إقالات وانهيار متواصل لليرة.. هل ضلت تركيا الطريق للخروج من أزمتها المالية؟

إقالات وانهيار متواصل لليرة.. هل ضلت تركيا الطريق للخروج من أزمتها المالية؟
لم تمض سوى ساعات على إقالة نائبي وزير المالية ووزير الخزانة التركية "شاكر إركان غول ومحمد حمدي يلدريم"، حتى قرر البنك المركزي خفض سعر الفائدة من جديد 100 نقطة، لتصل إلى 14 بالمئة.

وبهذا القرار وصل سعر صرف الليرة التركية إلى نحو 15.6 مقابل الدولار الواحد متخطياً كل التوقعات التي رجحت تحسن قيمتها، ولا سيما بعد قيام الحكومة بإجراءات جديدة تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتنشيط الاقتصاد الذي يعاني حالياً من بعض الركود جراء أزمات داخلية، مثل كورونا أو خارجية ناتجة عن المضاربات البنكية.

ويرى محللون أن الخطوات التي قامت بها الحكومة للحدّ من هبوط قيمة الليرة مستعجلة وآنية وساهمت بشكل ما في ازدياد المشكلة بدل حلها، وخاصة عند ممارسة ضغوط كبيرة على البنك المركزي الذي يفترض أنه جهة تتمتع باستقلالية كاملة لاتخاذ قرارات السياسة النقدية ووضع السياسات المالية والاقتصادية للبلاد.

قرارات آنية ومستعجلة

ولدى السؤال عن سبب انخفاض قيمة العملة بالتزامن مع قرارات الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" أوضح الخبير الاقتصادي التركي (علاء الدين إسماعيل شنكولر) لـ"أورينت نت" أن الاقتصاد في العالم أجمع يحتاج إلى استقرار سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، لكن قرارات الرئيس تسببت بنوع من القلق الذي أثر بدوره على المستثمرين في البلاد، وجعلهم يميلون إلى التعامل بالعملة الصعبة والذهب بدل الليرة التركية.

ولفت "علاء الدين" إلى أن الحكومة خلال خفضها لسعر الفائدة لا تفكر بشكل مباشر بخفض سعر صرف الدولار، بل في جلب الاستثمارات وأن تكون بشكل أبسط وأسهل مع انخفاض سعر الفائدة، موضحاً أنها إلى الآن لم تنجح في ذلك بل إنها حتى لم تنجح في خفض سعر الفائدة، إذ إن الكثير من المؤسسات المالية لم تلتزم بهذا القرار ولم تطبقه.

وحول القرارات الأخيرة أوضح الخبير الاقتصادي أنها قرارات آنية وفورية متخذة من قبل رئاسة الجمهورية، وأن من يعترض عليها أو لا يوافق يتم فصله أو إقالته ويقال له (تفضل الباب مفتوح) على حد وصفه، في حين بيّن أن تركيا ستواجه هذه الأزمة بكل ثقة فاقتصادها قوي وعريق والبنية التحتية للاقتصاد لديها ليس فيها مشكلة، وربما تضعف قليلاً لكنها ستعود بشكل أقوى.

مضاربات ومعارك صامتة

أما الباحث الاقتصادي "يونس الكريم" فيرى أن الخط الذي اتخذته تركيا لدى تسعير الليرة هو مبني على دراسة ولكن الحكومة استعجلت بالتطبيق، وهو سبب الخلاف السياسي داخل البيت التركي الداخلي، حيث إن المعارضة تتحكم بمالية نقدية كبيرة وهناك خلاف جوهري ما بينها وبين الحكومة، لذا لا يمكن القول إن هناك وحدة رؤية فيما يتعلق بالليرة التركية.

وأضاف "الكريم" أن المصالح التركية لكبار المستثمرين سوف تتضرر من الخطوة التي اتبعتها الحكومة تجاه البنوك ومؤسسات الإقراض، لذا لا يمكن توحيد الجهود التركية بشكل كامل لحل المشكلة، مؤكداً أن هناك مسألة أخرى مهمة هي اقتراب الانتخابات وازدياد البطالة بعد فترة كورونا تبعه انخفاض السياحة والعمل، كل ذلك أجبر الحكومة على اتخاذ مثل تلك الخطوات، التي تمثلت بتخفيض سعر الليرة عن طريق تخفيض سعر الفائدة.

وحول لماذا الليرة التركية بانخفاض؟ أجاب الباحث الاقتصادي أنه يوجد الآن تنافس سياسي تركي داخلي من قبل المعارضة وكبار المستثمرين، إضافة إلى وجود قوى خارجية تقوم بالمضاربة على الليرة التركية من جهة، ومن جهة أخرى دخول البلاد بأكثر من مكان ومن جبهة خارجية، الأمر الذي أضعف إمكاناتها المادية كثيراً ووضعها أمام واقع أن محاولة بعض الأصدقاء دعمها لن تكلل بالنجاح.

وأشار الكريم إلى أن استمرار الانخفاض للعملة التركية يعد "معركة صامتة" حول الرئاسة التركية، سواء من معارضة الداخل المتمثلة بالعديد من الأحزاب أو من السياسات الدولية الممتعضة من تحركات الرئيس التركي وحكومته، لذلك المضاربة على الليرة هو انعكاس لتلك المعارك التي أدت بدورها لانخفاض العملة.

يذكر أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أصدر قراراً في الثاني من الشهر الحالي بإعفاء وزير الخزانة والمالية "لطفي ألوان" وتعيين نائبه محله "نور الدين نباتي بدلاً عنه، كما أقال في بداية العام رئيس مصرف البنك المركزي "ناجي أغبال" بعد مضي أربعة أشهر على تعيينه ليكون الحاكم الثالث للمصرف خلال عشرين شهراً.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات