العقل المُــعاق

العقل المُــعاق

التفكير يساوي عدد المفاهيم التي في رأسك، والمنطق والمنهج بوصفهما طريقتين لاستخدام هذه المفاهيم، كل استخدام لتصورات رُكبت تركيباً متخيلاً من الوقائع دون أن يكون لها وجود واقعي، وتحولت إلى طريق في التفكير لا يعني سوى أن صاحبها لا يفكر.


ماذا يعني هذا؟ كل تركيب متخيّل إنما مصدره الواقع ولو أنه ليس واقعياً، إذا لا يمكن للخيال أبداً أن يعمل خارج الوقائع الحسية التي تُستقبل بالحواس.

العقل الكسلان المنهزم يساوي بين الاعتراف بالواقع والقبول به، ويظن أن هذا الخلط نمط من الواقعية. وهذا لعمري نوع من الواقعية الزائفة. فمن منا ينكر وجود الشر واقعاً؟ ولكن هل الاعتراف بالشر يعني القبول به؟. لو كان الأمر كذلك لكانت كل الشرور على الأرض مشروعة. فيما العقل الواقعي يعترف بالواقع المرفوض كشرط  ضروري لتجاوزه، فيما إنكاره و تجاهله لا يؤدي إلا إلى الأخطاء الفادحة بالممارسة العملية والنظرية.


يظن بعض الناس أنهم يفكرون وهم لا يفكرون. ومعنى أنهم لا يفكرون أنهم لا ينطلقون من الممكن الحقيقي ومن الترابطات السببية المتشابكة الواقعية ومن عدم فهم الاختلاف بين الممكن والمستحيل. ولهذا فكل من يزعل من أحداث تاريخ قديم، واقعي أو متخيل، ويعتقد أنه قادر على صناعة الواقع انطلاقاً من هذا الزعل التاريخي لا يفكر، وهو ذو عقل مُعاق. فالشيعة السياسية التي تحكم باسم ولاية الفقيه وتنطلق من وعي ثأري لاستعادة ما تعتقد ما كان يجب أن يكون ثمرة عقل معاق.


وكل من يعتقد أنه قادر على إعادة إنتاج لتاريخ موجود في الذاكرة، ولم يعد له وجود، بل وكفّ عن الوجود منذ مئات السنين ذو عقل معاق ولا يفكر..
كل من يظن أن المصادفة التاريخية المزعجة التي جعلت من أقلية تحكم أكثرية وهي قادرة على البقاء بمنطق احتكار القوة العسكرية والتأييد الخارجي ذو عقل معاق لا يفكر.
كل من يحسب أن عصبية إيديولوجية بعينها قادرة أن تبقى حافزاً للممارسة دائماً وبعد الشروط التي أنتجتها عقل معاق لا يفكر.
كل من يتصرف خارج منطق الحضارة العلمية عالمياً عقل معاق لا يفكر.
كل من يستخدم مفاهيم معرفة قديمة نشأت في عالم قديم وأكل الدهر عليها وشرب لفهم الحاضر والمستقبل، عقل عقيم لا يفكر.
فليسأل كل واحد منا نفسه ترى هل يفكر  فعلاً، وينظر للآخر ويسأله هل يفكر فعلاً.
فالاعتراف السيرورة التاريخية وما تخلقه من تغير وتبدل وتجاوز وقطيعة شرط ضروري للتفكير ولعمل العقل السليم.
وما الجرائم التاريخية التي ارتكبها النظامان الحاكمان في سوريا والعراق والجرائم المرتكبة من سلطة ولاية الفقية والجرائم الصهيونية إلا ثمرة أوهام على الضد من حركة التاريخ.
أما الدول الكبرى التي دمّرت سوريا والعراق وغيرها ودعمت الوسخ التاريخي فمصالحها لا تنطلق إلا من عقل يفكر بالمصالح غير مكترث بمصائر شعوب أبداً.
ولهذا فإن الكفاح لاستعادة العقل الذي يفكر شرط ضروري في اتحاده مع الممارسة العملية.
وكل كفاح مهما انطوى على تضحيات عظيمة دون أن يحتوي على مفاهيم صالحة للتفكير في الواقع والمستقبل فإنه لا ينجب إلا تضحيات مجّانية.

التعليقات (1)

    جلجامش بن اورزك

    ·منذ سنتين شهر
    النظام الموجود في ايران ينطلق من مصالح قومية وهو مرتبط بمصالح الدول التي انشأت ايران وكيانات اخرى بعد الحري العالمية الاولى .لاننس الاخواز العراقية بنفطعا والتي تستمد فارس منها قوتها. اما بالنسبة للوسخ التاريحي الذي تحدث غنه الدكتور في بلداننا فهو صحيح تماما يل وصل الامر بالجهلة اصحاب الحقد الطائفي ان ينكروا احداث تاريخية عالمية مثل معركتي القادسيه واليرموك والحديث يطول .
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات