من ورّط عباس النوري في التهجم على حافظ الأسد ورفعت؟ ومن أجبره على التراجع؟

من ورّط عباس النوري في التهجم على حافظ الأسد ورفعت؟ ومن أجبره على التراجع؟
لم تكن التصريحات الأخيرة التي أطلقها الممثل الشهير عباس النوري خلال لقائه مع إذاعة المدينة التي تبث من دمشق عادية ..كانت صادمة بمقاييس الموالين للنظام، لذلك أثارت جدلاً واسعاً على الفور.

صحيح أن النوري تراجع عن تصريحاته واعتذر بسرعة البرق، لكن هذا التراجع والاعتذار لا يمحو مضمون التصريحات اللافت، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول السبب الذي دفعه لإطلاقها، والجرأة الكبيرة التي تحلى بها هو والراديو الذي أذاعها، خاصة وأنه تطرّق إلى ملف شديد الحساسية بالنسبة للنظام، وهو أموال البنك المركزي التي سلمها حافظ أسد لشقيقه رفعت منتصف ثمانينيات القرن الماضي  مقابل خروج الأخير من سوريا.

التهجم على حزب البعث وانقلابه عام ١٩٦٣، وتحميل مسؤولية تدمير البلاد للعسكر والأمن بهذه الصراحة، تفصيلان مهمان عندما يصدران عن شخصية وإذاعة مواليتين ومن دمشق، لكن الحديث عن نهب البنك المركزي أمر لم يجرؤ على التطرق إليه قبل ذلك من قلب دمشق سوى ميشيل كيلو.

للوهلة الأولى يبدو أن الأمر مرتبط بعودة رفعت أسد إلى سوريا العام الماضي، وما أحدثته هذه العودة من تراشق بين أولاد الأخير ومسؤولين في النظام يتنافسون معهم على نهب اقتصاد البلاد، أو يخشون من أن يستعيدوا أي دور في الحكم والسلطة، ولذلك يجب التوقف عند بعض النقاط الهامة هنا:

أولاً

: بحكم انتمائه للطائفة الشيعية  فإن عباس النوري يرتبط بعلاقة وثيقة مع مالك إذاعة المدينة "ميرزا نظام الدين" والأخير من العائلات الشيعية الدمشقية التي أثرت بشكل فاحش خلال العقود الأربعة الماضية، بعد تبنيها مشروع الولي الفقيه الإيراني ونشره بين الشيعة السوريين، لتحظى بدعم غير محدود من طهران، جعل من العائلة ما يقوض زعامة آل الأمين التاريخية للشيعة في سوريا.

تضاعف نفوذ وثراء العائلة بعد عام ٢٠١١ مع الاحتلال الإيراني للبلاد، وأصبحت عائلة "نظام الدين" صاحبة كلمة قوية، لكنها بقيت مع ذلك شديدة التحفظ في اقتحام الفضاء السياسي أو المنافسة به، على الأقل علنياً، مع ملاحظة أن إذاعة المدينة بدأت ببث محتوى يلفت الانتباه على هذا الصعيد، إلا أنها لم تكن الوحيدة بين وسائل الإعلام الموالية التي رفعت سقف الانتقاد الذي كان واضحاً أنه جزء من سياسة التنفيس التي يتبعها النظام.

ثانياً

: يرتبط عباس النوري بعلاقة قوية جداً مع علي مملوك الذي كان مسؤول مكتب الأمن القومي حتى الأمس القريب، ثم عين لاحقاً بمنصب معاون رئيس الجمهورية، وذلك بحكم نشأتهما في حي واحد وصداقتهما القديمة، حتى أن النوري يُعرف على نطاق واسع بأنه أحد أزلام مملوك، ولذلك كان طبيعياً أن تتجه أنظار الكثيرين إليه، والاعتقاد بأنه هو من دفع النوري لإطلاق التصريحات الأخيرة من أجل تحقيق أهداف خاصة.

لكن هذه الرواية على قوتها يعوزها التوقف عند نقطتين: الأولى أن علي مملوك ورغم قوة نفوذه ودوره المفصلي في النظام، إلا أنه لم يكن في أي يوم صاحب طموح يتجاوز حدود خدمة عائلة الأسد وتقويتها. 

والثانية أن مملوك ومنذ شهور يعيش ما يشبه العزلة، بسبب تفاقم حالته الصحية وتدهورها، واضطراره إلى قضاء معظم وقته في المشفى، وبالتالي فمن المرجح أن لا علاقة له بالحدث رغم أن مصادر موثوقة تؤكد وجود هذه العلاقة.

ثالثاً

: ارتباط أبناء بهجت سليمان ضابط الأمن المعروف والسفير السابق في الأردن، وخاصة ابنه مجد بعلاقة شراكة وصداقة متينة مع أسرة "نظام الدين"، وهذه العلاقة حاملها الأقوى حالياً ارتباط الطرفين بشكل كامل مع المشروع الإيراني في سوريا، ناهيك طبعاً عن خشية الأسرتين من أي منافسة اقتصادية قد يتطلع إليها أولاد رفعت.

وعليه سيعدّ تحريض عباس النوري من قبلهما منطقياً، ودعكم هنا من تهديد حيدرة ابن بهجت سليمان الفارغ برفع دعوى قضائية ضد النوري، بتهمة الإساءة لحزب البعث، لكن هذا لا يعني التسليم بهذه الرواية التي يعوزها هي الأخرى سد ثغرة هامة أيضاً هي الجرأة على المساس بمقدسات النظام وأصنامه المحرمة.

في الواقع قد يتسامح النظام وآل أسد مع التهجم على البعث وانقلابه، وعلى حكم العسكر والقبضة الأمنية المتوحشة (رغم صعوبة ذلك) لكن ما لا يمكن التسامح به هو الحديث من قبل إعلامهم عن نهب البنك المركزي، لأن الحديث عن هذا الملف لا يمثل إدانة لرفعت فقط، بل لحافظ أسد نفسه الذي سلم أموال البلاد لشقيقه بكل تآمر وبساطة.

لذلك فإن السيناريو الأكثر منطقية فيما حدث أن هناك من حرّض عباس النوري أو طلب منه بالفعل انتقاد النظام، لكن في إطار ما يجري مؤخراً من السماح لوسائل الإعلام الموالية ببثه، إلا أن النوري وكعادته أفرط في الشراب قبل التوجه إلى الاستديو، ولعله أفرط كثيراً هذه المرة لعلمه بخطورة ما هو مقدم عليه، وتحت الهواء انطلق لسانه دون وعي ليفصح عما يعرفه ويعرفه كل السوريين لكنه لم يكن ليجرؤ على البوح به وهو واعٍ.

التعليقات (10)

    الدفاع عن الكرامة والحق واجب لسوريا

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    بعد أن تكلم عباس بكلام يعرفه السوريون جميعا كان من الواجب على كل سوري وبشكل جماعي في الداخل أن يقفوا مع إظهار الحقائق وبوجه تهديدات هذه العصابة الإجرامية من النظام الأسدي واذنابها. وهذا لن يكون موقفا داعما لشخص عباس النوري بقدر موقفا واجبا وطنيا يدافع عن حقوق الشعب. لازلنا ننتظر عند اي فضح لجرائم العصابة الحاكمة ردة فعلها والتي تكون دائما ارهابية بوجه الشعب. لماذا تكلم المجرم اللص التافه حيدرة ولم تتكلم جموع الشعب المنهوب.

    جهاد الدين

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    مقال يتبع فكر المؤامرة البليد.. النوري مثقف مثل ايمن زيدان و يحب دمشق و علاقته مع النظام بسبب ظروف و ضروريات العيش مثل اي شخص يعيش مع النظام و خاصه انه فنان قدير

    طلال

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    بغض النظر عن محتوى المقال إلا أنه مبني على معلومة خاطئة: وهي أن صاحب المحطة (ميزر) وليس ميرزا ينتمي لعائلة نظام الدين السنية المنحدرة من منطقة الجزيرة ولا تمت بأي صلة أو قرابة لعائلة نظام الدمشقية الشيعية

    جهاد الدين

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    اذا كان ايمن زيدان وعباس النوري مثقفين فلا عتب عليك أيضا.... ????????... ليس الكلام و حديث الحمامات والمقاهي بثقافة????

    ذكرتني يا جهاد الدين

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    بمقولة ايمن الحجش... انو كيماوي الوطن و لا....... قال يحب دمشق.... لك تفوه ه ه ه على هيك مساطر

    لا ورطة ولا توريط

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    العنوان غلط وهو أن التكلم بالحق ضد هذا النظام ورطة. اظن بأن استبدال كلمة ورط ب شجع هو الاصح في هذا الزمن الاغبر .من شجع عباس النوري على قول الحق بوجه هذه العصابة الإجرامية

    HOPE

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    للاسف في زمن الحكم العلوي في سوريا نسمع تنافس الزعامات الشيعيه للسيطره على شيعة سوريا!! الانحطاط الذي وصلت اليه سوريا اظهرت قدرة هؤلاء للتناغم مع الفساد و القذاره التي انحدرت اليها بلاد الشام . متى كان في سوريا شيعه حتى يتنافسوا فيما بينهم ؟؟ حكم العلويه و الشيعه حاليا لا يفرق كثيرا عن حكم المغول . كلاهما همجي جاهل لا يفهم الا القتل و لغة الدم !!! لو دامت للمغول كانت س تدوم لهم .

    HOPE

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    لا مبرر لشبيح النظام عباس النوري .. في الظرف الذي تعيشه سوريا هدول يلي بيطلعوا بينتقدوا مو شربانين حليب السباع .. كل ما يطرح في الاعلام يمر بموافقة المخابرات و فشة الخلق يلي بتطلع كل فتره ما فرقت عن مسرحيات دريدلحام التافهه يلي كانت بالتمانينات لتنفيس الاحتقان في الشارع السوري!! الغريب قبول امثال هالشيء يلي اسمه عباس نوري انو يتبهدل كرمال ... الله اعلم كرمال شو ؟؟

    اي

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    لك ما بدا كل هالتحليل ، الزلمة هيئتو كان اخد حبة كبتاغون او شربان شي بقى فش خلقو بكلام ما كان وعيان عليه ، و بس راح مفعول المخدر ندم وتراجع ...ههههههههههه...المهم شو ما كان السبب انو نحنا عم نشمت، و نظام اسد هو اكبر مجرم عرفو التاريخ

    hhh

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    عباس النوري وعوار الطوشة فردتان لصرماية عتيقة تسمى الش……………
10

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات