رحيل داوود جلاجل: نجم الدراما البدوية الأردنية الذي انطلق من المسرح الجامعي السوري

رحيل داوود جلاجل: نجم الدراما البدوية الأردنية الذي انطلق من المسرح الجامعي السوري

عن عمر يناهز الخامسة وسبعين عاماً، رحل في أحد مشافي عمان مساء أمس التاسع من آب أغسطس، الفنان الأردني/ الفلسطيني، داوود جلاجل متأثرا بإصابته بمرض رئوي. جلاجل هو أحد الوجوه التمثيلية البارزة في الدراما الأردنية منذ سبعينات القرن العشرين، وواحد من الفنانين الذين رسخوا حضور هذه الدراما عربيا. 

المسرح الجامعي والتجارب مع مخرجين سوريين 

ولد جلاجل في الثاني من شباط/ فبراير في قرية سلوان بالقدس المحتلة عام 1947، قبل أن تنتقل العائلة لتقيم في عمان.. انتسب إلى كلية الحقوق بجامعة دمشق في ستينات القرن العشرين، وبدأ مسيرته الفنية من خلال مشاركاته مع المسرح الجامعي في سوريا عام 1968 التي نالت حيزاً كبيراً من زمن البدايات، حيث بقي داوود جلاجل مقيماً في دمشق حتى عام 1974 حين قرر العودة إلى عمان. 

وعمل داوود جلاجل في سبعينيات القرن العشرين مع عدد من المخرجين السوريين، كالمخرج شكيب غنام في مسلسل (دليلة والزيبق) الذي كتبه السوري عبد العزيز هلال ولعب بطولته منى واصف وهاني الروماني وحسن أبو شعيرة وأنتجه التلفزيون الأردني عام 1975، والمخرج علاء الدين كوكش الذي أوكل له دوراً هاماً في أول مسلسل بدوي يصور بالكامل في الصحراء وهو مسلسل (رأس غليص) الذي لعب بطولته عبد الرحمن آل رشي وأنتج وصور في دبي عام 1976 وحقق شهرة واسعة لممثليه في منطقة الخليج العربي آنذاك. ناهيك عن مشاركاته مع المخرج نجدة إسماعيل أنزور في مسلسلات متفاوتة القيمة كـ (أصايل) و(الكف والمخرز) في تسعينات القرن العشرين، حين كان نجدت يقيم في الأردن فاراً من أداء خدمة العلم في سورية، قبل أن يعود بوساطة من أيمن زيدان ونجل عبد الحليم خدام ليخرج نهاية رجل شجاع عام 1993.

نجم الدراما البدوية المستعادة

وقد استمر داوود جلاجل ممثلاً أساسيّ الحضور في الدراما البدوية التي دأبت الدراما الأردنية على إنتاجها بكثافة، كما في مسلسلات (جلوة راكان) تأليف السوري أديب السيد، وإخراج عروة زريقات (1983) و(الصقر) تأليف السوري خالد حمدي وإخراج الأردني سعود فياض (1984) و(رمال لا تموت) تأليف حسن أبو شعيرة وإخراج هايل العلجوني (1985) و(ابن حران) من تأليف السوري خالد حمدي وإخراج حسن أبو شعيرة (1989) و(الخاتم) من تأليف عمر العلي وإخراج فراس المجالي، قبل أن يحظر الإنتاج الأردني في الخليج أواخر العام 1990 بسبب موقف الأردن السياسي المؤيد للعراق في غزو الكويت، ما أصاب الدراما الأردنية البدوية بالشلل، وخلق حالة من الكساد لدى ممثلي الدراما الأردنية.. لكن هذه الدراما التي تم وأدها لأكثر من عقد من الزمن، استطاعت أن تنهض في مطلع القرن الحادي والعشرين، عبر أعمال أعادتها إلى الساحة من قبيل (نمر بن عدوان) الذي عرضته أم بي سي عام 2007 و(رأس غليص) في نسخته الجديدة الذي شارك فيه داوود جلاجل أيضا (2008) ومسلسل (مخاوي الديب) الذي عرض عام 2009، وصولاً إلى أعماله الأخيرة: (نوف) 2018، (رياح السموم) 2020، (جلمود الصحارى) 2021 (هند) 2021، (ذياب هباب الريح) 2022

مشاركات وفيرة في الدراما التاريخية 

إلى جانب الأعمال البدوية كان لداوود جلاجل حضور أصيل منذ ثمانينات القرن العشرين في العديد من الأعمال التاريخية مثل: (سيف الله المسلول) عن القائد العسكري الفذ خالد بن الوليد بنسخته الأردنية المصرية، التي أنتجت عام 1981 في مسلسل كتبه الأردني هشام يانس، وأخرجه أنطوان ريمي، وجسد فيه عزت العلايلي دور خالد بن الوليد، ومسلسل (طرفة بن عبد العبد) بنسخته الأردنية التي كتبها وليد سيف وأخرجها صلاح أبو هنود وأنتج عام 1982 وصولاً إلى مشاركاته الأخيرة في زمن الإنتاجات التاريخية الضخمة (أبو جعفر المنصور) عام 2008 مع المخرج التونسي الراحل شوقي الماجري، والذي أدى فيه دور أبو حنيفة النعمان، ومسلسل (مالك بن الريب) من تأليف صالح الشورة وجمال أبو حمدان، وإخراج محمد لطفي وإنتاج عام 2016 حيث أدى فيه دور الشاعر النجدي النابغة الجعدي

كوميديا السذاجة ومحو الأمية  

وقدم جلاجل أعمالاً اجتماعية وبدوية وتاريخية وأعمالاً موجهة للأطفال، كما شارك في مسلسلات عربية وأحيانا كوميدية، إنما بمواصفات الكوميديا الأردنية التي تنوس بين تصنع السذاجة والمكر.. في أعمال مثل (معقول يا ناس) مع المخرج عزمي مصطفى عام 1985 ومن قبل مسلسل (العلم نور) الذي أنتجه التلفزيون الأردني عام 1984 وقدم كوميديا عن حالة محو الأمية في فصل يضم رجالا كبار السن يعيشون مفارقات كوميدية لا تنتهي.. وكان داوود جلاجل في هذه الكوميديا هو واحد من الممثلين الأكثر ظرفا وعفوية، في عمل لم يخل أداء بعض الممثلين فيه من تكلف وتظارف..  فضلاً عن مسلسل (حارة أبو عواد) التي حل ضيف شرف على بعض أجزائها في التسعينات.  

لقد كان داوود جلاجل الذي قدم أكثر من 200 عمل فني ما بين مسرحيات وأعمال تلفزيونية وبرامج أطفال، فناناً لم يعبر عن حضوره إلا من خلال أدواره التمثيلية وإخلاصه لفنه.. لم يدخل يوماً في مهاترات الحوارات الفنية أو التلفزيونية، ولم يكن في يوم من الأيام نجم فضائح أو مشاجرات.. وقد عبر عن عشقه لفنه بذلك الذوبان التلقائي بالشخصية.. وبتلك المرونة في التنقل بين الحالات التعبيرية، مجسدا في أدواره أقصى حالات الطيبة حيناً، وأشد حالات الدهاء والمكر البدوي أحياناً في أعمال بدوية باتت طقوس مشاهدتها المنفعلة بالمكائد والأحداث جزءاً من الماضي! 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات