الخيام.. أسماء وأحجام وأسعار وتصنيع محلي ومأوى لا يألفه السوريون! (صور)

الخيام.. أسماء وأحجام وأسعار وتصنيع محلي ومأوى لا يألفه السوريون! (صور)

رغم أن السوريين لم ولا يريدون أن يألفوها، ولا أن تكون قدراً وقد شردهم قصف ميليشيات أسد وطيران الإجرام الروسي، فإن البحث عن محطة مؤقتة للنجاة من الموت.. جعل المناطق الحدودية مع تركيا تشهد اكتظاظاً للمخيمات.. حتى غدا للخيام على اختلاف أنواعها ومسمياتها سوق ولائحة أسعار، وأسماء وأشكال لا تخطر على بال ساكني البيوت! 


لقد أصبحت الخيمة مكاناً رسمياً للنزوح، بسبب تصعيد قوات ميليشيا أسد وداعميها لوتيرة القصف، وإتباع منهجية التهجير السكاني والتغيير الديموغرافي، الذين وجدوا أنفسهم أمام واقع مفروض عليهم، فراح كلٌ منهم يسعى بمجهود فردي للملمة أهله وأقاربه ضمن أي مخيم أو مركز إيواء، وقامت شتى المنظمات ببناء مخيمات خاصة بمواصفات خاصة على نفقتها، ضمن سياسة إيواء معينة، تستهدف الأسر الأشد ضرراً أو الأقدم نزوحاً. فصار الشمال السوري خليطاً - بكل ما تحمل الكلمة من معنى - من أقمشة و"شوادر" مختلفة الألوان وخيام متعددة الأحجام.


أورينت نت تجولت في مخيمات الشمال السوري للوقوف على أنواع الخيام فيها، وأيها أصلح للعيش أو السكن.

مخيمات انهارت.. وسبل تقطعّت! 

أنّى تجولت في الشمال السوري يطالعك تناثر الخيام والمخيمات هنا وهناك، من أقصى امتداد لحدود محافظة إدلب من الغرب إلى ريف حلب مع الحدود التركية بعمق حوالي 25كم تكتظ المنطقة بالمخيمات المختلفة التي تحوي آلاف العائلات المهجرة، بل تعدى الأمر المناطق الحدودية ذات الطابع الجبلي المشاعي إلى هوامش المدن ومساحتها الخالية، وتنتشر في الشمال السوري بحسب الدفاع المدني حوالي 1400 مخيم منها حوالي400 مخيم عشوائي، يحكي كل مخيم غصات شعب بأكمله، وتحوي كل خيمة حلقات متكررة من القهر القديم والمأساة الحديثة، حيث يتكرر موضوع التأثر بالعوامل الجوية خاصة كلما هبثت عاصفة ثلجية كما حدث مراراً في شتاء هذا العام، وبحسب (فراس خليفة) إعلامي الدفاع المدني: "تعرضت المخيمات خلال هذا الشتاء لعواصف مطرية وثلجية أدت لأضرار في مئات المخيمات وشردت آلاف العائلات، واستجابت فرقنا منذ بداية العام الحالي حتى نهاية شهر شباط لأكثر من 300 مخيم تضررت فيها أكثر من 2800 خيمةً بشكل جزئي تساقطت عليها الثلوج بكثافة ومنها ما تسربت إليه مياه الأمطار" و1320 خيمة انهارت بشكل كامل "هدمتها الثلوج والأمطار بشكل كامل" وكانت تقطن في تلك الخيام أكثر من 3500 عائلة، إضافة لانقطاع الطرق إلى تلك المخيمات بشكل كامل خلال الساعات الأولى من العاصفة الثلجية".

أفضلها “الكرفانة” وأسوأها السفينة

لم يهتم أحمد ببداية مشوار نزوحه من ريف حماة الغربي، بطبيعة المكان الذي نزح إليه، أو بنوعية الخيمة أو “الشادر” الذي رزح تحته، فكان معتقداً قرب العودة إلى قريته، ولكن سرعان ما تبدد الاعتقاد وصار لزاماً عليه أن يختار المكان الأفضل والقماش الأمتن لتأمين عائلته في رحلة نزوح ربما تطول كثيراً، وتحدث (أحمد العرّوب) لأورينت نت قائلاً" لم أصدق في البداية أنني هجّرت من بيتي، ولكن الحياة لا تنتظر أحداً، ولا بد من التأقلم لمتابعة العيش، وتعتبر (الكرفانة) وهي غرفة مع منتفعاتها تتسع حوالي أربعة أشخاص، من أفضل سبل السكن بعد المنزل، كونها متينة جداً وسهلة النقل والتركيب، مزودة بمانع رطوبة وعازل حراري، تحتوي على شبكتي مياه وصرف صحي، ولكنها قليلة حيث اقتصر توزيعها في بداية أزمة النزوح القصوى في منتصف عام 2019 في منطقتي صلوة وعقربات في الشمال السوري، وبمعايير ضيقة جداً، وعيبها الوحيد أنها لا تتسع لعدد كبير من الأشخاص ومن الصعب وصل كرفانتين ببعض لاستقلالية كل منهما بهيكلها الخاص".


من جهته تحدث (علي تامر الخلف) مدير أحد المخيمات العشوائية في مدينة معرة مصرين شمال إدلب عن تسلسل الخيام بدأ من الأسوأ فقال "لا يخفى على أحد في المخيمات أن أسوأ أنواع الخيام هو "السفينة" أو المعروفة باسم المفوضية نسبة لمفوضية الأمم المتحدة التي تعتبر أساس توريدها للمنطقة، ويأتي تصنيفها السيئ بسبب كونها لا تقاوم برداً ولا حراً، وفيها شادر رقيق بطبقة واحدة يشف عما بداخلها، دون قضبان حديدية ما يجعلها عرضة للانجراف والاقتلاع، وتوقع ساكنيها بالحرج لعدم القدرة للتحرك فيها بأريحية كونها منخفضة الطول، وتأتي بالمرحلة الثانية خيمة "الجملون" بقياس 4 * 4 متر أو 4 * 6 أمتار،  وتمتاز بوجود شادر من طبقتين، وثمانية قضبان حديدية تجعلها متينة، ويمكن تقسيمها بعازل داخلي للحصول على بعض الخصوصية أو اقتطاع جزء منها بجعله مطبخاً أو ماشابه، وبعدها خيمة القوس التي تعتبر الأفضل إلى حد بعيد، كونها تشكّل بعد تركيبها كتلة واحدة مثبتة بقوة تقاوم الحرارة والبرودة، وتأتي مثل خيمة الجملون من حيث القياس والمساحة، وتزوّد عادةً بمشمع حراري عاكس للضوء والرطوبة".

التفصيل المحلي.. خيام من نوع آخر

مع استمرار واقع التهجير القسري الطويل مدة مكث الناس في المخيمات العشوائية، وتكتلهم ضمن خيام مسبقة الصنع وضروة الانسجام معها، وعدم صلاحيتها لمدة طويلة كان لابد من محاولة إيجاد البديل لجعل الخيمة أكثر ملائمة للسكن شبه الطبيعي، حيث حدثنا أحد النازحين في المخيمات عن هذا الموضوع (سعيد أبو عمران) بقوله "لم تتناسب الخيام مع كل العائلات وخاصةً ذات العدد الكبير من الأفراد فهناك من لجأ إلى فتح الخيام على بعضها ضمت تسويرة إسمنتية داخل جدار عالٍ للحصول على الخصوصية اللازمة كون المخيمات كما هو معروف متقابلة، وبعض الناس لجأ إلى تفصيل خيام بأعمدة حديدية مزودة بأبواب ونوافذ مختلفة وبأحجام متفاوتة تمتاز بالمتانة والسعة المطلوبة حسب وضع كل عائلة والتي من الممكن تقسيمها إلى مطبخ وحمّام ويتم شراء الشوادر والقماش المناسب حسب الرغبة والوضع المادي، وأيضاً هناك كثير من الناس من لجأ إلى بناء خيمته مما توفر من لبن أو طين أو حجارة من الجبال المنتشرة في الشمال السوري" ومنهم "زكريا صطوف" الذي تحدث لأورينت نت قائلاً "أنا أعمل أساساً في مجال البناء والحجارة وأحتاج بشدة إلى بيت مناسب للسكن كون الخيمة مهما بلغت من المتانة و السعة لا يمكن أن تكون حلاً جذرياً مناسب، فلجأت إلى تقطيع الصخور من جبل قرية بابسقا ومعالجته ليكون جاهزاً للبناء وبالمساحة المرادة والتصميم المناسب ولكن بسقف شادر قماشي كون معظم المخيمات تمنع سقف الخيام بالإسمنت، وتمتاز هذه العملية بالخصوصية المطلقة والمتانة المناسبة والتأمين على ممتلكات المنزل وعدم الخوف من الغرق أو ما شابه".

أساليب الحصول على الخيام

تعتبر غالبية الخيام مجانية موزعة من قبل منظمات إنسانية مختلفة وينقسم الناس فيها  صنفين:   
الأول: رضي بما تم توزيعه عليه وتأقلم معه بحيث ينسجم هو مع الخيمة حتى وإن لم تكن هذه الخيمة مأوى جيداً.

والثاني: بالعكس جعل الخيمة تنسجم مع وضعه وما يريده، من حيث التفصيل والتعديل والقدرة على شراء الخيام ذات الأجسام الحديدية أو دفع ثمن التعديل والتفصيل، حيث بات يوجد في غالبية المخيمات تجار متخصصون ومراكز بيع خيام ومستلزماتها، وعن هذا الأمر حدثنا (سمير مربوع) أحد تجار الخيام قائلاً "الذي يبيع خيمته عادة هو من يرغب في صرف سعرها إما للأكل والشرب أو لتعديل مكان نزوحه وتتفاوت أسعار الخيام ومستلزماتها بحسب نوعيتها وحداثة تسليمها، فعلى سبيل المثال سعر خيمة السفينة 5 دولارات وسعر خيمة الجملون قياس 4 - 4 أمتار100 دولار وقياس 6 - 4  أمتار125 دولاراً، وخيمة القوسقياس  4 - 4 أمتار 125 دولاراً وقياس  6 - 4 أمتار 180 دولاراً.


سعر الكرفانة 800 دولار، بينما تبلغ تكلفة خيمة البناء ذات الجدران الإسمنتية والسقف الشادر المتين وقضبان الحديد بمساحة 65 متراً مربعاً تقريباً 709 دولارات!


بغض النظر عن كماليات أي خيمة من عوازل أو قصدير أو مانع للحشرات، فمن السهولة بمكان حالياً الحصول على أي خيمة او قياس او تصميم، حتى بعيداً عن تقديم المنظمات. لكن خارج ذلك يحتاج طالب الخيمة ذات المواصفات الخاصة لوجود المال الذي يعاني الغالبية من صعوبة تأمينه بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة على الجميع".


الجدير بالذكر أن المنطقة تشهد حالياً محاولات حثيثة من قبل منظمات إنسانية وفرق تطوعية عدة، لإنهاء الخيام القماشية العشوائية وتقليص انتشارها، واستبدالها بمخيمات منظمة على شكل قرى صغيرة او مشاريع معمارية متعددة الطبقات بسقف إسمنتي نظامي على نسق وتصميم واحد. ولكن لا يزال الأمر في بدايته ويشكل نسبة صغيرة من استبدال تلك الخيام وإيواء أهلها على اعتبار أن أعداد النازحين تفوق قدرة أي منظمة إنسانية على الاستيعاب، ما لم يتم تظافر الجهود والعمل بروح الفريق او إنهاء أزمة النزوح أساساً بعودة المهجرين  قراهم ومدنهم وهذا مطمح الجميع وحلمهم الأبدي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات