بعد الطلب الأوكراني.. هل بإمكان تركيا إغلاق مضائقها أمام السفن الروسية؟

بعد الطلب الأوكراني.. هل بإمكان تركيا إغلاق مضائقها أمام السفن الروسية؟
مع بداية اجتياح روسيا لأوكرانيا، طلبت الأخيرة من تركيا إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل أمام السفن الحربية الروسية لمنع وصولها إلى البحر الأسود، وهو ما طرح تساؤلات حول بنود اتفاقية "مونترو" وإمكانية إغلاق تركيا لتلك المضائق.

وكان السفير الأوكراني لدى تركيا، فاسيل بودنار، قد طلب أمس الأربعاء، قبيل حدوث الغزو الروسي لبلاده من تركيا أن تغلق المضائق البحرية بوجه السفن الحربية الروسية، وذلك عقب إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقلال  إقليمين انفصاليين شرق أوكرانيا. 

ونقلت وكالة رويترز عن السفير الأوكراني قوله: “السفن تشكل تهديدا خطيرا لكييف، نعتقد أنه في حال غزو عسكري واسع النطاق أو بدء أنشطة عسكرية ضد أوكرانيا، أي عندما تكون الحرب ليست فقط حربا بحكم الأمر الواقع، بل حرب بحكم القانون، سنطلب من الحكومة التركية بحث إمكانية إغلاق المضيقين إلى البحر الأسود أمام الدولة المعتدية”. 

 

وعقب ذلك، أعلنت وزارة الخارجية التركية في بيان إدانة أنقرة للقرار الروسي وتأكيدها دعم وحدة واستقرار الأراضي الأوكرانية، وذلك تزامنا مع إعلان الرئيس الأوكراني زيلينسكي حالة الطوارئ في جميع أرجاء البلاد حيث دعا جميع المواطنين للبقاء في منازلهم.

لكن بالمقابل، تسعى تركيا إلى موقف يوصف بالـ“متزن” من الأزمة الأوكرانية، خاصة أنها عضو في الناتو الذي تتفهم مخاوف روسيا منه، إذ إنها تخشى بنفس الوقت على مصالحها مع روسيا في سوريا وليبيا ومناطق أخرى. 

 

اتفاقية مونترو

تم توقيع اتفاقية مونترو في سويسرا، ودخلت حيز التنفيذ يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1936، بتوافق بين كل من تركيا وبريطانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا ورومانيا ويوغسلافيا واليابان وأستراليا والاتحاد السوفييتي.

 

تتكون الاتفاقية من 29 بنداً، وهي تعدّ وثيقة دولية تنظّم حركة المرور عبر مضايق البحر الأسود البوسفور والدردنيل - اللذين يربطان البحر الأسود بالبحر الأبيض المتوسط، للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب.

 

وتسمح الاتفاقية بمرور السفن الحربية لدول حوض البحر الأسود بشرطين، الأول "إعلام تركيا بموعد مرور سفنها عبر المضائق" والثاني "ألا يزيد عدد السفن المارة في وقت واحد على 9 سفن ولا تزيد حمولتها مجتمعة على 15 ألف طن".

 

وحددت الاتفاقية حمولة السفن الإجمالية، فإذا كانت لدولة من حوض البحر الأسود يسمح لها بقرابة 20 ألف طن، أما السفن التابعة لدول من خارج حوض البحر الأسود 30 ألف طن، وقد تزيد حتى 45 ألفا. 

 

كما تحدد الفترة القصوى لوجود هذه السفن الأجنبية في حوض البحر الأسود بثلاثة أسابيع 21 يوماً، وفي حال تجاوز المدة المعينة فإن ذلك يعتبر إخلالا بالاتفاقية الدولية، وتتحمل الدولة التي سمحت بعبور السفن المسؤولية.

 ورغم تأكيد أردوغان أن “تركيا ستفعل ما هو ضروري كحلفاء لحلف شمال الأطلسي إذا شنّت روسيا غزواً”، اكتفى مسؤولون أتراك بالتأكيد على “الدور الفعال” لاتفاقية مونترو “في الحفاظ على السلام الإقليمي”، ولم يحددوا الموقف الذي ستتخذه تركيا في حال اندلاع حرب. 

وعلى هامش مشاركته في اجتماعات وزراء دفاع الناتو في بروكسل قبل أيام، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار على أهمية الحفاظ على اتفاقية “مونترو”، في حين لفت وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إلى “ضرورة الاستعداد لجميع الاحتمالات (في الأزمة الأوكرانية)”، مؤكداً أن “تركيا تأخذ في عين الاعتبار الخطوات التي ستتخذها فيما يتعلق بإجلاء مواطنيها وتطبيق اتفاقية مونترو التي هي طرف فيها، إذا وقع أي هجوم”. 

خلافات سابقة

ومنذ توقيع الاتفاقية شهدت المنطقة خلافات بين عدد من الدول الموقّعة عليها وخاصة بين روسيا وتركيا، إذ استدعت الخارجية التركية السفير الروسي في أنقرة في 2015 بعدما حمل أحد الجنود الروس وهو على متن سفينة روسية قاذفة صواريخ في وضعية الإطلاق في أثناء مرور سفينة روسية مضيق البوسفور.

 

واعتبرت تركيا حينها التصرف "استفزازيا" ومخالفة صريحة للاتفاقية التي تضمن مرور السفن التجارية والحربية في المضيق وفق شروط وقواعد قانونية ودولية.

 

أما أمريكا حاولت خلال السنوات الماضية الضغط على تركيا لإكساب معاهدة "مونترو" بعض المرونة، وزيادة نفوذها في البحر الأسود أكبر قدر ممكن، إذ أرسلت باخرتين حربيتين تتبعان لها من طراز "أرلييغ بوركي" إلى البحر الأسود في 2018.

 

كما حاولت واشنطن في أحداث أوكرانيا السعي لإطالة مدة وجود سفنها في البحر الأسود أطول مدة قانونية وزيادة الحمولة أكثر من الحد المسموح به، لكن تركيا كانت دائماً تعترض على محاولات واشنطن تعديل اتفاقية مونترو لتعزيز نفوذها في منطقة البحر الأسود.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات