الأجبان والألبان في رمضان: الحماصنة يعشقون الشنكليش والأدالبة يبحثون عن اللبن الشايط

الأجبان والألبان في رمضان: الحماصنة يعشقون الشنكليش والأدالبة يبحثون عن اللبن الشايط

مع دخول شهر رمضان المبارك، يندفع الناس لشراء الحاجيات الأساسية كحركة تموينية للشهر الكريم، وعلى الرغم من الوضع المعيشي المتردي لغالبية سكان الشمال السوري، يبقى لرمضان نكهة خاصة تتمثل بعادات وتقاليد لا تنسلخ عن تركيبة المجتمع العربي وتعدّ من ثقافته على صعيد التهاني والأكلات الخاصة ولا سيما المكونة من مشتقات الحليب التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني ولا بدّ من شرائها كونها المكوّن الأساسي للمائدة الرمضانية السورية. 

الألبان والأجبان لا تكاد تغيب عن المائدة الرمضانية سواء استخدمت في بعض الطبخات الأساسية أو استخدمت في صناعة الحلويات.. أو استخدمت في المشروبات (اللبن العيران).. فالجبن وكذلك القشطة هي مكون أساسي من مكونات الكنافة والشعيبيات وحلاوة الجبن.. ناهيك عن حضورها على مائدة السحور. 

أورينت نت تجولت في أسواق إدلب واطلعت على الأسعار ورصدت علاقة الأهالي بالأجبان والألبان كنموذج لثقافة المائدة السورية.. وأعدت التقرير التالي

بضائع متوفرة.. وركود في البيع

تشهد أسواق مدينة إدلب بالعموم ولا سيما الشعبية منها حركة تسوق متوسطة وخاصة في ساعات النهار الأخيرة، ولكن دون شراء من غالبيتهم، الأمر الذي أكده (سعيد أبو رائد) صاحب مركز لبيع الألبان والأجبان قائلاً "كلشي متوفر والحمد لله، ولكن الأسعار ناررر، لهذا لا يستطيع الكثير من الناس شراء حتى الضروري واللازم، وإن استطاعوا يكون قليل وأولي شيئاً فشيئاً، عسى الله يفرجها، فمن جهتي هذا أول رمضان يكون فيه غالبية زبائني يشترون نص كيلو وما دون بعكس السنوات السابقة التي نسيت معها وزن تحت الكيلو غرام، ولكن وضع الناس لا يسمح بأكثر من هذا حالياً بسبب الغلاء العام الفاحش الذي تضرر به سكان المحرر أكثر من غيرهم للأسف".

وعن سبب الغلاء تحدث (سامر باشا خليل) صاحب معمل للألبان والأجبان قائلاً "الغلاء عالمي وليس عنا فقط، وانعكست الحرب الروسية الأوكرانية علينا سلباً، وبخصوص مشتقات الحليب والتي شهدت حقيقةً ارتفاع أسعار كبير وفارق ملحوظ عن العام السابق يصل أحياناً إلى أكثر من الضعف، فإن الغلاء عبارة عن سلسلة مترابطة تبدأ بالمستهلك الذي يعتبر الحلقة الأضعف وتنتهي بالمورّد الأساسي للأعلاف المركبة بالدرجة الأولى والذي يعتبر غذاء لا بد منه للقطعان، خاصةً كون المساحات الزراعية للرعي الطبيعي في محررنا باتت ضئيلة لا تتناسب وعدد المواشي لدينا، فطبيعي إذا ارتفع سعر كيلو العلف أن يرتفع سعر كيلو الحليب وبالتالي ارتفاع سعر مشتقاته، ولكن بصراحة التناسب الطردي بالارتفاع كبير جداً، والعجز الشرائي لدى المواطنين متزايد، كون غالبيتهم لا يملكون دخل أو حتى عمل ".

أسعار مرتفعة وإقبال ضعيف

بات ارتباط قدوم شهر رمضان بارتفاع الأسعار أمراً متعارفاً عليه، ولكن ليس لهذا الحد الذي نراه اليوم، فمعظم البضائع والمنتجات سجلت قفزات واسعة لضعفين أو أكثر لمبيعها عن العام الماضي، الأمر الذي خلّف سخطاً من الأهالي لدرجة أن بعضهم يشعر برمضان هاجساً كبيراً يزيد من معاناته متمثلاً بزيادة مصاريفه، “أحمد أبو العز” أحد المتسوقين، عبّر لأورينت نت بعد تنهيدة طويلة عن شعوره قائلاً " عمري ٦٢ سنة وبحياتو ما ارتفع سعر الجبن لهيك، شي بجنن، والناس لا تستطيع الاستغناء عن الألبان والأجبان كونها مادة أساسية برمضان، ولا يكاد يستغني عنها أحد على اختلاف دخله أو معيشته، فأنا نازح مثل غيري وعندي ستة أولاد أحتار في تأمين أكلهم، فعلى سبيل المثال أحتاج يومياً لاثني كيلوغرام لبن على وجبة الفطور فقط، وكلشي غالي مو بس اللبن".

بسؤالنا عن الأسعار أجاب (فارس قدور) بائع في محل للألبان قائلاً "كل الأسعار بالعموم ارتفعت دبل عن الرمضان الماضي حدّث ولا حرج، مثلاً بالليرة التركية: كيلو لبن البقر 10 - كيلو لبن الغنم 18 - كيلو سوركي بقر 35 - سوركي غنم 65 حليب بقر 9 - حليب غنم 14 ،شنكليش محلي 25 - شنكليش يدوي بلدي هكط 65، جبن- عكاوي قوالب 40 - جبن بقر كامل الدسم جاهز للأكل 47 - جبن مشلول 55- زبدة بقر بلدية 65، وقد ترتفع الأسعار أكثر مع ازدياد الطلب في شهر رمضان خاصةً مع إغلاق أغلب المعابر ورفع قيمة الجمركة على الداخل وغيرها، وتقلقل سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي بالمقارنة مع دخل المواطن الذي إما يكون معدوم أو ثابت لا يتغير"

الشاكرية والصفيحة مع العيران واللبن الشايط

ويبقى تفاوت الاستهلاك بين مرتادي الأسواق رهناً لوضعهم الاقتصادي من جهة، وتشبثهم بعادتهم وتقاليدهم ومحبتهم لصنف معين من جهة أخرى، كما يختلف تفضيل كل أهل بلد لمنتج معين كاختلافهم للهجاتهم المحلية، مع أنهم يشتركون بالعموم بالرغبة في اقتناء مشتقات الألبان  (سعيد الحمصي) بادرنا بالقول:

"من دون الشنكليش ما بقدر عيش، يا أخي نحنا الحماصنة بنحب هذا الصنف ونعتبر وجوده في سفرة رمضان شيء ضروري جداً لا نستغني  عنه، حتى ولو كان قليلاً جدا المهم وجوده.. يا أخي نفسياً برتاح لما شوفو ببيتي" 

من جهته عبّر (عمار نعسان) من أهالي إدلب عن تفضيل الأدالبة بالعموم للّبن الشايط وبحثهم الدائم عن ذلك اللبن الذي يتميز بلدعة مميزة في الطعم تجعله معيار الجودة والطعم اللذيذ في نظرهم..  ومع الاهتمام بالسوركي اليدوية أو البيتية، فإنهم يفضلونها ناشفة.. ولبن الغنم للطبخ ولبن البقر للعيران"

أما (أبو ناصر) المهجر من دمشق فقد تحدث بحرقه عن عاداتهم وتقاليدهم الغذائية المتوارثة بقوله:

 “الله يرحم أيام قبل.. عادةً العائلات الدمشقية الأصيلة بكون طعام أول أيام رمضان من مشتقات الحليب ونعبر عنه بالبياض تيمنناً ببياض أيام الشهر الكريم فغالبية الشوام يطبخون الشاكرية أو الصفيحة مع لبن العيران إضافة للفتة والفول التي يعتبر اللبن من مكوناتهما الأساسية، ولكن حالياً للأسف مع فقر الناس بالعموم تنازلنا عن كثير من العادات والتقاليد والأكلات الشعبية فهناك أشياء أهم من ذلك.. ورمضان كريم علينا وعليكم”.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات