الناشطة السورية نيفين حوتري، ترفض تحميل الفقر مسؤولية زيادة الظاهرة، معتبرة خلال حديثها لـ"أورينت نت"، أن "الفقر ليس مبرراً للعلاقات المحرمة".

وتشير حوتري إلى أسباب أخرى تفاقم ظاهرة التخلي عن الأطفال حديثي الولادة، منها العنف الممارس على النساء، أو احتمال تعرض بعضهن للاغتصاب ما يدفعهن للتخلي عن المواليد، خشية العار المجتمعي.

وترى أن من الضروري تفعيل المحاسبة وتطبيق القانون على الجناة لتقليل الحوادث.

ما مصير الضحايا؟

في حالة الرضيعة الأخيرة التي عُثر عليها في أخترين، وفور شيوع الخبر تكفلت زوجة لم تنجب بتربية الرضيعة "مجهولة النسب"، وفق ما علمت "أورينت نت"

وعن ذلك، تقول حوتري: "غالباً ما ينتهي الأطفال الضحايا إلى كنف عائلة متبرعة، بمعنى آخر يوفر التعاضد المجتمعي الحلول، نتيجة غياب المنظمات وغياب المؤسسات الاجتماعية عن التكفل بالضحايا".

وتصف حوتري دور المنظمات أمام هذه الظاهرة بـ"الخجول"، وتقول: "هي ظاهرة من بين ظواهر أخرى تحدث في الشمال السوري، مثل ظاهرة تسوّل الأطفال، وتنامي استخدام العنف ضد النساء".

مناطق سيطرة النظام

وينسحب حال المناطق المحررة، على المناطق الخاضعة لسيطرة نظام أسد، فهناك تشهد ظاهرة التخلي عن الأطفال حديثي الولادة تزايداً ملحوظاً، وخصوصاً في مدينتي حلب ودمشق.

وبشكل متواصل، تكشف مصادر إعلامية موالية عن عشرات الحالات التي يتم تسجيلها تِباعاً، حيث يتم العثور على الرضّع بجانب المساجد والأبنية المهجورة.

كيف يتم التعامل قانونياً مع الضحايا؟

المحامي حيدر هوري، يوضح أن القانون السوري يسمّي هؤلاء الأطفال الضحايا "مجهولي النسب"، لافتاً إلى أن "القانون يمنحهم الجنسية السورية /مسلم، بانتظار أن يتم إثبات عكس ذلك".

ويوضح لـ"أورينت نت"، أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، هي من تتكفل برعاية الأطفال في مراكز الرعاية ودور الأيتام حتى بلوغهم سنّ الـ 18 عاماً.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات