انتشار عمليات البيع الوهمية للمنازل في إدلب وضحايا يروون مأساتهم عبر أورينت

انتشار عمليات البيع الوهمية للمنازل في إدلب وضحايا يروون مأساتهم عبر أورينت
انتشرت عمليات بيع وشراء عقارات في إدلب وشمال غرب سوريا بعقود مزوَّرة من قبل أشخاص امتهنوا النصب والاحتيال، ليجنوا أموالاً طائلة دون وجود قوانين أو إجراءات ضابطة تمنع تلك الممارسات.

وبحسب أحد المتضررين ويدعى "أحمد الشيخ" 35 عاماً، فإنه قد تعرض لعملية نصب واحتيال حين اشترى عقاراً من شخص عرض عليه منزلاً غير مأهول للبيع بسعر جيد، ما دفعه لشرائه دون تردد، ليكتشف بعد ذلك أنه وقع ضحية عملية نصب واحتيال بعقد مزوَّر، حين جاء المالك الأساسي وطالبه بإخلاء المنزل، لتبدأ رحلة تحصيل أمواله في أروقة محاكم هيئة تحرير الشام دون جدوى.

ويضيف "الشيخ" أن استخدام البائع المحتال لهوية مزورة واسم مستعار حال دون التوصل لاسمه الحقيقي أو وجود أدلّة تُدينه، وخاصة أنه استخدم وثائق وثبوتيات مزوّرة لا وجود لها في السجلات العقارية.

عمليات بيع وهمية 

وساهمت عمليات البيع والشراء الأخيرة لمنازل ومحلات في إدلب دون الرجوع للمحاكم أو توكيل محامين لتثبيت الملكيات أو الحصول على قرار محكمة، في زيادة عمليات البيع والشراء التي تتم بعقود مزورة والتي انتشرت مؤخراً بشكل لافت.

كما راحت العقارات تمر بسلسلة من العقود في مكاتب السماسرة وخارج أروقة المحاكم ، ما عقّد عملية تثبيت الملكية وخاصة أن المُلّاك الأساسيين توزعوا بين نازح ولاجئ ومعتقل، ما أفسح المجال أمام مثل هذه العمليات المشبوهة، وأطلق العنان لأطماع المزوِّرين والمحتالين ومتصيّدي الفرص.

وبالنسبة لـ"سميرة العلي" 40 عاماً، فلم يخطر ببالها أن المنزل الذي اشترته في مدينة سرمدا، هو في الواقع ليس ملكاً لمن باعه، حيث اكتشفت الأمر باتصال هاتفي من المالك الأساسي بعد فوات الأوان وفرار المزوِّر هارباً إلى إحدى الدول الأوروبية، دون أي معلومات عن وجهته الأساسية.

وأكدت "العلي" أنها كانت بحاجة لمأوى بعد نزوحها مع عائلتها من ريف إدلب الجنوبي عقب العمليات العسكرية الأخيرة، ما جعلها تشتري شقة مؤلفة من غرفتين ومرافقها بمبلغ 6 آلاف دولار، واضطُرت أيضاً لدفع كل ما بحوزتها من أموال لتتخلص من الإيجارات المرتفعة شمال إدلب، والتي تصل في بعض الأحيان إلى ١٥٠ دولاراً شهرياً.

رأي قانوني

ولإيضاح الموقف القانوني في مثل هذه الأحوال قال المحامي "حسين الصدير" 42 عاماً: إنه يتوجب على القاضي الناظر بدعوى تثبيت بيع عقار إن تم البيع قضائياً بين البائع المالك والمشتري، والتحقق من الجهة المبرزة التي تخول عملية بيع العقار لشخص ما، والتأكد من آخر تصديق لها، والسير بإجراءات نقل الملكية وفق التحري والتأكد من صحتها. 

وأشار إلى أن ذلك لن يكون ممكناً إن لم تتم عملية البيع والشراء عن طريق المحاكم، وهنا يسهل على المزوِّر البائع التزوير وإيقاع المشتري في شرك النصب والاحتيال من خلال وثائق غير رسمية ومزورة، مضيفاً أن هناك عشرات القضايا التي تخص تزوير بيع العقارات والتي تُرفَع إلى محاكم هيئة تحرير الشام بشكل أسبوعي. 

وتابع أنّ معظم الأوراق يتمّ تزويرها في مناطق النظام عبر محامين وأقارب لأصحاب الأراضي والعقارات، والحصول على حق التصرف بالممتلكات، كما نصح بتحري المصداقية من خلال شراء العقارات بوجود وثائق حقيقية والتأكد من صحتها في سجلات العقارات المدنية سواء الموجودة في محاكم إدلب أو حتى مناطق نظام أسد عن طريق متعهدين ومحامين بالمراسلة والتنسيق بينهم وبين المشتري.

سجلات ضائعة وقيود مفقودة

ومع ضياع عدد من السجلات العقارية وحرقها أثناء معارك تحرير المنطقة من عصابات أسد، ضاعت حقوق الكثيرين وبات من الصعوبة إثبات ملكياتهم للعقارات، إضافة لعمليات التهجير والنزوح والقصف الذي طال آلاف المنازل، وتسبب في إتلاف الأوراق الثبوتية والسندات، كل ذلك خلق بيئة خصبة لعمليات التزوير التي راحت تزداد يوماً بعد يوم.

وأوضحت دراسة بعنوان "التعويض فيما يخص الممتلكات السورية بعد النزاع" صورة مليئة بالتحدي تتمثل بـ “ضياع سندات التمليك وعدم وضوح ملكية العقارات وعمليات البيع والشراء غير الرسمية”، كما تحدثت الدراسة عن أن 75 بالمئة من المجتمعات المستهدفة فقدت سندات التمليك ودخلت في نزاع على الملكية.

وجاء في الدراسة التي نُشرت في عام 2018 أن غالبية من قابلهم الباحثون فقدوا جميع سندات التمليك، لأنها أُتلفت أو فُقدت أو خلّفوها وراءهم أو صودرت منهم، أما من يملكون سندات التمليك فنصفهم لم تكن هذه السندات صادرة بأسمائهم أو إنها ملكيات جماعية، موضحة أن نصف الأراضي بسوريا لم تسجَّل قبل 2011، وأن ثلث السكان في المدن يعيشون في عقارات غير رسمية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات