ويبدو بأن مقارنتي بالرجلين كانت مصيبة نوعاً ما، فاليوم يعيش العالم أجمع أوقاع طبول الحرب بسبب ما يسمى الأزمة الأوكرانية، حيث يحشد "فلاديمير بوتين" قواته على الحدود الأوكرانية ليثنيها عن قرارات تم اتخاذها من قبل شعبها، لا بل أكثر من ذلك فقد دفع الأوكرانيون ثمناً لذلك دماً سفكه ديكتاتور أوكرانيا "فيكتور يوشيشينكو" - الموالي لروسيا وسليل الاتحاد السوفييتي البائد – وذلك في ثورة شعبية سميت وقتها بالثورة البرتقالية. وفي المقابل فإن الدول الغربية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تتوعدان بأن غزو أوكرانيا هو خط أحمر، وفي حال قامت روسيا بهذا الغزو فإن العواقب وخيمة، وبدأ كلا الطرفين يستعرضان قوة ما وصلت إليها أحدث التقنيات في صناعة الأسلحة، وبات العالم يحبس أنفاسه في كل موعد جديد للحرب القادمة تقوم وكالات الاستخبارات بتسريبه.
والغريب بالقصة هذا التطابق الرهيب ما بين ما كان يسمى عصبة الأمم المتحدة التي لم تستطع منع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وبين هيئة الأمم المتحدة الحالية التي لا صوت لها فيما يجري من أحداث ساخنة في العالم، فالسيد "أنطونيو غوتيريش" أمين عام الأمم المتحدة والذي صدّع رؤوس العالم الضعيف بقلقه عند حدوث أي كارثة في هذا العالم، اليوم نراه وقد أصابه الخرس والطرش والعمى، نعم ولم لا وهو لا يعدو كونه أكثر من موظف حكومي عند تلك القوى التي تتصارع على حساب شعوب الأرض المغلوب على أمرها.
وأمام هذا الواقع الذي يعيشه العالم اليوم فإنه من حق السوري أن يسأل هل الحرب التي ربما تحدث هي ارتدادات ثورته التي أشعل فتيلها شباب درعا في منتصف شهر آذار من عام 2011، وبكل تأكيد فإن من حق هذا السوري أن يسأل سؤاله هذا وهو الذي كان يئن تحت ضربات نظام مجرم وأمام أعين ما يسمى العالم الديمقراطي الذي جعل من الإنسان وحياته ورفاهيته شعارات له ولحكوماته، فرغماً عن السوري وهو يسمع طبول الحرب والكوارث التي ستنتج عنها سيتذكر قصف أطفاله بشتى أنواع الأسلحة والبراميل والصواريخ، وسيتذكر القصف الكيماوي الذي اختنق أطفاله برائحة سمومه، ويتذكر الخطوط الحمراء التي وضعتها الدول الغربية وعلى رأسهم "باراك أوباما" لهذا النظام المجرم، وكيف تحولت تلك الخطوط الحمراء إلى أشبه ببطاقات خضراء للنظام ليستمر بقتله للشعب السوري، وبكل تأكيد سيتذكر الشعب السوري التدخل الروسي لقمع ثورته، وكيف خرست الدول الغربية عن هذا التدخل الذي نتج عنه آلاف الشهداء نتيجة قصف الطائرات الروسية التي اتخذت من قاعدة حميميم مركزاً لانطلاق عدوانها على الأبرياء، هذه القاعدة التي تحولت إلى مركز عسكري متقدم للقوات الروسية يتباهى بها اليوم فلاديمير بوتين ويرسل لها سربا من الطائرات الحربية الحديثة في استعراض للقوة التي استمدها من دماء أطفالنا.
وسيدرك السوريون بأنه لولا تراخي الدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية حول زعيم المافيا الروسية عندما اجتاح سوريا واستباح دماء أطفالها، لما استطاع اليوم هذا المجرم بوتين أن يهدد أوكرانيا تماما كما اجتاح هتلر النمسا وإقليم السوديت التشيكي ((تشيكوسلوفاكيا سابقاً)) قبيل الحرب العالمية الثانية، وكيف أغمض القادة الغربيون أعينهم عن شعب هذا الإقليم فدفعت أوربا خمسين مليون قتيل في الحرب العالمية الثانية.
ولذلك يعتقد السوريون أنه إذا وقعت الحرب فستكون ضريبة دم السوريين الذين نادوا بأعلى أصواتهم مطالبين فقط بالحرية والكرامة، فأدار مدعو الديمقراطية وحاملو لوائها ظهورهم لهذا الشعب العظيم، وسمحوا على مدار ما يقارب الإحدى عشرة سنة بإبادة هذا الشعب، اليوم يستعرض بوتين قوته من على أراض سوريا وكأنه يقول للعالم أجمع بأنه على جثث السوريين وعلى أشلاء أطفالهم سأفرض شروطي على العالم.
ولكن إننا نحن السوريين أصحاب حضارة أوغاريت التي أبدعت رسالة الإله "بعلْ" قبل خمسة آلاف عام (( حطّم سيفك، وتناول معولك واتبعني.. لنزرع السلام والمحبّة في كبد الأرض.. أنت سوري.. وسوريا مركز الأرض))، وإن كنا نتمنى أن تنهي أسطورة روسيا وبوتينها، ولكننا لا نتمنى أن تكون مأساتنا سبباً في هلاك الأبرياء، وأيضاً ندرك كسوريين من خلال تراثنا الشعبي، بأن من يستقوي على الضعفاء بقوتهم - ولكنهم أقوياء بعزيمتهم وكرامتهم- أجبن من أن يجابه الأقوياء، لذلك فإننا ندرك بأن روسيا البوتينية المافياوية - التي لم تستطع أن تنتصر علينا وأن ترغمنا على قبول المجرم بشار الأسد ليكون رئيساً علينا من جديد -، أجبن من أن تجابه الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وأن كل ما يجري على الساحة الدولية من أصوات طبول الحرب ما هي سوى جعجعة دون طحين من قبل فلاديمير بوتين وستنتهي تلك الجعجعة بشكل من الأشكال وبصفقة ما، نرجو ألا تكون على حساب شعبنا السوري.
التعليقات (2)