أمراض جلدية قديمة تعود للظهور مجددا في مخيمات النازحين

أمراض جلدية قديمة تعود للظهور مجددا في مخيمات النازحين
تنتشر الأمراض الجلدية في مخيمات إدلب وشمال غرب سوريا بشكل لافت مؤخراً نتيجة عوامل عدة منها قلة المياه النظيفة وضعف خدمات الصرف الصحي، وغياب الرعاية الصحية التي من شأنها أن تضع حداً لانتشار تلك الأمراض المتفشية.

شكوى الأهالي

وفي تصريح لـ "أورينت نت" قال عبد الحليم الجاسم (٤٠ عاماً) وأحد سكان مخيمات دير حسان الحدودية: إن أبناءه الثلاثة مصابون بمرض الجرب نتيجة عدوى من ساكني المخيم، وهو مرض يظهر على شكل حبوب تغزو أجسامهم وتتسبب بحكة وألم شديدين.

ويشكو الجاسم من افتقار المخيم لأي مراكز علاجية متخصصة، فهم لا ينالون أي رعاية طبية أو أدوية مجانية وسط ظروف معيشية قاسية يسودها الفقر والغلاء، كما أنهم لا يقومون بالاستحمام إلا ما ندر نتيجة البرد القارس وعدم توفر المياه النظيفة التي يعمدون لشرائها على حسابهم الشخصي. 

وأضاف أنه عدا عن عدم توفر وسائل لتسخين مياه الاستحمام بشكل مستمر، فهي مكلفة وخاصة بعد غلاء كافة أنواع المحروقات منذ بدء انهيار الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي.

وبالنسبة لـ"سعاد الحداد" (٣٥ عاماً) نازحة من قرية كفروما، فلم تكن بأحسن حالاً، فهي لم تدع وسيلة لعلاج ابنتها قمر (١٠ سنوات) من مرض القوباء الذي راح يتوزع في جميع أنحاء جسمها دون جدوى.

وتقول "سعاد" التي تعيش الآن في مخيمات كفرلوسين: إن المرض بدأ يظهر على ابنتها منذ أكثر من أسبوع وأعراضه تركزت على شكل جروح طفيفة عدا عن لدغات الحشرات وطفح جلدي مثل الأكزيما، لكن سرعان ما انتشرت التقرحات على سائر الجلد مؤكدة أن المرض كان نتيجة عدوى من أطفال المخيم الذي راح العديد منهم يعانون من الأعراض ذاتها.

وترجع "سعاد" سبب انتشار هذا المرض الجلدي إلى وجود مكب للقمامة على مقربة من المخيم الذي يقطنون فيه، والذي أدى بشكل مباشر لانتشار الحشرات والجراثيم والروائح الكريهة، الأمر الذي دفع لانتشار الأمراض الجلدية في المخيم القابل لاستقبال كل أنواع الأوبئة نتيجة قلة الرعاية الطبية والخدمات.

رأي طبي

من جهته أوضح الصيدلاني الوحيد في مخيمات دير حسان "أحمد الصبوح" أن الإقبال على شراء المراهم والأدوية الجلدية ازداد مؤخراً مع تفشي العديد من الأمراض لاسيما الجرب والأكزيما والليشمانيا والقوباء إضافة لأمراض أخرى عبارة عن التهابات جلدية متنوعة.

وأشار إلى أن الوضع الصحي في المخيمات بشكل عام يزداد سوءاً يوماً بعد يوم مع تفشي الأمراض والفقر وانعدام القدرة الشرائية للمدنيين العاجزين عن تلقي العلاج لبعد المراكز المتخصصة عن أماكن وجودهم وقلة وجود الاختصاصيين في المنطقة.

وأوضح أن معظم الأهالي يقصدون الصيدلية للحصول على بعض الإرشادات والأدوية من الصيادلة ما يوفر عليهم الكثير من العناء والنفقات، وإن كان هناك فائدة من ذلك في بعض الأحيان حيث تماثل العديد من الحالات للشفاء لكن بعض الحالات الأخرى أصبحت خطرة ومستعصية وبحاجة لمتابعة طبية وتحاليل وعلاج أكثر جدوى.

أسباب العدوى

وحول أسباب العدوى يعرّف الطبيب "محمد الحسين" مرض القوباء بأنه: "عبارة عن عدوى جلدية تسببها الجرثومة العنقودية الذهبية والجرثومة العقدية المقيحة، وتتشكل بسببها تقرحات جلدية ذات قشور صفراء، والمرض شديد العدوى وخاصة في الأماكن المزدحمة التي تفتقر للخدمات الأساسية كمخيمات إدلب. 

ولفت إلى أن تلك المناطق تشهد الكثير من الحالات الجلدية المتفشية بشكل يستدعي للتحرك السريع وخاصة بعد معاينة حالات مزمنة والتهابات جلدية يصعب علاجها بشكل سريع كالجدري والصدفية والحساسية، داعياً لزيادة كميات الأدوية المجانية المقدمة وتوفير المياه والمنظفات ودعم مشاريع شبكات الصرف الصحي وترحيل النفايات لأماكن بعيدة عن المخيمات.

يذكر أنه يعيش في إدلب قرابة مليون وسبعمئة ألف نازح من مختلف المناطق السورية ضمن أكثر من 1400 مخيم شمال المدينة، بينها مئات المخيمات العشوائية التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة، ما يشكل سبباً أساسياً في انتشار الأمراض والأوبئة والإصابات الجلدية المعدية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات