رغم السنين.. جثث الباغوز تكشف قاتليها وتنذر بكارثة بيئية

رغم السنين.. جثث الباغوز تكشف قاتليها وتنذر بكارثة بيئية
بعد مرور ثلاثة أعوام على نهاية المعارك ضد تنظيم داعش في آخر معاقله ببلدة الباغوز أقصى شرق محافظة دير الزور، لا زالت معاناة أهالي البلدة متواصلة. تركة كبيرة تثقل كاهل السكان المحليين، الذين لا يزالون يحاولون إعادة الحياة لبلدتهم بعد معاناتها ويلات الحرب لعامين متتاليين بين ميليشيا قسد وتنظيم داعش.

فلا تزال رائحة الموت تُخيّم على المشهد في الباغوز، إذ يكتشف الأهالي بين فينة وأخرى عدداً من الجثث بين أنقاض المنازل وفي البساتين، قضى أصحابها إبان المعارك المحتدمة منذ ثلاثة أعوام. 

شكوى الأهالي وإهمال مسؤولي المنطقة

 

وبحسب أحد أهالي بلدة الباغوز ويدعى (عزام)، فإنه على الرغم من مرور ثلاث سنوات على نهاية الحرب وعودة السكان للبلدة، إلا أن الأهالي لا يزالون إلى يومنا هذا  يدفعون أرواحهم ضحية لمخلفات المعارك، وعلى مدار الأيام والشهور الماضية اكتشفوا عشرات الجثث المتفسّخة تحت ركام المنازل المدمرة، أو مدفونة في البساتين أو في قبور جماعية بين الأحياء السكنية. 

ويضيف (عزام) أن أغلب الجثث تعود لمدنيين قضوا بقصف التحالف وميليشيا قسد، وبعضها الآخر يعود لعناصر من تنظيم داعش، لكن مع مجيء فصل الصيف تبدأ روائح الجثث المتفسخة بالانتشار، وكذلك الأمر في فصل الشتاء وبعد الهطولات المطرية، وهذا الأمر بات يؤذي الأهالي ويتسبب بحالة رعب مصاحبة لهذه الحوادث، خصوصاً لدى الأطفال والنساء.

وأشار إلى أن الأمر يترافق ظهوره دوماً مع انتشار أمراض معدية بدأت تسري بشكل متسارع في المنطقة، ومنها اللاشمانيا وأمراض جلدية أخرى تنهش أجساد المقيمين في الباغوز، دون أي رعاية طبية من قبل صحة "الإدارة الذاتية"، موضحاً أنهم طالبوا التحالف الدولي عدة مرات أثناء زيارتهم للمنطقة بضرورة العمل على نقل الجثث وتنظيف المنطقة من الألغام ولكن بلا جدوى. 

من ناحيته قال الناشط "إبراهيم الحسين"، إن الأهالي في بلدة الباغوز يعانون من مشاكل شتى على رأسها الألغام ومخلفات الحرب التي تهدد حياة سكان محافظة دير الزور عموماً، وبين فينة وأخرى ينفجر لغم بشخص ما من أهالي البلدة، آخرها كان بتاريخ العاشر من الشهر الجاري، حيث بُترت يد الطفل (رائد الحمادة) ذي السنوات العشر، جراء انفجار مقذوف من مخلفات الحرب أثناء لعبه قرب منزله.

ولفت "الحسين" إلى أن المشكلة الثانية هي الجثث التي يعثر عليها الأهالي في الباغوز، وتساهم بجلب الأمراض، وإلى اليوم لا تزال منطقة مخيم الباغوز تغص بالجثث المتفسخة التي تم دفنها قرب سطح الأرض وتظهر للعيان بين فترة وأخرى، وباتت مصدر قلق للأهالي لما تجلبه من أمراض تنتقل عبر البعوض والذباب وعلى رأسها اللاشمانيا، فقد كان العام 2020 كارثياً على السكان. 

جفاف وظواهر غريبة

وحول ظهور الحيوانات الخطرة، بيّن (عزام) أن فترة الصيف في الباغوز شهدت خلال السنوات الماضية ظهور حيوانات مفترسة لأول مرة كالضباع التي تقتات على الجثث المتفسخة وتشكل خطراً كبيراً على الأهالي، إضافة لظهور الأفاعي بشكل كبير خصوصاً بين ركام المنازل. 

وأكد أنه في السابق لم تكن تُرى هكذا ظواهر، لكن بعد الحرب تغيّر المشهد كثيراً، فحتى الأرض لم تسلم، حيث انقطع منذ أيام الطريق الواصل بين حي الشيخ حمد وبين الباغوز التحتاني جراء انهيار صخري في جبل الباغوز أو ما يسمى "الجهفة"، والانهيار كان بطول 70 متراً إثر تصدعات في الجبل نتيجة المعارك التي حصلت قربه.  

ويعاني أهالي البلدة اليوم أيضاً من جفاف عدد كبير من المحاصيل الزراعية وضرر كبير في الأراضي والبساتين، نتيجة شحّ المياه واحتجازها بسبب الجسر المنشأ حديثاً في المنطقة من قبل "الإدارة الذاتية"، في حين قالت وكالة "نهر ميديا" إن "الإدارة الذاتية" قامت بإنشاء جسر على أحد فروع نهر الفرات بين منطقتي السوسة والمراشدة. 

وبسبب أخطاء في التخطيط والتنفيذ من قبل المتعهد والمنفذين للجسر نتج عنها احتجاز مياه نهر الفرات عن مناطق السوسة وموزان والسفافنة والباغوز، كما إن المشكلة قائمة منذ عدة أسابيع، ولم تجد مطالبات الأهالي الذين كانوا قد نظموا عدة وقفات احتجاجية ونداءات بعض أعضاء المجلس المحلي في الباغوز بضرورة إصلاح هذا الخلل، آذاناً صاغية من قبل مسؤولي "الإدارة الذاتية" إلى اللحظة. 

معاناة وتدنٍّ في الخدمات وإهمال للألغام 

وتعاني أرياف دير الزور الخاضعة لسيطرة ميليشيا "قسد" من تدنٍّ في الخدمات وفساد كبير من قبل المؤسسات التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، وتعتبر أوضاع الصحة والتعليم والخدمات في الأرياف تحت خط الصفر بكل ما تعنيه هذه الكلمة حرفياً، عدا عن قضية الانفلات الأمني وانعدام أساسيات الحياة.

وكان وفد للتحالف الدولي قد زار الباغوز بتاريخ 20 تشرين الثاني الماضي، واجتمع مع الأهالي ووجهاء البلدة، وضمَّ وقتها عدداً من قياديي التحالف بينهم قائد القوات الخاصة الأمريكية، الذي وعد الأهالي بتحسين الواقع الصحي والتعليمي والخدمي ومشاريع إعادة إعمار البنى التحتيّة، لكن إلى الآن لم يحصل أي جديد. 

وفيما يخص فرق إزالة الألغام في الباغوز مثلاً، فهي لا تُلقي بالاً لمخلفات الحرب، وعملها يقتصر على الاستعراض أمام الإعلام فقط، وبحسب مصادر محلية من الباغوز فإن الأهالي يقومون بالإبلاغ غير مرة عن وجود ألغام وجثث، لكن لا تلقى نداءاتهم أي استجابة فيضطرون للجوء لبعض المدنيين ممن كانت لهم خبرة قديمة في إزالة الألغام. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات