دفاع عن الأنا ضد القطيع

دفاع عن الأنا ضد القطيع
تنطوي الثقافة العربية على مثلب خطير جدا ألا وهو العداء للأنا، ولهذا يعوذ العرب من الضمير المنفصل "أنا"، وتقول العامة: "أعوذ بالله من كلمة أنا" ويتعوذون من الأنا كما يتعوذون من الشيطان.

ودعوني أقل لمن يرى الأنا شرا مستطيرا أن الشر في بلادنا كامن في غياب الأنا واستبداد الـ "نحن" والـ"هم".

إن الشر كل الشر يكمن في غياب الأنا التي تفكر والتي تختار والتي تتحرر والتي تحلم والتي تتمرد. ولهذا فإن والد أعداء الأنا هو الطاغية المستبد الذي يسعى دائما لجعل الناس قطيعا خوفا من الأنا الحر. والقطيعية هي صورة موت الأنا.

لولا هذه النزعة القطيعية البدائية لما رأيت جماعة تتعصب للطاغية وتمارس من أجل سلطته أسوأ صور القتل والإبادة.

ولولا هذه القطيعية لما كان هناك داعش تفسد على الشعب السوري كفاحه من أجل الحرية والتحر.

 هذه القطيعية هي التي حملت حزب الله على ارتكاب المجازر في سوريا، لولا هذه القطيعية لما كان هناك  وعي طائفي متعصب. ويجب أن لا ننسى بأن القطيعية هي وعي قطيعي، والوعي القطيعية لا يفكر أبداً. 

ما هو الوعي القطيعي: إن الوعي الذي يصدق الأوهام والخرافات دون أي إعمال للعقل والتفكر، وعي يصدق دون تأمل ونظر.

وأسوأ أنواع الوعي القطيعي ذلك النوع الذي يتحول إلى أيديولوجيا تدفع الناس للموت من أجلها؟

تأمل معي تلك الشعارات الأيديولوجية للميليشيات الطائفية ستجد بأنها شعارات لا تنطلي على من لديه حد أدنى من التفكير.

تأمل معي أسماء الحركات القطيعية: حزب الله، أنصار الله، كتائب الحق، جبهة النصرة، دولة الخلافة. تأمل – بالمقابل- الشعارات التي يرفعها الدكتاتور ولا علاقة لها بالواقع أبداً: الممانعة، التحرير، السيادة. تأمل كل هذا، وانظر إلى سلوك القطعان المنتمية إليه؟

ولهذا فإن الدفاع عن الأنا دفاع عن الإنسان الذي يفكر. لولا الأنا لما احتفل الوجود بالثائر الذي أعلن أنه يريد. لو كان هناك انتصار للأنا لكان هناك انتصار للحرية والأحرار. لو كان هناك انتصار للأنا لما كان هناك قطيع يمشي وراء المستبد. لما كان هناك تحطيم لقيمة الانسان.

وإذا كان بعض الناس يكرهون الأنا لاعتقادهم أنها والأنانية شيء واحد فهم مخطئون. لأن حضور الأنا هو بالضرورة حضور الآخر بوصفه أنا. واعلموا أن انتصار الحرية مستحيل دون انتصار الأنا. لأنك حين تعلن "أنا" تعلن في الوقت نفسه حضور الذات الممتلئة بالوجود. الأنا هو السيد… والقطيع أغنام المراعي.

التعليقات (3)

    garo

    ·منذ سنتين 4 أشهر
    I hear it for the first time. but it is great

    Bashar Alaswad, M.D.

    ·منذ سنتين 4 أشهر
    Excellent article Professor Barqawi

    آشور

    ·منذ سنتين 4 أشهر
    أنانيّة السفّاح حافظ الأسد هي التي أوصلتنا إلى هنا .. ولولاها لما رأينا أنانيّة ورثته المجرمين، التي حطمت الأنا والنحنُ خلال عقود
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات