بعد 11 عاماً من الثورة.. سوريا مقسمة بفعل الأسد ومرهونة لقوى أجنبية ومصالح دولية

بعد 11 عاماً من الثورة.. سوريا مقسمة بفعل الأسد ومرهونة لقوى أجنبية ومصالح دولية

دولةٌ مقسمة، ومحتلّة، ومدمّرة في إنسانها وبنيانها واقتصادها ومصنّفة كأسوأ الدول على مستوى الأمن الغذائي والفوضى الأمنية، هي الترجمة الفعلية لشعار "الأسد أو نحرق البلد" الذي رفعه بشار أسد لإخماد ثورة الحرية والكرامة قبل عقد من الزمن، وفضّل بيع سوريا ورهن قرارها لدول عديدة مقابل بقائه في السلطة.
 

في ربيع عام 2011، كسر السوريون حاجز الخوف الذي بناه حافظ أسد وعصبته على مدى أربعة عقود، بثورة رفعت شعار الحرية والكرامة وسعت لإيصال سوريا إلى برّ الأمان والديمقراطية من خلال إسقاط بشار أسد وأركان حكمه الميليشياوي، على أمل استجابة "الرئيس" غير الشرعي، لمطالب ملايين السوريين والرحيل عن السلطة وإفساح المجال أمام حقبة جديدة من الحكم الديمقراطي.
 

مظاهرات شعبية حاشدة انطلقت من درعا البلد وتوسعت لتشمل معظم المحافظات السورية، عبر شعارات "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"حرية حرية"، و"يالله إرحل يا بشار"، وأكد الثائرون حينها سلمية الثورة حتى تحقيق أهدافها وإسقاط أسد وميليشياته ورفع القبضة المخابراتية عن رقاب السوريين وإلغاء الحكم الواحد للبلاد.
 

شكّلت تلك الثورة صدمة ورعباً لأسد المتفاخر بجبروته وسطوته وإجرامه، ليسلّط عليها ميليشياته وشبيحته التي صبّت حقدها ووحشيتها على المتظاهرين وتلذذت بقتلهم وتعذيبهم، وبدأ نهر الدم السوري يلوّن شوارع المدن الثائرة ويزيد رقعة الغضب الشعبي، حين قابل رصاص الحقد أغصان الزيتون واللافتات الورقية والشعارات الثورية، الأمر الذي زاد إصرار الثائرين على إسقاط أسد ورفض أي حلّ بديل عن رحيله.
 

سفك الدماء

 

ومع توسع رقعة المظاهرات الشعبية، أصرت ميليشيات أسد (جيش وشرطة ومخابرات وشبيحة) على اتباع الحل الأمني وسفك الدماء وارتكاب المجازر واتباع أساليب القتل والاعتقال والتعذيب حين رفعت الميليشيات شعار "الأسد أو نحرق البلد" في تصميم واضح على مواجهة الثورة وإخمادها بأي ثمن ممكن ولو كان على حساب تدمير البلاد وإحراقها ورهنها لقوى إقليمية، كونها هددت بسقوطٍ مدوٍّ لأسوأ حاكم تسلّط على سوريا واعتبرها "مزرعة" خاصة به وبحاضنته.
 

وبالفعل، حقق بشار أسد شعاره الانتقامي بإحراق البلاد وإعادتها عقوداً للوراء مقابل بقائه في السلطة مع عصبته، بل استعان بحلفائه من الروس والإيرانيين لمساندته في قمع الثورة السورية بعد أن خسر معظم مناطق سيطرته والآلاف من ضباطه وعناصره وبات محاصراً في قصره بمدينة دمشق، وبموجب ذلك فتح البلاد لدخول الميليشيات الأجنبية، ولا سيما الإيرانية لتسهم بشكل فعلي في ارتكاب المجازر بحق السوريين، بعد أن دمّر معظم المناطق الثائرة وقتل واعتقل وهجّر أهلها.
 

وفي أواخر عام 2015، تدخل الاحتلال الروسي بشكل مباشر واتبع خطة شيطانية لإعادة سيطرة حليفه أسد على البلاد وتمكينه مجدداً، عبر اتباع سياسة الأرض المحروقة ضد مناطق المعارضة، ولا سيما مدينة حلب التي اتخذها الروس "أنموذجاً" أمام بقية المناطق المحررة حين حاصروها ودمّروها وأجبروا أهلها على النزوح والتسليم، وعلى ذلك النهج ساهم الاحتلال الروسي بإعادة المناطق لسيطرة أسد بفرض مسرحية "التسوية" والهجمات العسكرية الإجرامية في كل من دمشق وريفها وحمص ودرعا وحلب وحماة ووصولا إلى إدلب وريف حلب (الشمال السوري) التي بقيت المعقل الأكبر لفصائل المعارضة والمهجرّين من مناطق "التسوية" التي ابتدعها الاحتلال الروسي. 
 

المجتمع الدولي عاجز

 

غير أن المجتمع الدولي عجز تماماً عن التحرك الجاد حيال الملف السوري تحت ذرائع "الفيتو" الروسي والصيني من جهة، والخوف من صراع دولي نتيجة اختلاف المصالح في سوريا من جهة أخرى، حيث اكتفت الدول الكبرى خلال عشر سنوات بضربات جوية "عقابية" تجاه مواقع ميليشيا أسد، بينما اكتفت الدول “الداعمة” بتقديم دعم “خجول” لفصائل المعارضة لمواجهة جرائم أسد وميليشياته مقابل إملاءات وشروط أدت لزيادة الشرخ بين الفصائل ورهن قرارها وتقييدها.

 

كما عارض أسد وحلفاؤه جميع القرارات والمبادرات الدولية، ولا سيما قرار مجلس الأمن الدولي الذي ينص على وقف إطلاق النار وانتقال سلمي للسلطة وإخراج المعتقلين، مقابل بعض العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على حكومة ميليشيا أسد وأركان حكمه، وبذلك ازداد الملف السوري تعقيداً بإطالة أمد الأزمة ومآسيها، وخاصة المعتقلين في سجون الميليشيا وملايين المهجرين والمدن المدمّرة بآلة الميليشيات، إلى جانب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانيها السوريون في مناطق سيطرة أسد والتي تقترب من مجاعة غير مسبوقة.

 

واليوم، أصبحت سوريا محتلّة ومرهونة القرار لدول وقوى إقليمية تسعى لتحقيق مصالحها، ولا سيما روسيا وإيران الحليفتان لميليشيا أسد، وصودر قرار السوريين بشكل كامل بعد أن خضعت المناطق المحررة في إدلب وريف حلب لاتفاق "سوتشي" الموقع عام 2019 بين روسيا وتركيا، لتخضع بذلك جميع الفصائل لذلك الاتفاق وتبقى مأساة السوريين قائمة ومعلّقة بين مسارات “جنيف” و"سوتشي" والتناقض الدولي.
 

كما إن مناطق شرق سوريا (شرق الفرات) خرجت عن سيطرة ميليشيا أسد وباتت خاضعة لسيطرة ميليشيا قسد والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، حيث خرجت “قسد” عن أهداف الثورة السورية كون الميليشيا مرتبطة بأجندات أجنبية وتسعى للانفصال بعيداً عن ما سعت إليه الثورة منذ انطلاقتها قبل عقد من الزمن.

ورغم احتفال السوريين بالذكرى الحادية عشرة لانطلاق الثورة السورية (آذار 2011)، ما زال الأمل معقوداً لديهم باستعادة القرار الثوري وتفعيل دور البندقية لتحقيق أهداف الثورة والعمل على إسقاط أسد وميليشياته، وطرد كافة المحتلين وعودة المهجرين إلى درياهم والانتقام لدماء الشهداء، وإخراج المعتقلين من سجون الميليشيات، حيث بات صوت السوريين غير مسموع في بلدهم الخاضعة لاحتلال دول عديدة تستحوذ عليها بشكل كامل.

التعليقات (3)

    شامي مغترب

    ·منذ سنتين شهر
    الم اجد بحياتي من دوله يقودها مغفل معتوه مختل عقليا كبشار الاسد

    شامي مغترب

    ·منذ سنتين شهر
    الم اجد بحياتي من دوله يقودها مغفل معتوه مختل عقليا كبشار الاسد

    رامي

    ·منذ سنتين شهر
    غريب لان اذا سمعت المنحبكجية و الشبيحة بتفكر انه بشار البهرزي المجرم انتصر على الكون كله و انه سوريا و لا كندا ....ههههههه...
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات