بعد وعود وهمية ومضي شهر المحاسبة الذي توعدت به واشنطن مجرم سوريا بشار الأسد وميليشياته، تطل علينا وزارة الخارجية الأمريكية في تقرير أقرب ما يكون إلى عمل ناشطين ورواد وسائل التواصل الاجتماعي منه إلى عمل حقيقي منظم صادر من حكومة أقوى وأحدث دولة بالعالم، حيث وصفته (غير الدقيق) و(يعتمد على مصادر مفتوحة).
ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، فإن وزارة الخارجية كشفت أمس الخميس في تقرير لها ما سمته (القيمة الصافية لثروة بشار الأسد وعائلته) والتي قدّرتها ما بين مليار وملياري دولار، وذلك بعد كل الإجراءات التي زعمت واشنطن أنها اتخذتها بحق الأسد بسبب دوره في الدمار والقتل الوحشي في سوريا.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن الخارجية قولها في تقريرها الذي أعدته بطلب من الكونغرس ونشرت جزءاً منه وأبقت آخر سرياً، "إن عائلة الأسد تمتلك أصولاً بأسماء وهمية أو من خلال صفقات عقارية مبهمة، وإنها لا يمكن أن تقدم سوى ما زعمت أنه (تقدير غير دقيق).
كما لفتت الخارجية إلى أن معلوماتها مستندة إلى مصادر مفتوحة (أي ربما تكون صفحات ناشطين على مواقع التواصل) وأنها بحسب تقارير غير حكومية وبعض وسائل الإعلام فإنّ عائلة الأسد تدير نظام رعاية معقّداً يشمل شركات وهمية وشركات واجهات تستخدمها ميليشياته أداة للوصول إلى موارد مالية.
وتابعت وكالة الصحافة أنه بحسب التقرير فإن هذه الثروة يمتلكها الأسد وزوجته وشقيقه وشقيقته وأبناء عمومته وأبناء خالاته وعمّه، حيث إن معظمهم يخضعون لعقوبات أميركية، موضحة أنّه لا معلومات كافية لديها عن صافي ثروة أبناء الأسد الثلاثة وأصغرهم يبلغ 17 عاماً.
محاولات تستر وتقرير عديم الفائدة
من ناحيته قال الخبير الاقتصادي والمحلل المالي "كرم الشعار": إن تقرير الخارجية عديم القيمة تم نشره بعد ضغط من ناشطين سوريين وسياسيين أمريكيين مثل (جو ويلسون وجويل ريبرن).
وأضاف في منشور له على فيسبوك، أن الوزارة نشرت تقريرها بعد تأخر يومين عما تم الالتزام به في قانون ميزانية الدفاع الأمريكي، كما إنه خالٍ من أي معلومة جديدة ويعتمد بشكل كامل على معلومات متاحة للعامة، حيث إنه بمجرد البحث في غوغل عن كلمات مثل media و open-source سيصل المرء إلى نفس المعلومة الواردة (أي دون الحاجة الى تقرير أصلاً).
دبلوماسي سوري سابق: تقرير مخيب للآمال
وبالمثل أوضح المعارض والدبلوماسي السوري السابق "بسام بربندي" أن تقرير الخارجية الأمريكية عن ثروة الأسد مخيب للآمال مقارنة بما تنشره الخارجية عن روسيا مثلاً كما أنه جاء فجاً وقحاً يخدم عملاء أمريكا الذين يتواصلون معها.
وكان الكونغرس الأميركي فرض عقوبات على الأسد وأفراد عائلته لمنعهم من إجراء تعاملات مالية وذلك بعد تورطهم في القتل والدمار وأعمال التخريب بسوريا بعد اندلاع الثورة عام 2011.
منشور من ورق
وكانت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في دمشق لوّحت بداية الشهر الماضي بمحاسبة "قريبة" لبشار أسد ونظامه بسبب جرائمه الواسعة تجاه السوريين، بعد 11 عاماً على اندلاع الثورة السورية ضده وذلك بالتزامن مع الحراك الأمريكي الدولي المكثّف لمعاقبة روسيا (الداعم الأول لأسد) بسبب غزوها لأوكرانيا.
وقالت السفارة في تغريدة على "تويتر"، إن بشار أسد وعلى مدى 11 عاماً، عذّب وارتكب جرائم ضد السوريين، وأضافت: "لكن الإفلات من العقاب سينتهي هذا الشهر.. نسلّط الضوء على كيفية قيام السوريين والمجتمع الدولي بمتابعة المساءلة عن هذه الجرائم".
ولم توضح السفارة كيفية المحاسبة المقصودة وأبعادها، خاصة مع تكرار الوعود الأمريكية خلال العقد الماضي بمحاسبة النظام وداعميه، لكن التغريدة "اللافتة" تتزامن مع الخلاف الأمريكي الروسي بسبب غزو الأخيرة لأوكرانيا، وما أعقبه من تصعيد دولي تجاه موسكو على المستويات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، خاصة باعتبار روسيا الداعم الأساسي لبشار أسد في حربه تجاه السوريين.
التعليقات (4)