وخلال الساعات الماضية روى العديد من السوريين قصصهم الشخصية مع النوري في المحكمة، مؤكدين أنه لم يكن يمتّ إلى العدالة بصلة، بل كان أداة للتنكيل بكل من يعارض نظام أسد.
معاداة الاشتراكية
الطبيب والكاتب راتب شعبو استذكر في منشور عبر صفحته فيسبوك مثوله أمام النوري، وكيف كان الأخير يُلفق للمعتقلين التّهم ويتعامل معهم بفوقية.
وكتب شعبو: "ما كان صرلو زمان صادر قانون الاستثمار رقم عشرة لعام 1991، لما توجهتلنا تهمة معاداة الاشتراكية بمفهومها العام، ليس اشتراكية البعث ولا اشتراكية حافظ الأسد ولا اشتراكية بونات السكر والرز ولا اشتراكية الإسكان العسكري ... الخ".
وقال: "إجا دوري، سألني فايز النوري (رئيس المحكمة) بقرف إذا بدي قول شي، صدقت حالي إني بمحكمة، وطلعت من قفص الاتهام مشان وقف أمام (القضاة) وقول الي بدي قوله". وأضاف: "لسا ما بدأت قول إنه كيف الي أصدر قانون استثمار بيعطي رأس المال الأجنبي نفس امتيازات رأس المال المحلي بيحاكم حدا بتهمة معاداة الاشتراكية؟ حتى خرج صوت من القرفان: اخرس وانقلع! وتكفل عناصر الشرطة العسكرية بتنفيذ الأمر".
قاضٍ لا يفقه ما يقول
الصحفي السوري دياب سرية اعتبر أن النوري يمثل الوجه الحقيقي للعدالة في نظام الأسد، موضحاً أنه شخص لم يكن مؤهلاً حتى للقراءة.
وروى سرية قصته أمام المحكمة وقال: "في يوم الحكم علي أنا وأبناء قضيتي السبعة، وقفنا أمام فايز النوري الذي أمسك ورقة الحكم ووضعها على مسافة لا تبعد عن أنفه سوى بضعة مليمترات.. قرأ أسماءنا بصعوبة وقرأ أسماء آبائنا وأمهاتنا مغلوطة إلى أن قام ممثل الأمن القومي وهو ضابط مخابرات شاب وقال للنوري بعد إذنك سيدي الرئيس ممكن أقرأ نيابة عنك.
لكن النوري وبحسب سرية لم يسمعه ولم يلحظ الضابط أساساً لضعف بصره وسمعه، فلم يكن من ذلك الضابط إلا أن يطلب من المعتقلين العودة إلى نظارة المحكمة، حيث أبلغ كل شخص منهم بالحكم الذي صدر بحقه.
أحكام بلا أدلة
الأستاذ عبد الناصر الحميدي المقيم في الشمال السوري، استذكر بدوره كيف زجّ به في السجن ظلماً 6 سنوات بسبب حكم جائر أصدره النوري.
وقال في منشور عبر حسابه على فيسبوك، إنه بعد احتجازه في سجن صيدنايا السيئ الصيت صدرت بحقه مع آخرين أحكام ظالمة وجائرة وبدون أدلة نهائياً، بسبب معارضة نظام الأسد وحاشيته وشبيحته.
وأضاف أن النوري قرر معاقبته بالسجن 6 سنوات مع الأشغال الشاقة ومصادرة جميع الأموال المنقولة وغير المنقولة وقطع الرواتب أيضاً.
حوار شهير
أما الدكتور أحمد فؤاد شميس فعاد بالذاكرة 44 عاماً إلى نهاية حقبة السبعينات، وبالتحديد حينما بث تلفزيون النظام على الهواء مباشرة وقائع محاكمة النوري لعدد من المعتقلين الإسلاميين، بينهم شاب من حماة يدعى مهدي علواني.
وفي تلك المحاكمة سأل فايز النوري الشاب مهدي: هل كنتم تريدون اغتيالي؟ فرد مهدي: لا، فقال له النوري : لماذا؟ فرد لأنك أنت مجرد صعلوك تافه وحذاء عند رئيسك ليس لك قيمة عندنا، هنا فقد النوري صوابه وقال : إعدام إعدام إعدام. وبالفعل تم إعدام الشاب مع مجموعة من رفاقه في قلعة دمشق، وفقاً للمصدر.
وأمس الخميس، أكدت صفحات على منصات التواصل الاجتماعي وفاة فايز النوري الرئيس التاريخي لمحكمة أمن الدولة منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، وحتى صدور قرار حلها في 21 نيسان 2011.
صعوده في الإجرام
نشأ النوري الذي تفاخر بإصدار آلاف أحكام الإعدام بحق معارضي النظام في عائلة مغمورة بدير الزور، حيث كان يعمل مدرساً يتنقل بين مدارس ريف المحافظة، وكان قد انتسب لـ"حزب البعث"، إلى أن جمعه أحد الاجتماعات الحزبية برفعت أسد خلال زيارة كان الأخير يجريها إلى المحافظة، فأوصى به ليبدأ رحلة الصعود في المناصب الحزبية، من أمين فرقة إلى أمين شعبة إلى أمين فرع دير الزور.
وبعد أن أوصله رفعت إلى القيادة القطرية للحزب في دمشق، انقلب عليه النوري وانحاز إلى حافظ في النزاع بين الشقيقين على السلطة الذي انتهى بنفي رفعت من سوريا، وإكمال "طفله النوري" في الصعود بتعزيز حكم حافظ بإعدام معارضيه، وكان استغل منصبه للحصول على شهادة في الحقوق عندما كان أميناً لفرع دير الزور وعضواً في القيادة القطرية.
التعليقات (4)