عصابات الأطفال ظاهرة تطفو على السطح بالشمال السوري والأسباب متعددة

عصابات الأطفال ظاهرة تطفو على السطح بالشمال السوري والأسباب متعددة
لم يعُد مشهد رؤية الأطفال في شوارع إدلب غارقين في التشرّد والتسوّل والعمالة أمراً لافتاً، مع وصول الحرب السورية عامها الحادي عشر، والتي شرّدت آلاف الأطفال ويتّمتهم وأبعدتهم عن مقاعد الدراسة، ليجدوا أنفسهم في غياهب الانحراف والضَّياع.

لم يخطر في بال سهام النواف (٤٧ عاماً) أن سبب انقطاع التيار الكهربائي عن منزلها الذي تغذّيه بألواح الطاقة الشمسية أعلى البناء الذي تسكنه، هو عصابة "منحرفة" من الأطفال الذين راحوا يقطعون الأكبال من أجل بيعها بعد سرقتها.

وعن تفاصيل الحادثة تقول سهام لأورينت نت:" أردت أن ألقي نظرة على سطح البناء لتفقّد ما يجري وأبحث عن سبب انقطاع الكهرباء الفجائي عن المنزل، لأفاجَأ بمجموعة من الأطفال يحملون الأكبال ويولّون هاربين".

استطاعت سهام بمساعدة الجيران إلقاء القبض عليهم، ليتبيّن أنهم نازحون من ريف حلب ويقطنون المخيمات القريبة من مدينة الدانا، واعتمدوا مهنة السرقة من أجل الإنفاق على أنفسهم وأهلهم في ظل الغلاء والفقر وقلة فرص العمل.

"كانوا ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين ٩-١٢ عاماً، لم نشأ تسليمهم للجهات الأمنية مُشفقين على صغر سنِّهم وأوضاعهم السيئة التي دفعت بهم للقيام بهذا الفعل، واكتفينا بتحذيرهم من مغبّة هذا العمل الذي سيدمّر مستقبلهم ويهوي بهم في غياهب السجون" تقول سهام.

أطفال نشّالون

انتشرت عصابات الأطفال في إدلب وشمال غرب سوريا بشكل ملحوظ مؤخراً،  ولم يوفّروا أيَّ شيء يمكن سرقته والسطو عليه والاستفادة منه،  ولا سيما الدراجات النارية وبطاريات السيارات وأكبال الكهرباء ورواتر الإنترنت، وحتى السجاد والملابس المنشورة على أسطح المباني السكنية والأحذية أمام أبواب المنازل والمساجد.

تعرّضت نجوى القاسم (٢٥ عاماً) لسرقة حقيبة اليد الخاصة بها من قِبَل أحد الأطفال الذي باغتها وانتشلها وهرب مسرعاً، دون أن تتمكّن من اللحاق به وسط الازدحام في شوارع مدينة إدلب.

تقول نجوى إن عمره كان يتراوح بين ١٠-١٣ عاماً، ولم ترَ له مثيلاً بخفّة يده وركضه السريع الذي جعله يختفي من أمامها في ثوانٍ معدودة، ولم تتمكن من استرداد ما سُرِق منها حتى الآن، وكان في حقيبتها المسروقة جهازها الخليوي وبعض النقود إضافة إلى قطعة ذهبية.

وتشير إلى أنها غدت أكثر حذراً من حوادث السرقة بعد الحادثة التي تعرضت لها، والتي أفقدتها ثقتها بكل من حولها حتى الأطفال الذين كانوا رمزاً للبراءة والبساطة سابقاً، وفق تعبيرها.

وتدعو الجهات الأمنية لضرورة كبح تلك الظاهرة التي راحت تنتشر بشدة، ما جعل المدنيين في حالة من الخوف الدائم وعدم الأمان من محاولات السرقة والاعتداءات التي راحت تطالهم في وضح النهار وبأيّ لحظة.

عدة عوامل ساهمت في انتشار ظاهرة عصابات الأطفال وانحرافهم وفق المرشدة الاجتماعية أمل الزعتور (٣٥ عاماً) أهمها الفقر الذي وصل لمعدلات غير مسبوقة في المنطقة والتهجير والنزوح وفقدان مقومات الحياة وعدم وجود المدارس في مناطق هؤلاء الأطفال، وتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والخدمية، وقلّة وعي أولياء الأمور بأهمية تعليم الأطفال وضرورة متابعتهم ومنع تشردهم، إضافة لعدم وجود جهات تهتم بأمور الأطفال المشرّدين وتعمل على إعادة تأهيلهم واحتوائهم.

وكان نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق،  قال في وقت سابق ضمن مؤتمر صحفي تم عقده بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك إن " ٩٧ بالمئة من سكان إدلب يعيشون في فقر مدقع، معتمدين على المساعدات الإنسانية في الغذاء والدواء والخدمات الأساسية الأخرى".

في حين بلغ عدد الأطفال الذين وُلِدوا منذ بداية الحرب في سوريا نحو 6 ملايين طفل، فيما وصل عدد النازحين منهم في الداخل السوري إلى نحو 2.6 مليون طفل.

وقدّرت منظمة «يونيسيف» عدد الأطفال خارج مقاعد الدراسة في سوريا بنحو 3.2 مليون طفل، حيث أصبحت مدرسة من كل 3 مدارس لا تصلح للاستخدام بسبب ما لحق بها من تدمير وضرر جراء الحرب، أو لاستخدامها لأغراض عسكرية، أو لتحوُّلها إلى أماكن إيواء للعائلات النازحة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات