سكان بيوت "الطوب" التركية: جدران آيلة للسقوط وغرف ضيقة والبعض فضّل الخيام (صور)

سكان بيوت "الطوب" التركية: جدران آيلة للسقوط وغرف ضيقة والبعض فضّل الخيام (صور)

يحاول مصطفى السليمان (42عاماً) وهو نازح مقيم في مخيمات مشهد روحين قرب الحدود السورية التركية، التأقلم مع سكنه الجديد في إحدى المشاريع السكنية التي تُشرف عليها المنظمات التركية في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.

وتواجه عائلة مصطفى المؤلفة من ثمانية أشخاص مشكلات عديدة في سكنهم الجديد، نتيجة ضيق الكتلة الإسمنتية أو بيوت “الطوب” كما يسميها الأتراك، المقدمة لهم، والتي لا تتجاوز مساحتها 30 متراً مربعاً، حيث يضطر بعضهم للنوم في العراء خارج المنزل لتعذُّر بقائهم داخله ليلاً.

يقول مصطفى السليمان لأورينت نت، إن عائلته الكبيرة تحتاج إلى منزل إضافي حتى يتمكنوا من تدبر أمورهم والسكن ضمن نطاق وصفه "بالمقبول نوعاً ما"، إذ إنّ المنزل الإسمنتي الذي قدمته له المنظمات التركية لا يكفي لترتيب أمتعته وأثاث سكنه، حتى يمكّنهم من العيش جميعاً ضمن مساحة لا تتجاوز 28 متراً مربعاً.

وأضاف أن المنزل يحتوي على غرفتين لا تتجاوز مساحة الواحدة 7.5 متر مربع، وهو مجال سكن لا يتناسب مع عائلة مؤلفة من أربعة أشخاص مقارنة مع عائلته الكبيرة.

ولا يُخفي مصطفى نيته للعودة والسكن في الخيام القماشية في حال استمر الحال على ما هو عليه، خاصة بعد أن باءت جميع محاولاته بتأمين منزل آخر لعائلته بالفشل، مشيراً إلى أنهم كانوا يقطنون ضمن ثلاثة خيام كبيرة تؤمن لهم بيئة سكن أفضل.

ويشكو نازحون مقيمون ضمن المشاريع السكنية التي أشرفت عليها المنظمات والمؤسسات التركية من رداءة هذه المنازل وعدم صلاحيتها للسكن، نتيجة افتقارها لأدنى مقومات الدقة في العمل المعماري والهندسي.

صلح لحالك .. والتكلفة باهظة

" منتمنى ما يجينا الشتاء".. بهذه الكلمات تلخص رويدة الحميدو (35عاماً) وهي نازحة مقيمة في إحدى المشاريع السكنية التركية بالقرب من بلدة قاح شمال إدلب، معاناتها بالسكن في منزلها الذي لا يقيها من المنخفضات الShow Placeجوية والأمطار شأنه شأن الخيام.

تقول رويدة إن مياه الأمطار تتسرب باستمرار إلى داخل المنزل عبر سقف وجدران المنزل الذي تقطنه، ما يؤدي لتضرر أثاث المنزل ومفروشاته التي سرعان ما تتعفن نتيجة الرطوبة العالية الناتجة عن الأمطار، بالإضافة لتسببها بمشاكل صحية كبيرة لأطفالها المصابين بالربو.

وأضافت أن العاملين في مجال البناء قدّروا مبلغاً يزيد عن 400 دولار أمريكي لترميم المنزل وإصلاحه وهو "ما لا طاقة لي به"، خاصة في ظل الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة التي تعيشها بعد وفاة زوجها العام الفائت، بحادث سير لتصبح المسؤولة الوحيدة عن أطفالها الأربعة، وتبقى دون سند أو معيل.

وأشارت إلى أنها أبلغت المسؤولين عن المخيم الذي تقطنه بضرورة إصلاح المنزل الذي لا يصلح للسكن في فصل الشتاء، إلا أن مناشداتها لم تلقَ آذاناً صاغية، ليأتيها الرد مؤخراً الذي كان مفاده " صلحي لحالك".

وبحسب إحصائية لفريق "منسقو استجابة سوريا" فإن أعداد المخيمات في مناطق سيطرة "المعارضة السورية" بلغت 1489 مخيماً، يعيش فيها قرابة مليون و512 ألف نسمة.

منازل آيلة للسقوط

وكاد رضوان العبد الله (35عاماً) وهو نازح مقيم بالقرب من مخيمات دير حسان شمال إدلب، يفقد حياته العام الماضي، إثر انهيار أحد جدران منزله الإسمنتي متأثراً بالعواصف الهوائية والرياح، ليُصاب بعدة كسور ورضوض شديدة تسببت له بصعوبة المشي وإعاقة دائمة.

يقول رضوان لأورينت نت، إنه ومنذ انتقاله للسكن في المخيم لاحظ هشاشة البناء وتصدُّعه نتيجة قلة مادة الإسمنت التي تعطي صلابة وقوة أكبر في مواجهة التغيرات المناخية وخاصة الأمطار والرياح والسيول.

ولكن مالم يتوقعه رضوان هو أن يبقى تحت أنقاض منزله لأكثر من عشرين دقيقة، إثر إنهيار أحد الجدران الخارجية عليه، بفعل قوة الرياح أثناء الحادثة "البائسة التي أعاقتني وحرمتني من الحركة والتنقل بسهولة ويسر".

وأضاف الشاب أن المخيم الذي يقطنه يفتقر إلى التصاميم الهندسية والمعمارية، خاصة في ظل انعدام الخصوصية للنازحين والسكان في هذه المنازل التي تواجه أبوابها ونوافذها بعضها البعض، مما يجعلها مكشوفة ومخالفة لنمط البناء المعروف لدى السوريين.

محمد البشير (38 عاماً) وهو عامل في مجال البناء يقول لأورينت نت، إن "معظم هذه المشاريع تكون تجارية وغير مطابقة للمواصفات المعتمدة في مجال البناء، وهو ما يبين ضعفها وغياب نجاعتها في مواجهة الشتاء والعواصف.

وأضاف أن نسبة البيتون والحديد في هذه المنازل تكون قليلة مقارنة بكميات الرمل والمواد الأخرى، مما يجعلها آيلة للسقوط والانهيار نتيجة عدم صلابتها بالشكل المطلوب، مما يدفع سكان هذه الكتل لترميمها على نفقاتهم الخاصة، خشية تعرضهم لمخاطر سقوطها عليهم وعلى أطفالهم، خاصة بعد أن تكررت حوادث سقوط الكتل الإسمنتية التي أشرفت على بنائها المنظمات التركية والفرق التطوعية.

 

وكان الرئيس التركي أعلن مطلع شهر أيار عن الخطوط العريضة لما أسماه مشروع "العودة الطوعية" لإعادة مليون سوري إلى بلادهم، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لن يتم طرد اللاجئين السوريين من بلاده.

وبعدها بأيام نشرت صحيفة صباح التركية، تفاصيل وخطوات المشروع الذي أطلقت عليه اسم (استقر، عش، اعمل)، مقسّمة إياه إلى مرحلتين تتضمن المرحلة الأولى بناء قرابة 100 ألف وحدة سكنية، بعد تطهير المنطقة من التنظيمات والميليشيات الإرهابية، وقد بدأ العمل فيها بالفعل وتمكّن قرابة 50 - 60 ألف لاجئ سوري من العودة والسكن فيها، على حد زعم الصحيفة.

وأما المرحلة الثانية فمن المقرر أن يتم فيها بناء وتجهيز قرابة 200 - 250 ألف وحدة سكنية، والتي تستوعب ما يقارب مليون لاجئ.

وبحسب الصحيفة؛ فإن عملية تمويل مشروع "العودة الطوعية" سيتوزع على عدة جهات بحيث توفر إدارة الموارد الطوارئ التركية خدمات البنية التحتية، أما تكلفة بناء المنازل فستوفرها المنظمات الدولية والصناديق والجمعيات الخيرية.

غير أن الصور والتقارير الواردة من الداخل السوري، تشير إلى ما تحدّث به كل من التقتهم أورينت في هذا التقرير، وهو أن المنازل التي تشرف على بنائها المنظمات التركية، سواء المعدة منها للعودة والطوعية أو تلك التي تم نقل النازحين من الخيام إليها، كلها تحمل المواصفات الرديئة نفسها من ضيق المساحة، وسوء المواد المستخدمة في البناء.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات