ليست المرة الأولى.. تزييف للتاريخ وتقرير مضلِّل جديد لمراسل "فرانس برس" في دمشق

ليست المرة الأولى.. تزييف للتاريخ وتقرير مضلِّل جديد لمراسل "فرانس برس" في دمشق

أثار تقرير وكالة فرانس برس الفرنسية حول الفيلم الصيني الذي تشهد دمشق تصويره، جدلاً كبيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا بسبب ارتباطه بالنجم العالمي جاكي شان فقط، بل لاحتوائه على العديد من المعلومات المضلِّلة حول وضع المنطقة وما شهدته من أهوال كان المتسبّب الأول فيها هو بشار الأسد وجيشه.

وجاء في تغريدة حساب الوكالة عبر تويتر، قدّمت من خلالها للتقرير، أن "مدينة أشباح منذ العام 2018 وعملية لطرد الجهاديين.. عادت الحجر الأسود الواقعة بقرب العاصمة دمشق إلى الحياة كموقع تصوير فيلم ينتجه جاكي تشان".

وحظيت التغريدة، إلى جانب التفاصيل المتعلقة التي وردت في الخبر، بكمٍّ كبير من الاستهجان والانتقاد، من قبل صحفيين وناشطين سوريين وغير سوريين، أعادوا تغريدها وعلّقوا على ما ورد فيها، وكان أبرزهم الصحفي المعروف إدريس أحمد (نيولاينز مغازين - غارديان - فورين بوليسي - واشنطن بوست) الذي وجّه خطابه لفرانس برس قائلاً: "طرد الجهاديين؟ هذا ما تظنّون أن بشار الأسد كان يفعله في تلك المنطقة أيها الحثالة الجهلة العنصريون؟ أياً كان كاتب هذا التقرير فهو عار على مهنة الصحافة ويجب طرده على الفور".

وقال حساب يحمل اسم الياس، معلقاً على عنوان التقرير: "ما هو نوع المحرر الذي يعتبر (flush out Jihadis/ طرد) عنواناً رئيسياً معقولاً.. كتب في العنوان (معقل سابق لداعش) ثم كتب في النص منطقة كان داعش يسيطر عليها جزئياً!.. اطردوا محرركم من عمله".

و "طرد" ليست الترجمة الوحيدة لـ "flush out" إذ إن هذا التعبير يُستخدم أيضاً للإشارة إلى إهراق الماء في الحمام بعد تلبية نداء الطبيعة.

وقال معلّق ثالث، إن نصف المنطقة كان تحت سيطرة الجيش الحر، وقد تم التوصل لاتفاق لإخراجهم منها، في حين كان القسم الآخر تحت سيطرة داعش الذي قاتل لأشهر ثم سُمح له بمغادرة المنطقة، ليقوموا بعد ذلك بمهاجمة الدروز واحتجاز رهائن، ليصحّح له معلق آخر بالقول: "لم يُسمح لهم بالمغادرة بل إنهم نُقلوا من قبل النظام لمناطق الدروز".

وجاء في التقرير أن الحجر الأسود كانت يوماً ما منطقة مكتظة بالسكان ثم أصبحت من النقاط الساخنة الرئيسية "في الحرب الأهلية السورية التي اندلعت عام 2011، وسيطر تنظيم داعش عليها جزئياً في وقت ما، وكانت استعادة قوات موالية للحكومة السيطرة عليها وعلى مخيم اليرموك في أيار من العام 2018، اللحظة التي أصبحت فيها دمشق تحت سيطرة النظام بالكامل مجدداً".

وأضافت الوكالة: "دُمّرت مناطق في الحجر الأسود بالكامل، وتحوّل الحي لكتلة من الأبنية الرمادية المدمَّرة، وقد عاد عدد قليل من السكان إلى الأجزاء الأقل تضرراً، فيما بقيت الأجزاء الأخرى غير مأهولة".

ولم تُشِر الوكالة إلى السبب الذي أدّى لتسوية تلك المناطق بالأرض، وتحويل المباني إلى أنقاض، وعوضاً عن ذلك ذكرت أن "مجموعة من العقوبات الدولية تستهدف سوريا، كما تنتشر فيها مخلَّفات الحرب غير المتفجرة، ما جعلها العام الماضي البلد الأكثر فتكاً فيما يتعلق بالألغام الأرضية المنتشرة فيها".

قصة الحجر الأسود

كغيرها من المناطق السورية، شارك أهالي الحجر الأسود في الثورة، وخرج أبناء المنطقة، التي يقول ناشطون إنها المنطقة التي تُعدّ واحدة من أكبر تجمعات أبناء الجولان المحتل في دمشق وريفها، في مظاهرات وتعرّضوا للاعتقال والقمع ولاحقاً للقصف والتهجير، حيث يعيش عدد من سكانها حالياً في بعض مخيمات الشمال السوري.

وكانت المنطقة من أوائل المناطق الدمشقية التي خرجت من سيطرة النظام تحت ضغط المتظاهرين ثم المقاتلين المحليين الذين شكّلوا فصائل جيش حرّ، ثم تمكن تنظيم داعش من السيطرة على أجزاء واسعة من جنوب دمشق، كان الحجر الأسود ضمنها، أواخر العام 2014، وبقيت المنطقة جبهة هادئة، إلى حد بعيد، بين الطرفين لسنوات، الأمر الذي تكرر في مناطق أخرى كحلب ودير الزور.

وبحجة محاربة داعش أكمل جيش النظام ما بدأه من عملية تدمير للمدينة عبر قصف ممنهج انتهى بإبرام اتفاق مثير للجدل مع تنظيم داعش، لم تُعرف تفاصيله الكاملة حتى اليوم.

وفي تقرير لها نُشر في العشرين من أيار من العام 2018، قالت وكالة فرانس برس إن "عملية إجلاء عناصر داعش من معقله الأخير في جنوب دمشق إلى البادية السورية بدأت إثر اتفاق تم التوصل اليه بعد أسابيع من المعارك العنيفة ولم تؤكده السلطات السورية".

وأضافت: "غادرت أول قافلة تضمّ عناصر من التنظيم وأفراداً من عائلاتهم بعد أن دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ السبت، إثر حملة عسكرية واسعة برّية وجوّية بدأها النظام قبل نحو شهر استهدفت حي الحجر الأسود الخاضع لتنظيم الدولة الإسلامية في جنوب العاصمة".

ونقلت حافلاتٌ جهاديي التنظيم وعائلاتهم نحو البادية السورية، في الوقت الذي زعم فيه الإعلام النظامي أن “الجيش اقتحم نقاط داعش بالتزامن مع إسناد جوي وسيطرة على المنطقة”.

وعلّقت الوكالة حينها بالقول: "قد تثير عملية الإجلاء موجة من الانتقادات كتلك التي أثارها توصّل حزب الله إلى اتفاق مع التنظيم، يقضي بانسحاب عناصره من نقاط وجوده في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا باتجاه محافظة دير الزور السورية".

وبعد هذا الإجلاء بأسابيع، شن التنظيم هجمات على 8 قرى متاخمة لبادية السويداء واحتجز عدداً من الرهائن، وذكرت المصادر الرسمية في المحافظة أن الهجمات تسببت في مقتل وإصابة المئات.

وألقى ناشطون في السويداء اللوم على النظام بعد ما حدث، مشيرين إلى أنه يهدف إلى معاقبة السويداء التي حاولت تحييد نفسها عما تشهده البلاد، ورفض مشايخها وأعيانها إرسال أبناء المحافظة للخدمة في الجيش النظامي، وإجبارها على حلّ قواتها المحلية (رجال الكرامة)، كما أكدوا أنه نقل مقاتلي داعش من الجنوب الدمشقي إلى منطقة الأشرفية والعورة التي تبعد أقل من 10 كيلومترات عن السويداء، ثم سحب خلال شهر جزءاً كبيراً من قواته من بادية السويداء إلى محيط ريف درعا الشرقي. 

دمار وتعفيش واستثمار

رغم مرور سنوات على سيطرة النظام عليها، بقيت منطقة الحجر الأسود ممنوعة على أبنائها، ولم يُسمح إلا بعودة القليل منهم مع وضع الكثير من العقبات والعراقيل أمامهم. 

وبعد تدميرها، واصلت قوات النظام (الفرقة الرابعة) نهبها للمنطقة، وعفّشت أبنيتها ثم أفرغتها من الحديد بعد تفجير ما لم يُدمَّر منها، ليتبيّن أن التدمير الممنهج كان هدفه إعادة تأهيل المنطقة بمخطط جديد عن طريق مستثمرين مدعومين من إيران وروسيا اتفقوا على تقاسم كعكة المدينة، وفق ما أكدته شبكة "صوت العاصمة" المحلية.

وبحسب ما ذكرت الشبكة فإن ورشات الفرقة الرابعة المختصة بعمليات الترحيل والتعفيش جمعت أطناناً من الحديد والألمنيوم تمهيداً لنقلها لمصانع رجل الأعمال محمد حمشو، المسؤول الأول عن عمليات ترحيل أنقاض المناطق المدمَّرة بريف دمشق.

وما زالت عمليات تعفيش المنطقة مستمرة، حيث ذكر المصدر ذاته في آذار الماضي أن قوات الدفاع الوطني أرسلت مجموعتين تابعتين لها لمواصلة عمليات تعفيش المنازل والممتلكات.

وطالت العمليات التمديدات الكهربائية والأخشاب والنوافذ والأبواب المدمرة، إضافة لبعض الأثاث المتبقي في المنازل.

وفي حزيران الماضي أصيب 3 أفراد من عصابة تعفيش خلال شجار نشب بينهم وبين أصحاب منازل عادوا إلى المنطقة. 

كاتب التقرير من أصحاب السوابق

لا يُقصد من هذا العنوان الفرعي أن الكاتب ممن ارتكبوا جرائم على أرض الواقع، وإن كانت سوابقه الإعلامية لا تقل إيذاء عن الجرائم الحقيقية.

ترأّس التقرير اسم ماهر المؤنس، وهو صحفي من دمشق، عمل لسنوات مراسلاً للوكالة الفرنسية، بالإضافة لعمله كمراسل لواحدة من أشهر الإذاعات المخابراتية الموالية.

ولا يُعد هذا التقرير الأول الذي يمرّر فيه المؤنس معلومات مضللة، حيث سبق له أن تجاهل مئات الغارات الجوية التي شنتها طائرات بشار الأسد وبوتين، وتسببت باستشهاد وإصابة العشرات من المدنيين في مدينة تدمر، وقال إنها خالية لأن التنظيم أجبر سكانها على مغادرتها.

وقال المؤنس لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في آذار من العام 2016، إن تدمر مدينة أشباح، وأشارت الإذاعة إلى أنه من أوائل الصحفيين الذين دخلوا المدينة بعد سيطرة الميليشيات النظامية عليها.

وأضاف: "من الواضح أن مسلحي التنظيم أجبروا سكان المدينة على مغادرتها معهم إلى معاقلهم في الرقة ودير الزور".

وخلال الأشهر الثلاثة التي سبقت ذلك التصريح، شنت طائرات النظام وروسيا عشرات الغارات الجوية على مدينة تدمر، وقالت تنسيقية المدينة إن مئات الغارات استهدفتها خلال وقت قصير.

واستهدفت الغارات مركز تدمر، ودمرت نحو 70% منها، وفق تأكيدات "ناصر الثائر" عضو التنسيقية، وكانت المدينة قد أصبحت شبه خالية نتيجة القصف العنيف والمكثف، قبل سيطرة ميليشيات النظام التي تألفت من عناصر أفغان وإيرانيين ولبنانيين، عليها.

وفي مثال آخر عن التضليل الذي يمارسه المؤنس، جاء في معرض حديث فرانس برس عن اعتصام قامت به شخصيات مما يُطلق عليها اسم "المعارضة الوطنية" أمام مجلس الشعب احتجاجاً على قرار زيادة أسعار المحروقات (حزيران 2016)، أن "دمشق لم تشهد منذ الاحتجاجات السلمية في العام 2011 ضد الحكومة أي تحركات مطلبية، بل اقتصر الأمر على تظاهرات داعمة للنظام مع تصاعد حدة النزاع الدائر في البلاد".

وأغفلت فرانس برس بسياقها ذاك، عشرات المظاهرات السلمية التي خرجت في العاصمة دمشق في العامين التاليين، والتي استُشهد فيها الكثير من المدنيين على يد عناصر ميليشيات النظام.

وسارت الوكالة الفرنسية بذلك -عبر مراسلها- خلف وسائل إعلام النظام التي دأبت على التأكيد أن العاصمة دمشق (دون الضواحي أو ريف دمشق)، لم تخرج بها أية مظاهرات ضد النظام، ولم تشارك في أي حراك، علماً أن السوريين في قلب العاصمة كانوا من أوائل الثائرين على نظام بشار الأسد، وكانوا من أوائل من قدم الشهداء الذين طالتهم نيران عناصر جيش وأمن بشار الأسد.

التعليقات (6)

    المجرم دمر وطن

    ·منذ سنة 9 أشهر
    المجرم والغرب الساقط المتعامل معه دمروا بلد وقتلوا وهجروا شعب ليصنعوا استديوا دخل التاريخ من أوسع ابوابه لأنه ما في طاغية بالتاريخ عمل هيك مبرووك للمجرمين والقتلة صار عندكن استديوا افلام

    ععع

    ·منذ سنة 9 أشهر
    فهمنا صرعتو طيزنا بجاكي شان والفيلم والخرى ... تضربو انتو و جاكي شان و الفيلم و معكن بشار ...

    أبو هيثم

    ·منذ سنة 9 أشهر
    الكل يريد أن يستفيد من سورية بعدة أشكال. تارة اختبار صواريخ وتقنيات عسكرية جديدة كما فعلت روسيا. وتارة أخرى بإستخدام الأرض المحروسة كخلفيات لمشاهد تصويرية لإنتاج فيلم سينمائي هابط. الكل يلتف حول سورية للصالح شخصية بينما المواطن السوري يصرخ من الجوع والقهر.. لا أحد يكترث للانسان المعذب بسوريا، الكل تخلى عن سورية وأهلها.

    معتصم الزهبي

    ·منذ سنة 9 أشهر
    كانت الخجر الاسود لعشرات السنين منطقة هادئة قبل ان يتسلل لها الارهابيين والمجرمين الطائفيين والتهاون مع اخونجية قطر والعصملي وبتمويل منهم حولو المنطقة بمقر عمليات ارهابية وقام الجيش العربي السوري الباسل بالقضاء هليهم وسحقهم ونتيجة وجود الارهابيين كان تحول الحجر لما ترون لعن الله الخونة لاوطانهم ايمما وجدوا واينما كانوا والنصر للجيش العربي السوري المغوار

    قاهرهم

    ·منذ سنة 9 أشهر
    بس كان بالحجر الاسود داعش ..وكل العالم بتعرف انو كان في داعش الا انتو ..المهم تحكوا..فقدتوا مصداقيتكم ..وأصبح الكذب شعاركم ..مواطن من الحجر الاسود

    سوري حتى العظم

    ·منذ سنة 9 أشهر
    لعن الله النصيريين أنجس خلق الأرض هجروا و قتلوا و ذبحوا و اغتصبوا و سرقوا و نهبوا و عفشوا و لم يكتفوا بذلك بل يريدون أن يتربحوا من تصوير فيلم على أنقاض بيوت الشعب المسكين المهدمة على رؤوس ساكنيها !!
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات