مرة بعد مرة يخرج مسؤولون في الحكومة اللبنانية مهددين بترحيل وطرد اللاجئين السوريين محملين إياهم ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، إلا أنهم يتناسون في الوقت نفسه أن ميليشيا حزب الله هي من أفرغت القرى السورية ودفعت سكانها إلى اللجوء والبحث عن مكان آمن هرباً من المجازر.
وكانت آخر التصريحات في هذا الشأن إعلان وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين عن خطة تستهدف "إعادة 15 ألف نازح سوري شهرياً، وتوفير حياة كريمة لهم في بلادهم" على حد تعبيره.
خياران أحلاهما مر
وزعم شرف الدين في حديث لـ"الجزيرة" وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية أن حكومة ميليشيا أسد ستتحمل تكلفة إعادة النازحين السوريين، وتضمن حماية وأمن العائدين.
وأضاف أن لدى لبنان قوائم بأسماء المطلوبين أمنياً المعارضين لميليشيا حكومة أسد، حيث يتم بحث وضعهم الاستثنائي.
ووضع الوزير معارضي الأسد أمام خيارين أحلاهما مر وتابع قائلاً: "نترك للمطلوبين أمنياً الخيار إما بكتابة تعهد بعدم الإضرار بالدولة السورية، أو الترحيل إلى دولة ثالثة".
4 إجراءات سيتخذها أسد
والشهر الماضي، تحدث شرف الدين عن زيارته إلى سوريا، أواخر أبريل/ نيسان الماضي، وكشف فيها عن إجراءات سيتّخذها أسد لإعادة اللاجئين، حسب قوله، وهي: “إصدار مراسيم العفو، تأجيل خدمة العلم لمدة ستة أشهر، استخراج الوثائق المفقودة، وتسجيل الولادات الجديدة”.
وأشار الوزير اللبناني إلى وجود "خطة للترحيل على مراحل شهرية"، مبيناً أنّ "ذلك سيكون على قاعدة إحصاء جغرافي للنازحين"، مذكراً بصدور "قرار حكومي رسمي لمتابعة الموضوع مع الجهات المعنية".
فيما كشف حينئذ رئيس الوزراء اللبناني (نجيب ميقاتي) في تصريح تلفزيوني له، أن بلاده باتت تجهز لخطة ترحيل لشريحة واسعة من السوريين، مشيراً إلى أن الفئة الوحيدة التي ستبقى في لبنان هي تلك التي تملك تصريحات إقامة سياحية أو عمل.
وقال "ميقاتي" في لقائه على شاشة التلفزيون العربي، إن موضوع ترحيل أي لاجئ سوري لا يملك تصريح إقامة أو تصريح عمل مطروح على الطاولة، وإن حكومته قد تجد نفسها مضطرة لتنفيذه"، عازياً ذلك لما أسماه (الأزمة التي يعيشها لبنان)، وأن بلاده لا تستطيع الانتظار حتى تهدأ الأوضاع في سوريا من أجل إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وأضاف: "بما يتوافق مع القوانين والمعاهدات الدولية بهذا الصدد"، لافتاً في الوقت نفسه لإمكانية عودة السوريين في الوقت الحالي إلى بلادهم بعدما أسماها (مراسيم العفو) التي لم تكن سوى (مسرحيات) أصدرها من كان سبباً في قتلهم وتهجيرهم.
السوريون في لبنان
وطالب لبنان في الشهر ذاته، بدعم بلغ 3.2 مليار دولار من أجل معالجة (تداعيات أزمة اللاجئين السوريين)، في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أنه تم تقديم حوالي 9 مليارات دولار كمساعدات من خلال (خطة لبنان للاستجابة لمواجهة أزمة اللاجئين) منذ عام 2015 وحتى اللحظة، فيما حذرت جماعات حقوقية من بينها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، من الإعادة القسرية إلى سوريا، إذ وثقتا حالات اعتقال وتعذيب واختفاء ارتكبتها حكومة ميليشيا أسد بحق عائدين.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان 1.5 مليون تقريباً، نحو 900 ألف منهم مسجّلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويعاني معظمهم أوضاعاً معيشية صعبة، خاصةً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية اللبنانية من جهة والعالمية من جهةٍ ثانية.
التعليقات (5)