الهاربون من الحقيقة: هل الدكتاتوريون الذين دمروا البلاد والعباد هم الفقهاء؟

الهاربون من الحقيقة: هل الدكتاتوريون الذين دمروا البلاد والعباد هم الفقهاء؟

تكتب بعض الأقلام خبثاً أو بسذاجة صادقة قيلاً مفاده بأن العلة الحقيقية وراء واقع الحال العربي هي الفقه والفقهاء، والخطاب الديني الذي يصدر عنهما بوصفه خطاب تعصب ونفي للآخر. أن يكون الخطاب الديني في بعض أشكال حضوره الآن خطاب عنف ونفي للآخر وضد العلم فهذا مما لا شك فيه أبداً.

في البداية يجب أن نميز بين الحركات الأصولية المتخلفة، وكل أصولي متخلف، كحزب الله والحوثية وحماس والإخوان والأحزاب الشيعية وميليشياتها في العراق وما شابه ذلك، من جهة، والفقهاء الذين هم فئة تمتهن مهناً مرتبطة بالشأن الديني، عن هؤلاء الفقهاء أتحدث.

وإني لأتساءل هل الدكتاتوريون الذين دمروا البلاد والعباد هم الفقهاء؟ الجواب لا، لا لم يكن أحد من الدكتاتوريين الذي دمروا البلاد والعباد فقيهاً. الفقهاء كانوا أقل خطراً بما لا يقاس من أصحاب النجوم الصدئة من العسكر المتخلف.

هل كان العقيد القذافي الذي قاد الانقلاب العسكري فقيهاً؟ وهل العقيد علي عبد الله وصالح الذي جاء إلى السلطة فقيه؟ وهل حافظ الأسد الذي تآمر على رفاقه وزجهم في السجن لمدة تصل إلى ربع قرن وأسس نظاماً طائفياً كان فقيها؟ وقس على ذلك مبارك وبن علي وبوتفليقة والبشير هل كان هؤلاء فقهاء؟

سيقول بعضهم لقد استعانوا بالمفتين والشيوخ لتبرير سلطتهم. نعم هذا صحيح، ولكن فقهاء السلطان لم يشكلوا يوماً العنصر الأمني والعسكري والمؤسسي ولم يكن لهم فاعلية في بقاء الدكتاتوريات.

إن جعل علة الخراب قائمة في حضور الفقيه ودروس التربية الدينية لهو تبرئة مقصودة للدكتاتوريين الكاريكاتوريين، إن لم يكن أكثر من ذلك. إن هؤلاء لهاربون من الحقيقة تحت غطاء زائف. 

أن تتخذ موقفاً ضد فقهاء السلطان أو غير السلطان فهذا أمر خاص بتفكيرك، أما أن تلقي باللائمة على الفقهاء وشيوخ الدين بسبب ما نحن فيه من خراب ناتج عن الدكتاتوريات بكل ما فعلوه من تحطيم المجتمع والقيم والإنسان فهذا نوع من تبرئة إجرام الدكتاتوريين.

ويجب أن نميز بين  فقهاء السلطان أي سلطان من جهة، والفقهاء التقليديين الذين يمتهنون الفقه كوظيفة. فقهاء السلطان هم مع أي سلطان، فإن تغير سلطانهم بأي وسيلة وجاء سلطان جديد صاروا مع الجديد ودعوا له في خطبهم.

وفي كل الأحوال لا خلاص لهذه البلاد إلا بالدولة العلمانية-الديمقراطية، بفصل الدين عن الدولة وجعل القانون مدنياً من جميع الوجوه. علمانية بلا ديمقراطية دكتاتورية صرفة، ديمقراطية بلا علمانية كذبة كبرى ككذبة الديمقراطية الإيرانية الزائفة.

بتأسيس الدولة وإنتاج السلطة ديمقراطياً وفق دستور يؤكد المواطنة الحرة والحق والمساواة والقانون المدني. يجب قيام سلطة الدولة بديلاً عن دولة السلطة.

عندها لن تكون السلطة، أي سلطة بحاجة إلى فقيه يبرر سلوك الطغاة. يجب أن تعلنها بصراحة: لا للدولة الدينية، لا للدولة الطائفية، لا للدولة الدكتاتورية العسكرتارية، لا للدكتاتورية بكل أشكالها. نعم للدولة الديمقراطية المدنية العلمانية المواطنية.

أجل لا للدكتاتوريات عسكرية كانت أو دينية. لا موقف في الوسط. من هو ضد الاستبداد الديني يجب أن يكون ضد الاستبداد العسكرتاري، ومن هو ضد الاستبداد العسكرتاري يجب أن يكون ضد الاستبداد الديني.

 

التعليقات (1)

    فضل

    ·منذ سنة 10 أشهر
    أمريكا علمانية بروتستانتيه فرنسه علمانية كاثوليكية روسيا علمانية ارثوذكسية اكن غير مسموح دوله علمانية مسلمه هذا الطرح يعني بأن الإسلام ضد المواطنه ولا يصلح للدوله وهذا هو سبب تخلفنا
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات