ما دور اتفاقية مونترو في الحرب الأوكرانية؟ وكيف تنعكس على علاقات تركيا وروسيا؟

رغم رفضها في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، عادت تركيا لتعلن الإثنين عبر مؤتمر صحفي لوزير خارجيتها (مولود جاويش أوغلو)، تطبيقها لاتفاقية (مونترو) بكل شفافية، وفق تعبيره، حيث أغلقت أنقرة بموجب الاتفاقية مضائقها البحرية الإستراتيجية (البوسفور والدردنيل) أمام جميع السفن الحربية حتى إشعار آخر، وذلك بعد أقل من أسبوع من طلب الرئيس الأوكراني (زيلينسكي) من تركيا إغلاق المضائق.

المنع من جهة واحدة

يقول الخبير والباحث في الشأن الروسي (د .محمود الحمزة) في حديث لـ أورينت نت، إن "اتفاقية مونترو هي بالأساس اعتراف بسيادة تركيا على المضائق (البوسفور والدردنيل)، وإعطاء تركيا الحق في إغلاق تلك المضائق في حالات الحرب كما يحدث الآن، بشرط ألا تكون تركيا (نفسها) طرفاً في تلك الحرب وهذا ما جرى بالفعل، لقد أبلغت تركيا جميع الدول وليس فقط روسيا بمنعها مرور السفن الحربية".

وتابع: "المنع تم تطبيقه على جميع الدول، ولكن استُثني من ذلك المنع السفنُ الحربية العائدة إلى بلادها، أي إن تركيا منعت مرور السفن الحربية الروسية القادمة من البحر الأسود باتجاه المتوسط، ولكنها لم تمنع تلك التي كانت في المتوسط والمتّجهة إلى روسيا عبر المضائق".

وحول تأثير الاتفاقية على الحرب الروسية - الأوكرانية، أكد الباحث في سياق حديثه لـ أورينت نت، أن "تطبيق الاتفاقية يُعد أمراً مهماً لدرجة ما في الحرب الأوكرانية، فعرقلة مرور السفن العسكرية عبر المضائق تعني أن القوات الروسية لن تتحرك بحرّية على أقلّ تقدير (ذهاباً وإياباً) بين المتوسط والبحر الأسود".

مستقبل العلاقات الروسية - التركية

وفي سياق إجابته عن مدى تأثير اتفاقية "مونترو" على العلاقات التركية  - الروسية، وعن إمكانية اعتبار روسيا تركيا (عدواً) لها، خاصة إن خرجت منتصرة في أوكرانيا، قال: "قد يُزعج تطبيق الاتفاقية الروس جداً خاصة في ظل الحرب الآن، لكن لا أرى أن الأمور قد تصل إلى حدّ مناصبة تركيا العداء، فهناك علاقات واسعة جداً بين البلدين، ولا يمكن نسفها بهذه السهولة".

وتابع بالقول: "سبق أن وقف الأتراك موقفاً أكثر حدّة أمام الروس كما هو الحال في الحرب بين أرمينيا وأذربيجان بخصوص إقليم كاراباخ، إضافة لوقوف تركيا في وجه روسيا في الحرب الليبية أيضاً، لقد أدى ذلك لبعض الأزمات بين الطرفين، إلا أنها لم ترقَ قطُّ إلى حدّ العداء بينهما".

رضوان أوغلو: تطبيق الاتفاقية "رمزي"

الباحث في الشأن التركي (فراس رضوان أوغلو) اعتبر في حديثه لـ أورينت نت، أن إغلاق المضائق وتطبيق تركيا لاتفاقية (مونترو) لن يكون مؤثراً على مُجريات الحرب الروسية في أوكرانيا، لأن القوات الروسية تأتي من داخل الأراضي البرّية الروسية باتجاه أوكرانيا وليس عن طريق البحر، أي إن الإغلاق سيكون رمزياً، ولن يؤثر على موسكو في شيء، سواءٌ في الحسم أم في التراجع".

وعن سبب إعلان تركيا تطبيق الاتفاقية، أكد (رضوان أوغلو) أن "تركيا تريد أن تستخدم جميع الوسائل الممكنة القانونية لمنع زيادة التوتر وإيقاف هذه الحرب، وحتى ولو خرجت روسيا منتصرة، فلن يؤثر ذلك على العلاقات بين روسيا وتركيا، لأن ما اتخذته تركيا هو إجراء بسيط وضعيف جداً، وليس له أي تأثير يُذكر على روسيا، كما إن هذه الاتفاقية تم التوقيع عليها من الجميع، ولا يحق لأحد الاعتراض الآن، ولا سيما أن روسيا هي من بدأ الحرب وخلط الأوراق في المنطقة"، ولذا لا يحق لها على الإطلاق (لوم أحد) على حد تعبيره.

ممَّ تتألف اتفاقية مونترو؟

تم توقيع اتفاقية مونترو في سويسرا، ودخلت حيّز التنفيذ يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1936، بتوافق بين كلّ من تركيا وبريطانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا ورومانيا ويوغسلافيا واليابان وأستراليا والاتحاد السوفيتي.

وتتكوّن الاتفاقية من 29 بنداً، وهي تُعدّ وثيقة دولية تنظّم حركة المرور عبر مضايق البحر الأسود -البوسفور والدردنيل  اللذينِ يربطان البحر الأسود بالبحر الأبيض المتوسط- للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب.

وتسمح الاتفاقية بمرور السفن الحربية لدول حوض البحر الأسود بشرطين: الأول "إعلام تركيا بموعد مرور سفنها عبر المضائق"، والثاني "ألا يزيد عدد السفن المارّة في وقت واحد على 9 سفن، ولا تزيد حمولتها مجتمعةً على 15 ألف طن".

وحدّدت الاتفاقية حمولة السفن الإجمالية، فإذا كانت لدولة من حوض البحر الأسود فيُسمح لها بقرابة 20 ألف طن، أما السفن التابعة لدول من خارج حوض البحر الأسود، فالمسموح 30 ألف طن، وقد تزيد حتى 45 ألفاً. 

كما تُحدَّد الفترة القصوى لوجود هذه السفن الأجنبية في حوض البحر الأسود بثلاثة أسابيع (21 يوماً)، وفي حال تجاوُز المدة المعيّنة، فإن ذلك يُعدّ إخلالاً بالاتفاقية الدولية، وتتحمّل الدولة التي سمحت بعبور السفن المسؤولية.